مصر مضطرة للاقتراض

عمار الطيبي

الاقتصاد المصري يعاني من أزمة قد تضطر الحكومة للاقتراض (الجزيرة)

عبد الحافظ الصاوي-القاهرة

اختلفت الصورة في مصر بشأن وضعها المالي، ففي مايو/أيار الماضي عزفت مصر عن عرض صندوق النقد الدولي بتقديم قرض بنحو 3.3 مليارات دولار، بينما تسعى حكومة رئيس الوزراء كمال الجنزوري الآن للقاء بعثة الصندوق التي تعززت عن تحديد موعد لزيارة مصر بحجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية.

يأتي ذلك بينما أُعلن أن زيارة البعثة قد تتم في يناير/كانون الثاني المقبل، وأنه من السابق لأوانه الحديث عن تقديم قروض لمصر، وذلك حسب ما جاء على لسان ممثلة الصندوق في القاهرة لوسائل الإعلام.

ولم تقف الحكومة المصرية مكتوفة الأيدي ولكنها طرقت باب مجموعة الثمانية الكبار، حيث التقى رئيس الوزراء سفراء هذه الدول في القاهرة وناقش معهم الوضع الاقتصادي لمصر وحاجتها لدعمهم الاقتصادي، كما استبطأ بعض المسؤولين المصريين المساعدات العربية التي وعدوا بها. فما وجهة نظر خبراء الاقتصاد المصريين تجاه مشكلة التمويل التي تعاني منها مصر في ظل هذه المعطيات السابقة؟

غنيم: لا مفر من لجوء مصر في الوقت الحالي إلى الاقتراض من الخارج (الجزيرة)
غنيم: لا مفر من لجوء مصر في الوقت الحالي إلى الاقتراض من الخارج (الجزيرة)

ضرورة
من جهته قال أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أحمد غنيم للجزيرة نت إنه "لا مفر من لجوء مصر في الوقت الحالي إلى الاقتراض من الخارج، ولا شك أن تكلفة الاقتراض في هذا التوقيت سوف تكون مرتفعة مقارنة بما كانت عليه الأوضاع في مايو/أيار الماضي، سواء من حيث شروط الاقتراض أو سعر الفائدة".


وشدد غنيم على أن الظروف السياسية السيئة التي تمر بها مصر ستكون ضد توجهات بعض الحكومات الأوروبية إذا ما فكرت في تقديم قروض لمصر، لأن شعوبها ستحاسبها على أنها تقدم قروضا لحكومة غير ديمقراطية أو غير منتخبة، كما أن المجلس العسكري تغيرت صورته في الغرب بعد أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء، ولن يكون أمام الحكومة المصرية إلا المؤسسات الدولية، التي ستعلي من سقف شروطها لتقديم قروض لمصر.


وعن وضع الدول العربية وإمكانية تقديمها الدعم المالي لمصر استبعد غنيم هذا الحل، وقال إن الأوضاع غير واضحة على الصعيد السياسي في مصر، وبالتالي الجميع يتخوف عن مصير المعونات أو القروض أو ضخ استثمارات.


أما الاستفادة من المصادر الداخلية في حل أزمة التمويل، فيرى غنيم أنها لا تصلح نهائيا، ويصف غنيم الصناديق الخاصة بأنها محدودة الموارد مقارنة باحتياجات مصر التمويلية في الظروف الحالية، مبينا أن حجم انخفاض الاحتياطي الأجنبي في مصر بلغ 15 مليار دولار على مدار العام، كما أن حجم العجز في الموازنة العامة بلغ 180 مليار جنيه أي 30 مليار دولار، وبالتالي فأي حلول محلية سوف تكون محدودة الأثر في ظل تصاعد المطالب الشعبية بارتفاع الرواتب واستجابة الحكومة بتوفير وظائف جديدة بالجهاز الحكومي.


ويركز غنيم على أن البديل الوحيد هو العمل بجد على استقرار الأوضاع السياسية والأمنية ثم اللجوء للاقتراض الخارجي عبر المؤسسات الدولية وإن كانت التكلفة مرتفعة فليس هناك بديل آخر متاح.


منصور: من الضروري ترتيب البيت من الداخلي واتباع سياسة تقشفية حقيقية (الجزيرة)
منصور: من الضروري ترتيب البيت من الداخلي واتباع سياسة تقشفية حقيقية (الجزيرة)

ترتيب
ويتفق أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر محمود منصور مع غنيم في صعوبة الأوضاع التي تحيط بمصر في مسألة إمكانية حصولها على قروض خارجية، كما عاب على الدعم العربي السلبي الذي قدم في مصر، حيث "لعب هذا الدعم دورا في اختلال موازين القوى السياسية على الساحة المصرية". بينما على الصعيد الاقتصادي والحكومي فيرى منصور أن الدعم العربي لم ير له أثرا بعد.


ولكن منصور يطالب بضرورة ترتيب البيت من الداخل واتباع سياسة تقشفية حقيقية، ومواجهة الفساد في الجهاز الحكومي ووقف الرواتب غير المنطقية خاصة في البنوك العامة، وكذلك الصناديق الخاصة، وضرورة اتسام الأداء الاقتصادي بالشفافية، فمن غير المقبول ما نشر عن تقديم القوات المسلحة مليار دولار للموازنة العامة، فمن يقرض من؟


وشجع منصور مبادرة أحد المصريين العاملين بالخارج الداعية إلى تحويل كل مصري مغترب ألف دولار على حسابه الشخصي على أن يكون ذلك مقابل صك من الحكومة، وهو ما يوفر 6–7 مليارات دولار لمصر بعيدا على الشروط والإملاءات التي سوف تفرضها المؤسسات الدولية على مصر.

وعن نجاعة حزمة مقترحاته الخاصة بالداخل في حل الأزمة التمويلية لمصر، قال منصور إن "الأمر لن يستغرق أكثر من سنة وتخرج مصر من أزمتها التمويلية شريطة الالتزام بعودة الاستقرار السياسي والأمني المصاحب لهذه المقترحات".

المصدر : الجزيرة

إعلان