ارتفاع الأسعار يفاقم معاناة السودانيين

أسامة سيد أحمد

أسعار المواد الاستهلاكية سجلت ارتفاعا حادا في السودان (الجزيرة نت)

هشام عبد القادر-الخرطوم

لم يفق الشعب السوداني من صدمة اتجاه جزء من دولته للانفصال وتكوين دولة جديدة بداعي التهميش حينا وعدم العدالة أحيانا، حتى عاجلته حكومة الخرطوم بقرارات زيادة في كافة السلع الضرورية والكمالية مما أدى إلى كثير من التبرم والتململ وسط الشارع العام.

ففي وقت يتحدث فيه مسؤولون حكوميون عن تقدير المواطنين لما تمر به البلاد من أزمة غير منظورة فرضت زيادة أسعار السلع الاستهلاكية وأججت نيران السوق، عزا مواطنون وخبراء اقتصاد الأزمة لكثير من السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة.

فبائعة الشاي نصرة محمد ترى أن زيادة الأسعار تسببت في هجرة زبائنها، وتؤكد أن الشخص الذي كان يتناول خمسة أكواب من الشاي في اليوم أضحى يتناول كوبين بسبب زيادة سعر الكوب من خمسين قرشا (نصف جنيه) إلى جنيه.

وطالبت نصرة في حديث للجزيرة نت، الحكومة بالضغط على التجار لخفض الأسعار أو العمل على مساعدة بائعات الشاي بتوفير بعض المواد التموينية، مشيرة إلى أن عائدها اليومي من العمل أصبح لا يفي بتكاليف إعالة أسرتها.

بائعة شاي: زيادة الأسعار تسببت في هجرة  الزبائن (الجزيرة نت)
بائعة شاي: زيادة الأسعار تسببت في هجرة  الزبائن (الجزيرة نت)

استياء
وبدا محمد أحمد سعد الدين وهو يعمل في مجال المنسوجات (خياطا) وتصنيع الستائر والديكور وسط العاصمة الخرطوم مستاء من الوضع الراهن في السودان، بحسب قوله.

ويرى في حديثه للجزيرة نت أن الزيادة في الأسعار شيء لا يحتمل، مضيفا "لو كنت مسؤولا لشنقت نفسي بدلا من تعذيب خلق الله صباح مساء".

وأكد أن كافة الأسر السودانية باتت تعاني من هذه الزيادات في ظل محدودية الدخل "خاصة أن معظم أبناء الأسر السودانية يعانون من البطالة".

غير أن نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع قال إن المعالجات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة الأزمة الاقتصادية معلومة، والحكومة تخاطب مواطنيها بصراحة وسوف تستمر في هذا النهج.

وأضاف في تصريحات صحفية "أهل السودان متفهمون جدا للآثار الاقتصادية العالمية والمحلية وتأثيرها المحلي والعالمي".

محمد الناير: التجار استغلوا قرار الدولة برفع أسعار المحروقات بأسوأ طريقة (الجزيرة نت)
محمد الناير: التجار استغلوا قرار الدولة برفع أسعار المحروقات بأسوأ طريقة (الجزيرة نت)

استغلال
من جانبه توقع المحلل الاقتصادي محمد الناير محافظة الأسعار على معدلاتها الحالية المرتفعة، مع احتمال تراجعها ولكن بشكل طفيف، مشيرا إلى أنها لم تكن مبررة منذ بدايتها.

ولفت إلى أن الأسعار ارتفعت لمعدلات غير حقيقية نتيجة لقرار الحكومة برفع أسعار المحروقات البترولية.

واتهم في حديث للجزيرة نت التجار بأنهم استغلوا قرار الدولة بأسوأ مما كانت تتوقع الحكومة، بل زادوا أسعار السلع بطريقة غير مدروسة.

وأضاف أن حالة الخوف من تداعيات الاستفتاء وترجيح اختيار الجنوبيين للانفصال خلقت ندرة في بعض المواد والسلع الرئيسية مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

أما الخبير الاقتصادي كمال عبد الكريم ميرغني فأشار إلى تحكم بعض السياسيات الاقتصادية الخاطئة في مؤشرات الاقتصاد السوداني والسوق المحلي، ولم يستبعد ارتفاعا جديدا للأسعار في ظل تراجع الصادرات السودانية بشكل ملحوظ.

وقال للجزيرة نت، إن استقرار سعر صرف العملة المحلية "ربما يساهم في معالجة بعض الاختلالات المتكررة".

وأشار إلى أن الحكومة السودانية بحاجة إلى اتفاقيات جديدة مع الصناديق الدولية وبعض الدول للمساهمة في معالجة مجمل مشكلات الاقتصاد السوداني ومن ثم معالجة مشكلة ارتفاع الأسعار "التي جاءت نتيجة لسياسات لم تكن قادرة على مجاراة الواقع الدولي أو المحلي".

المصدر : الجزيرة