بيع السندات يصعّب وضع أميركا المالي

REUTERS/ An employee of the Korea Exchange Bank works next to stacks of one hundred dollar notes at the bank's headquarters in Seoul February 24, 2009. Asian shares fell on Tuesday, with Japan's Nikkei flirting with a 26-year low, as concerns grew about the global financial system, while

الدولار العملة الرئيسية للاحتياطي في العالم، يساعد أميركا في التغلب على الأزمة (رويترز)

 

شهدت الأسواق خلال اليومين الماضيين أكبر عملية للتخلص من سندات الخزانة الأميركية منذ انهيار بنك ليمان براذرز الذي مثل ذروة الأزمة المالية في سبتمبر/أيلول 2008.

 

وجاءت موجة البيع هذه بعد أن شهد الشهر الماضي ارتفاعا كبيرا في أسعار الفائدة على قروض الحكومات الغربية.

 

وقالت صحيفة فايننشال تايمز إن أسعار الفائدة على سندات ألمانيا واليابان والولايات المتحدة ارتفعت بأكثر من الربع في الشهر الماضي وارتفعت بمقدار الخُمس بالنسبة لبريطانيا.

 

ويقول رئيس قسم أبحاث الدخول الثابتة في بنك "أتش أس بي سي" ستيفن مايجور "يمكن القول إننا في مرحلة جديدة حيث تزداد أكثر فأكثر الكلفة العالمية لرأس المال".

 

وارتفع أمس الأربعاء سعر الفائدة على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بنسبة 3.33%، وهو أعلى مستوى في ستة أشهر، مسجلا ارتفاعا بنسبة 0.39% بالمقارنة بيوم الاثنين و1% منذ المستوى المتدني الذي وصلت إليه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

"
ارتفاع الفائدة على السندات في العالم سببه الخوف إزاء الوضع المالي للولايات المتحدة وحزمة الإنقاذ الأميركية الثانية

"

كما ارتفع سعر الفائدة على سندات الخمس سنوات اليابانية إلى أعلى مستوى في عامين وعلى السندات الألمانية بنسبة 3%.

 

وقال الخبير الإستراتيجي في مؤسسة "سي آر تي كابيتال" ديفذ آدر إن المستثمرين يخرجون من السوق بعد شعور بالصدمة بسبب السرعة التي ارتفعت بها الفائدة على السندات.

 

وارتفعت الفائدة على سندات العشر سنوات الأميركية بنحو 0.76% منذ 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وارتفعت على السندات الألمانية بنسبة 0.62% والبريطانية بنسبة 0.53% واليابانية بنسبة 0.29%.

 

وقالت فايننشال تايمز إن هناك أسبابا عديدة لزيادة الفائدة على السندات الأميركية منها الحزمة الأميركية الثانية للإنقاذ التي أعلن عنها مجلس الاحتياطي الاتحادي إضافة إلى ارتفاع العجز الذي تعاني منه الحكومة الأميركية واحتمالات ارتفاع النمو الاقتصادي في العام القادم وما قد يصحبه من زيادة في معدل التضخم.

 

أما ألمانيا فإن ارتفاع الفائدة على سنداتها قد يعود إلى الكلفة التي ستتحملها من إنقاذ الاقتصادات الضعيفة في منطقة اليورو.

 

الوضع المالي لأميركا

من ناحية أخرى قالت صحيفة تلغراف البريطانية إن ارتفاع الفائدة على السندات في العالم سببه الخوف إزاء الوضع المالي للولايات المتحدة وحزمة إنقاذ الأميركية الثانية.

 

وأضافت أن الارتفاع يهدد بتبخر أي فوائد ناتجة عن هذه الحزمة.

 

وقالت إن الوضع في سوق السندات يثير الشكوك بأن السلطات الأميركية "قد تكون فقدت السيطرة على ما يحدث".

 

وأشارت إلى تسابق لبيع السندات في آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية.

 

ونقلت عن رئيس قسم العملات في بنك "أتش أس بي سي" ديفد بلوم أنه من غير المعروف حتى الآن بالضبط لماذا هذا التسابق لبيع السندات وارتفاع الفائدة عليها، محذرا من عواقب هذا التوجه إذا كان السبب ضعف الثقة في الوضع المالي للولايات المتحدة.

 

وأضاف أن الولايات المتحدة تستطيع التغلب على هذا الوضع في السوق حاليا بسبب كون عملتها عملة الاحتياطي الرئيسية في العالم، فمثل هذا الوضع

لا يمكن قبوله لأي دولة أخرى.

 

واستطرد "إننا نعتقد أن المشكلة ستتعاظم بالنسبة للولايات المتحدة في النصف الثاني من العام القادم، بعد استقرار وضع أزمة الدين الأوروبية".

"
سيرتفع الدين العام للحكومة الأميركية إلى 110% من الناتج المحلي الإجمالي ليصبح على شفير ما يسميه صندوق النقد الدولي بتسارع الدين التراكمي
"

 

يشار إلى أن نفس التحذير صدر أمس عن لي داوكوي أحد مستشاري البنك المركزي الصيني الذي قال إن "انتباه الأسواق مشدود نحو أوروبا لكن يجب أن نعلم أن الوضع المالي للولايات المتحدة أسوأ بكثير من أوروبا".

 

وقالت صحيفة تلغراف إن خطة الرئيس باراك أوباما لتمديد الإعفاءات الضريبية ستضيف تريليون دولار من الحفز للاقتصاد الأميركي على مدى عامين، طبقا لبنك بي أن بي باريبا الفرنسي. لكن عجز الموازنة الأميركية سيبقى عند 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2011 و 2012. وبذلك سيرتفع الدين العام للحكومة الأميركية إلى 110% من الناتج المحلي الإجمالي ليصبح على شفير ما يسميه صندوق النقد الدولي بتسارع الدين التراكمي.

 

ويتضح الفرق بين إجراءات التقشف التي تنفذها الحكومات الأوروبية والوضع الحالي المتفاقم في الولايات المتحدة.

 

السيطرة على الإنفاق

وحذرت مؤسستا التصنيف الائتماني فيتش وموديز بأن على الولايات المتحدة وضع إستراتيجية حقيقية للسيطرة على الإنفاق.

 

وقال كبير محللي موديز ستيفن هيس "إننا نشعر بالقلق على المدى البعيد إزاء مستقبل التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وإنه لا يتم حاليا معالجة أسباب القلق".

 

ووصف ستيفن لويس من مؤسسة مونيومينت سيكيوريتيز السباق لبيع السندات بأنه إشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع الوثوق بصفة مطلقة بالأسواق العالمية.

 

وأضاف "لقد وصلنا إلى نهاية حدود التحمل فيما يتعلق بعجز الموازنة. إن هناك شعورا في العالم بأن واشنطن لا تهتم بعواقب ما تفعله لكن هناك خطرا حقيقيا بأن هذا التصرف سيكون له رد فعل إذا استمرت أسعار الفائدة على الرهون العقارية بالولايات المتحدة في الارتفاع".

 

وأضاف "في الوقت ذاته نرى أن هناك فقدانا للثقة في إستراتيجية مجلس الاحتياطي الاتحادي. إن هناك شعورا بأنه لا يكترث بالتضخم إذ إنه يريد أن يرفع معدله وهذا بالطبع ليس في مصلحة حاملي السندات".

 

وقد ارتفعت قروض الرهن العقاري لأجل 30 عاما بالتوازي مع ارتفاع الفائدة على سندات الخزانة الأميركية منذ أعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي عزمه على إطلاق حزمة إنقاذ ثانية. فقد ارتفعت القروض بمقدار 85 نقطة أساس (0.85%) خلال ثلاثة أشهر.

"
هناك خطر من أن تؤدي خشية الأسواق سواء إزاء احتمال ارتفاع معدل التضخم أو ارتفاع الفائدة على السندات إلى تحييد أثر خطة الحفز الأميركية الجديدة أو تؤدي إلى ركود

"

 

وقالت صحيفة تلغراف إن الأرقام الشهرية الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية تفيد بأن الصين باعت 24 مليار دولار من السندات الأميركية في سبتمبر/أيلول الماضي بينما باعت روسيا 10 مليارات دولار.

 

تغطية عجز الموازنة

وقالت إن هناك خشية من أن يكون تأثير بيع السندات أقوى من تأثير شراء الاحتياطي الاتحادي سندات الخزانة بمعدل 100 مليار دولار شهريا، مما يجعل من الصعب على واشنطن في العام القادم جمع 1.4 تريليون دولار لتغطية العجز في الموازنة.

 

وأكدت أن هناك خشية من أن يصبح ارتفاع الفائدة على السندات مثالا لخسارة البنك المركزي لسيطرته إلى الأبد على أسعار الفائدة الطويلة الأجل. كما أن هناك خطرا من أن تؤدي خشية الأسواق سواء إزاء احتمال ارتفاع معدل التضخم أو ارتفاع الفائدة على السندات إلى تحييد أثر خطة الحفز الأميركية الجديدة، أو تؤدي إلى ركود.

 

وقال توم بورسيلي من كابيتال ماركيتس في رويال بنك أوف كندا إنه لا يوجد أي مبرر للحزمة الثانية للحفز الاقتصادي الأميركي في وقت ينمو فيه الاقتصاد بنسبة 2% بينما يصل معدل التضخم إلى 1%. 

إعلان
المصدر : تلغراف + فايننشال تايمز

إعلان