دعوة لتفعيل آليات الاقتصاد الإسلامي

طارق أشقر-مسقط
دعا الخبير بالبنك الإسلامي للتنمية سامي إبراهيم السويلم إلى أهمية تفعيل آليات الاقتصاد الإسلامي لتصحيح مسار النظام الاقتصادي العالمي، واصفاً مبادئ الاقتصاد الإسلامي بالقادرة على تلافي الوقوع في الأزمات وإخراج الاقتصاد من الأزمات التي يقع فيها.
وأكد في محاضرة بعنوان "الأزمة المالية والاقتصاد الإسلامي" نظمتها الجمعية الاقتصادية العُمانية مساء السبت بمسقط، على أن تلك الدعوة لا تعني إبدال الاقتصاد الرأسمالي بالإسلامي، بل بالمشاركة في إصلاح الاقتصاد العالمي.
ووصف الاقتصاد الرأسمالي بأن من طبيعته عدم الاستقرار وأن آلياته تؤدي دائما إلى نموذج الهرم المقلوب الذي تكون فيه المديونية أكبر من الثروة بسبب الإفراط في الديون "الربا" والإفراط في المجازفة "الغرر" فتنمو المديونية بمعدل أسرع من نمو الثروة.
وأوضح أن لجوء المصارف التقليدية إلى منح القروض المنخفضة يرفع درجات المخاطرة ويزيد من نسبة الأصول السامة وهي "المديونية التي ترتفع احتمالية عدم تسديدها"، مطالبا بصياغة قوانين تمنع التعامل في الأصول السامة.
واعتبر السويلم أن الحلول تكمن في اتباع أساليب التمويل الإسلامي كرؤية تستلزم ارتباط نمو المديونية بنمو الثروة مما يمنع نشوء الهرم المقلوب، داعيا إلى التوازن بين الاقتصاد الربحي والاقتصاد غير الربحي، موضحاً أن أدوات الأخير تتلخص في التكافل الاجتماعي والزكاة ودعم المؤسسات التنموية والاجتماعية.

قدرة الاقتصاد الإسلامي
وفي رده على سؤال للجزيرة نت حول مدى قدرة الاقتصاد الإسلامي على إخراج الاقتصاد من أزمته وهو في الأصل رأسمالي، أوضح السويلم أنه يمكن للمؤسسات الرأسمالية اتباع "نهج إنظار المعسر" أي إمهال المدين كونه يؤدي وظيفة اقتصادية وأيضا قيمة أخلاقية، مطالبا بإدخال هذا المفهوم ضمن المعايير المحاسبية والاقتصادية.
وضرب الخبير مثالا للتعامل الصحيح مع المديونية بما تتبعه دول الاتحاد الأوروبي لبنود اتفاقية ماستريخت التي وضعت السقف الخاص بالمديونيات الحكومية والتي تطالب الدول الأعضاء بعدم تجاوز مديونياتها الحكومية مستوى 60% من الناتج المحلي وأن لا يتجاوز العجز الحكومي السنوي أكثر من 3% من الناتج المحلي، معتقدا أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى ربط المديونية بالثروة لحد ما.
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي بوزارة الاقتصاد الوطني العمانية صلاح حزام أن الحلول التي طرحها السويلم اختزلت الاقتصاد الإسلامي في الزكاة وتحريم الربا والغرر، واصفاً الزكاة بأنها ضريبة متواضعة للمحتاجين لا يمكنها إخراج الاقتصادات من أزمتها، ومتسائلا عن مدى وجود مجال شرعي يضعها في صندوق للحلول الاقتصادية.
وحول مدى كون تطبيق مفاهيم الاقتصاد الإسلامي في الرأسمالي عملياًّ، أوضح عبد العزيز الهنائي نائب رئيس البنك الإسلامي للجزيرة نت أن الاقتصاد الإسلامي ليس بمعزل تركيبياً عن الرأسمالي، بل يطغى عليه الجانب الأخلاقي الذي يعتبر سمة رئيسية للتمويل الإسلامي.
ودعا الهنائي إلى الجمع بين أخلاقيات الاقتصاد الإسلامي وآليات الصيرفة الرأسمالية التقليدية لتشكيل ضمانات بعدم تجاوز الحدود الأخلاقية في التعاملات المالية، مؤكداً أن أغلب التشريعات تتوافق مع ما طالب به السويلم بشأن الأصول السامة.

التطبيق صعب
ووصف الأستاذ في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة السلطان قابوس حاتم بن بخيت الشنفري للجزيرة نت تلك الحلول بالجميلة والمثالية من حيث المبدأ والنظرية، معتبراً أن تطبيقها صعب.
وأشار الشنفري إلى أن بحوثا كثيرة أجريت لتطوير المفاهيم الاقتصادية الإسلامية، لكن ما زالت هناك فجوة بين النظرية وبين قناعات القائمين على الاقتصاد الرأسمالي بإمكانية التطبيق.
وبدوره أكد عميد الكلية الحديثة للتجارة بمسقط وأستاذ النظرية الاقتصادية بالكلية بدر الدين عبد الرحيم على إمكانية إحداث التوازن بين الاقتصاد الربحي وغير الربحي، معتبرا دعوة السويلم في هذا الجانب معقولة من الناحية الاقتصادية.
ولفت عبد الرحيم إلى أن الآثار الجانبية للاقتصاد الربحي تخلق حالة من عدم التوزان في مستوى معيشة الأفراد تستلزم زيادة الدخول للفئات الفقيرة ليستقيم النظام الرأسمالي نفسه، مشيرا إلى أن الضرائب التصاعدية والزكاة يمكن اعتبارهما آلية لمعالجة الفروقات في الدخول.