تحذير من انعكاس تحرير الأسمدة على الزراعة السورية

تواجه الزراعة السورية تحديا جديدا مع إعلان الحكومة مطلع هذا الشهر رفع الدعم عن الأسمدة لتقفز أسعارها بين ضعفين وخمسة أضعاف، وهو قرار صدم فلاحين كثيرين تعلقت آمال بعضهم بإجراءات حكومية تدعم الإنتاج بعد الآثار السلبية لرفع الدعم عن المازوت العام الماضي.
خطة خماسية
ودأبت الحكومة منذ سبعينيات القرن الماضي على دعم القطاع الزراعي، الذي يشكل ربع الناتج المحلي الإجمالي حسب عبد الله الدردري نائب رئيس الوزراء، وعلى تأمين مستلزمات إنتاجه. لذلك لا يستغرب رئيس صندوق الدعم الزراعي بسوريا حسان قطنا استياء المزارعين.
وتحرير الأسمدة هو جزء من خطة خماسية لتحرير الاقتصاد تنتهجها الحكومة التي تريد بقرارها السماح للخواص باستيراد الأسمدة وتأمينها للفلاحين كما يقول قطنا الذي ينفي أن يكون ذلك على حساب الفلاح. فالأسمدة -حسب رأيه- ستكون متاحة دائما بالأسواق عكس تداولها اللامشروع سابقا بسبب فساد منع إيصالها إلى 30% من الفلاحين.
وتحدث فلاحون بإحباط عن إحجامهم عن شراء الأسمدة بسعرها الجديد والاكتفاء باستخدام أسمدة بديلة، وهو ما يسبب تراجع الإنتاج، حسب خبراء.
ضربة موجعة
ويرى أستاذ الاقتصاد الزراعي منذر خدام أن الزراعة السورية تتمتع بمزايا نسبية عديدة في مجال الإنتاج سيقضي عليها الإجراء بعدما تلقت أكثر من ضربة موجعة أحدها رفع سعر المازوت.
لكن رفع سعر المازوت زاد الكلفة فقط، أما ارتفاع أسعار الأسمدة فسينعكس على الإنتاج، كما يقول منذر خدام الذي يستغرب قرارا اتخذ وسط أزمة عالمية حيث "الزراعة هي القطاع الذي ينتعش نسبيا لكون الغذاء لا يتأثر بها كغيره ولاسيما أن جميع الدول تدعم الزراعة".
ويضرب مثلاً بالاتحاد الأوروبي الذي يدعم الزراعة سنويا بأكثر من ثلاثمائة مليار دولار "لأنها نمط حياة أكثر منها نشاط اقتصادي وبدون دعم لا نستطيع إبقاء الناس في أراضيهم والعمل فيها رغم ظروف العمل القاسية".

وكان تهريب الأسمدة إلى بلدان مجاورة سببا في تحرير الأسمدة حماية للاقتصاد الوطني، بحسب قطنا الذي يذكّر بخسائر الدولة نتيجة الدعم وهي خسائر ظهرت جلية منذ منتصف 2007.
يقول قطنا لكن الخسائر ليست السبب الرئيسي ويذكر بأن رفع الدعم بدأ في الحقيقة منذ 1990، ليتلوه في 2002 فتح باب استيراد الأسمدة أمام الخواص الذين أحجموا عن شراء هذه المادة من الخارج لأن الدولة كانت منافسة بسبب دعمها الأسعار.
أسمدة بديلة
ويرى مدير الشركة الوطنية المتحدة لتطوير الأسمدة محمود الكوري أثرا إيجابيا في القرار على القطاع الخاص "حيث سيلجأ المزارع إلى شراء الأسمدة البديلة كالأسمدة العضوية بعدما كان يحجم عن شرائها لتوفير الحكومة أسمدة كيمياوية وبأسعار منافسة".
لكن الكوري يطالب بإيصال الدعم لصاحبه الحقيقي، مذكرا بأهمية دعم إنتاج المزارع عبر برنامج يضم استقرار السوق ويحميه من المنافسة الخارجية.
خطورة القرار
وأثار القرار استياء الاتحاد العام للفلاحين، لكن قطنا تحدث عن إجراءات تدعم المحاصيل الإستراتيجية وهي القمح والقطن والشمندر وتحدث عن دعم سيشمل أخرى تدرج وفق جدول زمني كالحمضيات والتفاح والحمص والعدس.
وأكد قطنا أن الاتحاد العام للفلاحين أشرك في القرار الذي ستدرس الحكومة وتتابع انعكاساته، حسب قوله. وتحدث عن مرونة في مراجعته أو تعديله لمصلحة المزارع والمواطن "لأن الهدف الرئيسي كان حماية للمزارع فعندما نجد منعكسا سلبيا لهذا القرار سنعيد دراسته وتطويره".
لكن صحيفة "بلدنا" نقلت عن رئيس اتحاد الفلاحين حماد سعود قوله إن هيئته لم تستشر، وأعضاؤها يرفضون القرار لانعكاساته على القطاع ولخطورته على الفلاحين عموما "فأقل نوع ارتفع حوالي 100 %"، وهناك أنواع من الأسمدة رفعت لأكثر من 500% ليرتفع سعر الطن من 12 ألف ليرة (250 دولارا تقريبا) إلى 57 ألف ليرة، (1192 دولارا تقريبا)، في إشارة إلى سلفات البوتاس ومتوسط تكلفته 53 ألفا و145 ليرة (1107 دولارات).
وقال حماد سعود إن الحديث يجري عن صندوق الدعم، لكنه تساءل بكم سيدعم؟
ويشكك أستاذ الاقتصاد الزراعي خدام في استمرار الإجراء إلا إذا رفع سعر المنتجات إلى حد يمتص الزيادة في سعر السماد، وتحدث عن تأثيرات للقرار حتى على القطاعات الأخرى ومدخولات العاملين في قطاعات غير الزراعة.
ويقر خدام بدوره أن الطلب سيزداد على الأسمدة العضوية، لكن المشكلة في عدم إمكانية تأمين ما يكفي إضافة إلى أن أثر الأسمدة العضوية ليس سريعا ولا بنفس تأثير الأسمدة الكيمياوية.