قمة العشرين الثانية بعيدة عن تحقيق الآمال

تعقد مجموعة العشرين قمتها الثانية في الثاني من الشهر الحالي بلندن للبحث عن نظام مالي جديد لمواجهة الأزمة المالية

شاهر الأحمد

انطلقت في العاصمة البريطانية لندن أعمال مؤتمر قمة مجموعة العشرين الثانية، وسط خلافات بين الولايات المتحدة وبريطانيا وبين القوى الأوروبية الأساسية -وعلى رأسها فرنسا وألمانيا- إزاء الإجراءات المطلوبة لإنعاش الاقتصاد العالمي وتجاوز الركود الراهن.

وعلت مطالب صينية روسية بالتوسع في سلة عملات للاحتياطي النقدي الدولي بدلا عن الدولار الأميركي، كما طالبت الاقتصادات الصاعدة بدور أكبر في المنظومة المالية الدولية وفي إدارة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

فقد دعت فرنسا وألمانيا بإجراءات صارمة لضبط النظام المالي الدولي، في حين أطلق قادة أميركا وبريطانيا ودول أخرى وعودا بعمل منسق لمواجهة الأزمة المالية العالمية رغم اختلاف تصورات المعالجة.

واعتبر الخبير المالي والاقتصادي بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سعيد كشيدة أن الخلاف الأميركي الأوروبي ذو بعدين، فبينما تعاني الولايات المتحدة من عجز كبير في ميزانيتها وتعزو تناميه مؤخرا إلى ضخها مئات المليارات من الدولارات في شرايين الاقتصاد عبر خطط تحفيزية، تعارض دول أوروبية -على رأسها ألمانيا وفرنسا- طرح المزيد من خطط الإنقاذ.

وأوضح كشيدة في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن واشنطن تطالب غيرها من الدول بالسير على نفس النهج، معتبرة أنه ليس من العدالة أن تضخ نحو 6% من إجمالي دخلها القومي على شكل خطط تحفيز بينما تكون مساهمات الدول الأخرى أقل من 3%.

وقال إن برلين وباريس تفضلان الانتظار فترة كافية للنظر في مدى جدوى خططهما السابقة، معتبرتين أن الأزمة بالأساس أميركية وليس مطلوبا منهما ضخ المزيد من المال.

وأشار إلى أن ألمانيا تعتبر نفسها كافحت خلال السنوات الخمس الماضية للوصول بميزانيتها نحو التوازن، ولا تريد أن تلجأ إلى إجراءات تكبدها عجزا جديدا.

"
إبراهيم سيف:
موقف ساركوزي المتشدد يعود إلى ما يتعرض له من ضغوط في الداخل الفرنسي، حيث أثرت الأزمة بشكل كبير على بلاده عبر ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الاستثمارات الأجنبية
"

تهديد فقط
وحول تهديد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالانسحاب من القمة إذا لم تحقق ما يصبو إليه من إجراءات صارمة لإصلاح النظام المالي والتصدي للملاذات الضريبية، قال الخبير الاقتصادي إن ساركوزي يريد من ذلك كسب الشارع الفرنسي ليوحي بأنه إذا حققت القمة إنجازات فمرد ذلك إلى جهوده التي قام بها عبر ضغطه على دول المجموعة لإحداث تحسينات في النظام المالي الدولي ومؤسساته.

وأيد الباحث بمعهد كارنيغي في بيروت إبراهيم سيف ذلك معتبرا أن موقف ساركوزي يعود إلى ما يتعرض له من ضغوط في الداخل الفرنسي، حيث أثرت الأزمة بشكل كبير على بلاده عبر ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الاستثمارات الأجنبية.

وحول إمكانية تخلي واشنطن عن بعض سيطرتها على المؤسسات المالية الدولية، استبعد سيف في حديث للجزيرة نت تخليها بسهولة عن مكانتها، بل ستحاول -ما استطاعت- الحفاظ عليها وإبقاء الدولار عملة الاحتياط للنقد الدولي.

واعتبر مطالب بعض الدول باستبدال الدولار بسلة عملات أنها بالون اختبار، مشيرا إلى أنه ليس من السهل تغييره في الوقت الحالي. بل وزاد على ذلك أن الصين -وهي أبرز من طالب بتغيير الدولار- ستكون أكثر المتضررين، على اعتبار أنها تمتلك احتياطيات نقدية من العملة الأميركية تفوق تريليوني دولار.

"
سعيد كشيدة:  
لا يُنتظر الكثير من قمة العشرين، خاصة أنها لا تمثل مؤسسة رسمية وقراراتها غير ملزمة، إلا أنها قد تسهم في تقريب وجهات النظر بين الدول المشاركة
"

نتائج القمة
وعن توقعاته بما سيتمخض عن القمة قال كشيدة إنه لا ينتظر الكثير منها، خاصة أنها لا تمثل مؤسسة رسمية وإنما هي عبارة عن منتدى قراراته غير ملزمة، إلا أنه استدرك بالقول إنها قد تسهم في تقريب وجهات النظر بين الدول المشاركة، وتوقع أن يعقد اجتماع آخر للمجموعة قبل نهاية العام الجاري في آسيا.

وأعرب سيف عن عدم تفاؤله بالقمة، متوقعا أن تخرج ببيان يكتفي بتطمين أسواق المال العالمية، ووعود بإعادة النظر في هيكلية النظام المالي الدولي.

وتوقع أن يكون لمجموعة العشرين مكانة أكبر مستقبلا تحل محل مجموعة السبع وأن اجتماعاتها ستتوالى، وستعمل على إعادة هيكلة المؤسسات المالية الدولية على غرار صندوق النقد والبنك الدوليين.

واعتبر كشيدة أن الوضع الحالي للاقتصاد العالمي وما يمر به من أزمة، فرصة سانحة للدول الصاعدة -وعلى رأسها الصين- كي تطالب بدور أكبر في المؤسسات الدولية.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان