النمور الآسيوية تخور تحت وطأة الأزمة المالية

People walk through the financial district of Raffles Place in Singapore on January 19, 2009

يتوقع انكماش اقتصاد سنغافورة بنسبة 20% في الربع الأول من العام الحالي (الفرنسية-أرشيف)

 

محمد طارق

 

خفضت سنغافورة قيمة عملتها الدولار السنغافوري وأعلنت الحكومة أن الأزمة المالية الحالية ستهبط بالنمو الاقتصادي في البلاد إلى أدنى مستوياته.

 

وقامت الحكومة السنغافورية بخفض مركز نطاق عملتها مقابل سلة غير معلنة من العملات الأخرى التي تمثل عملاءها التجاريين الرئيسيين.

 

ويقول محللون إن الخفض يصل إلى ما بين 1.5 و2%.

 

وجاءت الخطوة بعد انكماش خطير متوقع في اقتصاد سنغافورة في الربع الأول من العام الحالي يصل إلى نحو 20% بحسب اقتصاديين. ويقول محللون إن خفض قيمة الدولار لن يكون كافيا لدفع الاقتصاد.

 

وأشارت أرقام نشرت الثلاثاء إلى أن صادرات سنغافورة غير النفطية انخفضت بنسبة سنوية بلغت 17% في مارس/آذار الماضي وبنسبة 24% في الشهر الذي سبقه وبنسبة 35% في يناير/كانون الثاني الماضي.

 

وسجل اقتصاد سنغافورة انكماشا بمقدار 11.5% في الربع الأول من العام الحالي بالمقارنة مع نفس الشهر من 2008. وتتوقع الحكومة انكماش الاقتصاد بنسبة 6 إلى 9% في كل 2009.

 

اقتصادات شرق آسيا

ويقف الوضع الاقتصادي في سنغافورة مثالا على مدى تدهور الوضع الاقتصادي في بعض شرق آسيا.

 

وطبقا لتوقعات البنك الدولي فإن اقتصادات شرق آسيا, باستثناء الصين, ستنمو بمقدار 1.2% في 2009 انخفاضا من 4.8% في تقديرات سابقة نشرت العام الماضي، في حين أن بعض الاقتصادات الأخرى في المنطقة ستنكمش.

 

ويتوقع البنك انكماش اقتصاد ماليزيا وكمبوديا بنسبة 1% وانكماش اقتصاد تايلند بنسبة 2.7%.

 

وبالمقارنة فقد سجل اقتصاد كمبوديا نموا نسبة 10.2% وسجل اقتصاد ماليزيا نموا بنسبة 6.3% في 2007.

 

ويتوقع أن تسجل بعض اقتصادات المنطقة نموا بطيئا هذا العام بالمقارنة مع النمو القوي الذي حققته في السنوات الماضية.

"
يتوقع البنك الدولي نمو اقتصادات شرق آسيا, باستثناء الصين,  بمقدار 1.2% في 2009 انخفاضا من 4.8% في تقديرات سابقة نشرت العام الماضي، في حين أن بعض الاقتصادات الأخرى في المنطقة ستنكمش
"

 

فمن المتوقع أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 6.5% في 2009 بالمقارنة مع 13% في 2007 بينما تسجل الفلبين نموا بنسبة 1.9% بالمقارنة مع 7.2% في 2007.

 

ويقول البنك الدولي إن معظم دول شرق آسيا في موقف جيد نسبيا للتصدي للأزمة المالية التي أثرت بشكل كبير على الدول النامية الأخرى.

 

ويعود ذلك للدرس الذي تعلمته هذه الدول من الأزمة المالية التي تعرضت لها بين عامي 1997 و1998.

 

وقد استطاعت هذه الدول منذ ذلك الحين بناء احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية وتحسين موازينها مع الدول الأخرى، كما خفضت ديونها وعززت الرقابة البنكية.

 

وقد تزامنت هذه الإجراءات مع تعزيز الصادرات في المنطقة ومن المنطقة إلى العالم. لكن هذا الانفتاح التجاري على أسواق العالم عرض المنطقة بصورة أوسع للركود في الدول الغنية، وبالتالي أدى إلى انخفاض صادراتها بصورة كبيرة.

 

ويقول البنك الدولي إن أثر الأزمة الاقتصادية كان أكبر على الدول الأكثر انفتاحا من الناحية التجارية والتي تركزت صادراتها في صناعة الإلكترونيات والملابس والمنسوجات.

 

وقد شهدت المنطقة انخفاضا في الصادرات أكثر من غيرها.

 

ففي شهر يناير/كانون الثاني الماضي انخفضت صادرات تايوان والفلبين بنسبة 40% بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي.

 

وقد تأثرت بشكل كبير صناعة الإلكترونيات التي تمثل ثلثي صادرات معظم الاقتصادات الكبرى في المنطقة.

 

كما تأثرت أيضا الدول الفقيرة التي تمثل الملابس والسلع أهم صادراتها. فقد انخفضت صادرات كمبوديا التي تعتمد على تصدير الملابس بنسبة 31% في يناير/كانون الثاني الماضي بالمقارنة مع نفس الشهر في 2008. ويقول البنك الدولي إن "المنطقة التي انتعشت بسبب الصادرات تعاني من نفس السبب".

 

ارتفاع البطالة

خسرت الصين 2.7 مليون وظيفة في قطاع صناعة الملابس (رويترز-أرشيف)
خسرت الصين 2.7 مليون وظيفة في قطاع صناعة الملابس (رويترز-أرشيف)

وأدى انهيار الصادرات إلى أزمة بطالة رغم أنها لم تنعكس بالضرورة في أرقام رسمية في وقت يصعب الحصول على مثل هذه الأرقام لعدة أسباب، لكن التقارير تشير إلى انخفاض كبير في قطاع الوظائف في كمبوديا.

 

ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي تم الاستغناء عن 50 ألف عامل في قطاع صناعة الملابس في كمبوديا في الوقت الذي يعمل في هذا القطاع 17% من القوة العاملة في الصناعة في البلاد.

 

وفي فيتنام تم تسريح 100 ألف عامل في قطاع صناعة الملابس في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين. أما في الصين فقد خسرت هذه الصناعة 2.7 مليون وظيفة.

 

ويتوقع البنك الدولي تحسنا في اقتصاد الصين بعد تنفيذها لخطط الحفز الاقتصادي.

 

ويرتبط مصير الدول الأخرى في المنطقة بمصير اقتصاد الصين التي تعتبر المكان الرئيسي لإعادة تجميع وتصدير منتجات المنطقة.

 

لكن خطة التحفيز الصينية لا تستطيع حل مشكلة انكماش الطلب على صادرات شرق آسيا في العالم ما يجعل نهوض اقتصادات المنطقة من الأزمة الحالية مرتبطا بانتعاش الاقتصاد العالمي.

المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان