آثار باقية للأزمة الاقتصادية

People queue to enter a job centre in Bromley, Kent on August 12, 2009. Britain's unemployment rate soared to 7.8 percent in the three months to June, hitting the highest level
البطالة إحدى ثلاث قوى تعيق نمو الاقتصاد بعد الأزمة (الفرنسية-أرشيف)

يبدو أن الاقتصاد العالمي بدأ يتعافى من الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة التي عصفت به على مدى العامين الماضيين لكن ثمة آثارا باقية.

 
وأشارت صحيفة فايننشال تايمز إلى مؤشرات ظهرت بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان على تعاف اقتصادي في الربع الثالث من العام الحالي. كما أن بعض الاقتصادات التي تعتبر الصادرات عمودها الفقري سجلت نموا قويا. ومن هذه الاقتصادات سنغافورة التي حققت أفضل عائدات في الفصلين الماضيين منذ 1975.
 
وقالت الصحيفة إن شواهد الماضي تدل على أن آثار الأزمات تظل عميقة ولفترة طويلة.
 
وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي في توقعاته للمستقبل الاقتصادي بحث في 88 أزمة اقتصادية مصرفية بين عامي 1970 و2002 ووجد أن الدول لا تستطيع استعادة كل ما خسرته بعد انتهاء الركود. حتى إنه في بعض الأزمات ينخفض الإنتاج بنسبة 10% بعد سبع سنوات بالمقارنة بمستوى ما قبل الأزمة.
 
وقالت فايننشال تايمز إن هذا المثال لا يمكن تعميمه على كل الأزمات لكن الحقيقة القائمة هي هبوط الإنتاج بعد الركود بسنوات. وفي 90% من الأزمات المصرفية التي بحثها الصندوق انخفض الإنتاج بعد الأزمة بنسبة تتراوح بين 7% و13%.
 
قوى تعيق الاقتصاد
ووجد صندوق النقد الدولي أن هناك ثلاث قوى مختلفة ومتساوية في الحجم تمنع الاقتصادات من العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة.
 
وأول هذه القوى انخفاض معدل البطالة بصورة مستمرة حيث تستوعب في العادة الطفرة التي تسبق الأزمة أعدادا كبيرة من الأيدي العاملة في مختلف قطاعات الاقتصاد –مثلما حدث في سوق الإنشاءات في الولايات المتحدة– ثم تستغني هذه القطاعات عن العمالة أثناء الأزمة بأعداد كبيرة. وتبقى استعادة الأيدي العاملة لمكانتها السابقة مسألة صعبة وتحتاج إلى وقت. وفي حال استمرت البطالة فإن الأيدي العاملة الماهرة تفقد هذه المهارة إضافة إلى صلاتها بأرباب العمل. وتبقى هذه المشكلة مستمرة.
 
وثاني هذه القوى هو الأزمة التي تحدث للمشروعات الرأسمالية حيث يتم شطب بعض المصانع والمعدات نهائيا بينما تكافح الشركات للاستثمار في مشروعات في بيئة يصعب فيها الائتمان وتشدد البنوك الشروط على القروض للمحافظة على رأسمالها.
 
أما ثالثها فإن إنتاج العمالة ورأس المال يضعفان ربما لأن الشركات لا تستطيع الحصول على رؤوس الأموال المطلوبة. ويضيف صندوق النقد الدولي أن الإنتاجية تعاني أيضا بعد الأزمة بسبب انخفاض الإنفاق على البحث والتطوير.
 
ويؤكد أن هذه القوى الثلاثة مهمة بالنسبة للدول التي تشهد في العادة معدلات استثمار عالية قبل الأزمات.
 
آثار بعيدة المدى
أما البروفيسور كينيث روغوف من جامعة هارفارد الذي أشرف على تحليل أزمات مالية عديدة فيقول إن مثل هذه الأزمات لها تأثير عميق جدا فهي تترك آثارا سياسية تبقى لعدة عقود كما تترك آثارا على هيكلة الاقتصاد.
 
كما أشارت فايننشال تايمز إلى دراسة تستشرف مستقبل الاقتصاد في العالم نشرتها الأسبوع الماضي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قالت إن التأثير الأولي للأزمة الحالية على الدول المتقدمة هو انخفاض الإنتاج بنسبة 3.5%. وكانت اقتصادات هذه الدول شهدت ارتفاعا بمعدل 2.25 إلى 2% في السبع سنوات التي سبقت الأزمة ويتوقع أن يصبح 1.75% في المدى المتوسط.
 
لكن محللين آخرين يقولون بأن الأزمة الحالية تختلف عن مثيلاتها في السابق.
 
ويقول هؤلاء إن تحليلات بيانات الأزمات تشير إلى أن الأزمة الحالية تختلف عن الأزمة المالية اليابانية في تسعينيات القرن الماضي وأزمة الإكوادور عام 1998 وبلغاريا خلال فترة التحول إلى السوق الحرة من الشيوعية.
 
ويضيف هؤلاء أن معطيات الأزمة الحالية تشير إلى أن الإنتاج سيعود إلى معدل ما قبل الأزمة في النصف الثاني من 2010. لكنهم يؤكدون بأنه سواء عاد الإنتاج في الدول الصناعية إلى معدلات ما قبل الأزمة أو لم يعد فإن آثار الأزمة ستظل باقية.
المصدر : فايننشال تايمز