دعت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد هذا الأسبوع إلى تطوير التشريعات التي تسمح باستثمارات أجنبية في مجال التمويل الإسلامي في حين تبدي أوساط سياسية من اليمين واليسار معا مقاومة لإدراج المعاملات الإسلامية في النظام المصرفي الفرنسي بحجة الحفاظ على ثوابت الفصل بين الدين والدولة وفق ما جاء في تقرير نشرته الخميس صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
وصدرت الدعوة عن الوزيرة لاغارد في مؤتمر بباريس عن التمويل الإسلامي ضم مديري مصارف إسلامية بالإضافة إلى رئيس البنك المركزي الفرنسي.
وكان نواب الجمعية الوطنية الفرنسية قد وافقوا الشهر الماضي على تعديل بعض القوانين من أجل السماح بإصدار الصكوك أو السندات الإسلامية على الرغم من المعارضة الشديدة التي أبداها نواب من الاتحاد من أجل حركة شعبية والجبهة الوطنية والحزب الاشتراكي.
كما وافقوا على طلب تقدم به بنك قطر الإسلامي ليكون أول بنك إسلامي يفتح مركزًا له في فرنسا. ويرى خبراء فرنسيون أن باريس يمكن أن تحصل على 120 مليار يورو (176.4 مليار دولار) على شكل رأس مال من التمويل الإسلامي عبر إجراء تعديلات على قوانينها الضريبية والمصرفية.
ويقدر حجم التمويلات الإسلامية بحوالي 700 مليار دولار منها 12 مليارا مستثمرة على الأرجح في بريطانيا. وفي مقال بعنوان "التمويل الإسلامي يصل إلى فرنسا", ذكّرت الصحيفة اليمينية بأن الوزيرة لاغارد أصدرت في فبراير/شباط الماضي توجيهات لتسهيل استثمارات قادمة من الإمارات وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية.
وأضافت أن تلك التوجيهات لم تكن على ما يبدو كافية مما دفع لاغارد إلى إثارة احتمال تعديلات إضافية للقانون الفرنسي لتطوير المعاملات الإسلامية بفرنسا التي تسعى إلى أن تحل محل لندن التي هي أول مركز مالي غربي يدرج المعاملات الإسلامية -التي يصفها خبراء اقتصاد بأنها أكثر أمانا- ضمن نظامه المصرفي.
وكانت الوزيرة الفرنسية قد أعلنت منذ نهاية العام الماضي في ذروة الأزمة المالية العالمية عن خطة لإدراج المعاملات الإسلامية في النظام المصرفي الفرنسي بما يسمح باستثمار مئات مليارات الدولارات من أموال المستثمرين العرب خاصة الخليجيين منهم في الاقتصاد الفرنسي.
وقبيل هذا الإعلان كانت الحكومة الفرنسية قد قررت رفع القيود التشريعية والضريبية التي تمنع إصدار صكوك إسلامية وذلك في تحرك يهدف إلى توظيف استثمارات إسلامية من شأنها إخراج فرنسا من الركود الاقتصادي الذي يبدو أنها تجاوزت الآن أسوأ مراحله.
وقالت لوفيغارو في تقريرها إن المساعي الرامية إلى السماح بالمعاملات الإسلامية في فرنسا واجهت انتقادات قوية من عدد من النواب من بينهم النائب جاك ميار الذي قال في إحدى الجلسات البرلمانية إنه "لا سبيل إلى القيام بأي تعديل (قانوني) مؤسس على الشريعة أو التوراة أو الإنجيل".
وقالت وزارة المالية الفرنسية إن تعزيز التشريعات التي تجيز للمؤسسات المالية الإسلامية الاستثمار بفرنسا يعد إشارة إيجابية موجهة إلى شركاء فرنسا في الشرق الأوسط.
وعبر النائب عن الحزب الاشتراكي هنري إيمانويلي عن موقف مناهض مماثل قائلا إن هناك طرقا أخرى للتلاؤم مع القانون (المالي) الإسلامي دون إدخال مبادئ الشريعة إلى القانون الفرنسي.
ولجأت المعارضة الاشتراكية إلى الطعن في شرعية التعديلات القانونية التي تجيز إرساء معاملات إسلامية في فرنسا بعد أن فشلت في تحصيل أصوات كافية لمنع تلك التعديلات.
وفي سياق التوجه الحكومي نحو تعزيز المعاملات الإسلامية, استحدثت جامعة دوفين الفرنسية شهادة للدراسات العليا في مجال التمويل الإسلامي تضم ثلاثين طالبا.