تمويل البحث العلمي في الجنوب اهتمام متنازع عليه

EPA/epa01304125 A picture made available on 04 April 2008 showing economy student Melanie Mueller work at the new toy brick 'Lego' laboratory in Zwickau, Saxony

هناك جدل بشأن جدية دول الشمال الغنية في تمويل البحث العلمي لدول الجنوب (الأوروبية-أرشيف)
تامر أبو العينين-برن

اختلف المشاركون في مؤتمر المركز القومي لكفاءة أبحاث الشمال والجنوب بشأن أهمية دور القطاع الاقتصادي في تمويل مشاريع علمية مشتركة بين الجانبين. وظهرت في المؤتمر الذي انتهى مساء الجمعة في سويسرا بعد 3 أيام من المداخلات أربع وجهات نظر مختلفة طرحها 250 مشاركا.
 
ففي حين رأى بعض علماء الجنوب أن الاقتصاد الليبرالي لا يهتم بمثل هذا التعاون لأنه غير ربحي، أكد نظراؤهم الأوروبيون أن الاهتمام قادم ولكن على مهل، بينما رأت أصوات أخرى أن الجنوب سيتمكن قريبا من التخلي عن "صدقات" الشمال العلمية والاقتصادية.
 
لكن الآراء تتفق على أن عدم وجود التمويل الكافي للأبحاث العلمية في الجنوب هو أحد عوائق التنمية الاقتصادية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن حلول لمشكلات الجنوب المتفاقمة.
 
وعن وجهة نظر المؤتمر الرسمية قال رئيسه البروفسور هانز هورني للجزيرة نت "إن هدف تمويل سويسرا لأبحاث الشراكة العلمية مع الجنوب هو المساهمة في تأهيل كوادر علمية متخصصة هناك، لتتمكن بدورها من بناء مؤسسات تعليمية وبحثية محلية تعمل في الأساس لخدمة تلك المجتمعات، وهذا يختلف عن اهتمامات القطاع الخاص".
 
أسرار التفوق العلمي
و

"
أستاذ العلوم السياسية بجامعة غوته الألمانية لوتار بروك أشار إلى أن المؤسسات الاقتصادية في الشمال تحجم عن تمويل برامج شراكة أكاديمية مع الجنوب، حرصا منها على الإمساك بأسرار التفوق العلمي التطبيقي لضمان عدم المنافسة التصنيعية فيما بعد

"

في المقابل أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة غوته الألمانية لوتار بروك إلى أن المؤسسات الاقتصادية في الشمال تحجم عن تمويل برامج شراكة أكاديمية مع الجنوب، حرصا منها على الإمساك بأسرار التفوق العلمي التطبيقي لضمان عدم المنافسة التصنيعية فيما بعد.

 
ورأى بروك في حديثه مع الجزيرة نت أن هذا يرجع إلى "قناعة الشركات الغربية بأنها صاحبة الابتكار والتصنيع، ومن حقها أن تحقق الأرباح التي تغطي تلك التكاليف".
 
وركز الأكاديمي على أن الغرب ليست لديه الثروات الطبيعية الهائلة التي تملكها دول الجنوب "ولذا ينظر الاقتصاد الأوروبي إلى التفوق العلمي كرأس مال يجب الحفاظ عليه واستثماره صناعيا وتسويقيا".
 
لكن بعض الأصوات القادمة من الجنوب رأت الصورة من زاوية مختلفة، إذ قالت مجموعة من الباحثين من الهند وأفريقيا -استطلعت الجزيرة نت آراءهم- إن الشمال سيخسر كثيرا إذا واصل تجاهل تمويل البحث العلمي في الجنوب.
 
واعتبرت أن النمور الآسيوية ومجموعة دول أميركا اللاتينية قطعت شوطا جيدا أوصلها إلى الاستقلالية العلمية، وأصبحت منافسا قويا للغرب في مجالات مثل الصيدلة والتقنيات الدقيقة.
 
وأضافت هذه المجموعة أن الوقت لن يدوم طويلا حتى تظهر ثمار التعاون البيني على محور الجنوب، نتيجة اهتمام اللاعبين الجدد على الساحة الدولية بتوسيع دائرة نفوذهم، مؤكدين أن التعاون العلمي هو أحد الأبواب التي يمكن للاقتصاد الاستفادة منها، وأبناء الجنوب تنقصهم فقط الإمكانات التي يضن عليهم الشمال بها.
 
وأعرب هؤلاء أيضا عن اعتقادهم أن العامل الديموغرافي له تأثيره أيضا فأغلب دول الشمال تفتقر إلى باحثين شباب متخصصين في كافة المجالات التقنية، ولن يدوم الوقت طويلا حتى تطلب المؤسسات الاقتصادية تمويل البحث العملي في الجنوب على شكل شراكة أو غيرها، لضمان مواصلة نموها.
 
الاهتمامات الاقتصادية والصراعات
وفي السياق ذاته شدد مدير مؤسسة السلام السويسري لاورانت غوتشل على أهمية إدماج الشركات الكبرى في الأبحاث المشتركة بين الشمال والجنوب، وتوعيتها بأهمية تلك الشراكة في إحلال السلام العالمي.
 
وأكد غوتشل أن الاهتمامات الاقتصادية تقف وراء 90% من الصراعات في العالم بشكل مباشر أو غير مباشر، ولذا يجب أن يكون للشركات دور في تمويل البحث العلمي كإحدى دعائم الاستقرار في الجنوب.
 
وقال مدير مؤسسة السلام السويسري للجزيرة نت إن المؤسسة تقوم حاليا بمجموعة من الأبحاث حول كيفية وضع إستراتيجيات لدمج القطاع الخاص في أبحاث علمية مشتركة بين الشمال والجنوب. وأكد أن المؤسسة أثبتت بأبحاث في كينيا وتنزانيا وساحل العاج أن مصالح القطاع الخاص تقضي بضرورة تمويل أبحاث علمية مشتركة في تلك المناطق.

المصدر : الجزيرة