تقديرات متفاوتة حول حجم البطالة بسوريا

محمد الخضر-دمشق
تتفاوت نسبة العاطلين عن العمل في سوريا بشدة بين تقديرات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تتحدث عن 8.2%، وتقديرات اقتصاديين مستقلين يشيرون إلى أنها تصل إلى 25%.
ويشير مدير الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات مجاهد عبد الله إلى أن الأرقام التي يتداولها بعض الاقتصاديين مبالغ فيها. ولفت إلى أن الرقم المعتمد هو الذي يعده المكتب المركزي للإحصاء ومكاتب التشغيل التابعة للوزارة والتي تتضمن أعداد العاطلين المتقدمين إليها بحثا عن فرصة العمل.
ويوضح عبد الله للجزيرة نت مشكلة لها أهمية خاصة في هذا المجال تتصل بأن أعدادا كبيرة تعمل في القطاع الخاص تعتبر أنها ليست في عداد العاملين، مضيفا أن ذلك يعكس تفكيرا سائدا بأن العمل هو في القطاع العام فقط.
بيانات رسمية
ويبلغ عدد العاملين في سوريا حسب البيانات الرسمية نحو ستة ملايين في القطاعين العام والخاص، ويعمل 35% من هؤلاء في القطاع غير المنظم.
لكن الاقتصاديين يشككون بتلك الأرقام. ويقول د. قدري جميل للجزيرة نت: كانت الأرقام الرسمية تتحدث عشية الإعلان عن الخطة الخمسية العاشرة 2006 /2010 عن نسبة 12% وفجأة هبطت إلى 8.2% دون أن يوضح أحد كيف تم ذلك.
وتابع الأكاديمي المعروف بمعارضته للسياسة الاقتصادية للحكومة: لقد اتبعت وزارة العمل معايير منظمة العمل الدولية فحذفت من القائمة الشريحة العمرية ما بين 15 و18 عاما، كما اعتبرت أن كل من عمل ولو ساعة واحدة خلال الأسبوعين الأخيرين قبل إجراء الاستبيان هو عامل. وشكك جميل بالأرقام الرسمية ورأى أن حجم البطالة يتجاوز 20 % من نسبة قوة العمل.
بدوره رأى الخبير الاقتصادي د. عيد أبو سكة أنه لا توجد أرقام موثوقة في مجال تحديد نسبة البطالة. وقال للجزيرة نت "هناك مؤشرات فقط من منظمات وجمعيات". وأضاف أن وزارة العمل تعتقد أن من يعمل باقتصاد الظل تحت أي مسمى كان يجب إخراجه من تصنيف العاطلين عن العمل، معتبرا أن ذلك خطأ كبير.
وتشير دراسة أنجزت في معهد التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بدمشق إلى أن معدلات البطالة الوسطية للأعوام 2001 وحتى 2006 بلغت 28.36%. ورأت أن معدلات البطالة ستأخذ منحى متزايدا باضطراد في الفترة المستقبلية القريبة، مما سيؤدي إلى تراكم جديد في عدد القادمين السنوي إلى سوق العمل والذي سيفاقم مشكلة البطالة.
غياب القطاع الخاص
وعمدت الحكومة إلى مكافحة البطالة عبر إيجاد مؤسسة تساعد على تنمية مشروعات تستوعب عشرات آلاف الشباب. ويرى مدير الهيئة العامة للتشغيل أنها أوجدت خلفا لهيئة مكافحة البطالة عام 2006 لتقوم بدور تدريبي تمكيني يهدف إلى تفعيل مناخ التشغيل في سوريا وتطوير أدواته. وأضاف أن الهيئة تدير برامج سوق العمل الفعالة الهادفة إلى خلق فرص العمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وقامت الهيئة المختصة بمعالجة البطالة بتمويل وإدارة مشروعات صغيرة بالإضافة إلى برامج تدريبية. وبلغ عدد المشروعات التي مولتها ما يزيد على 81 ألف مشروع صغير خلال الفترة 2002 وحتى 2007. وأمنت هذه المشروعات حوالي 177 ألف فرصة عمل. ويضاف إليها نحو 18 ألف فرصة عمل من برنامجي التدريب والتنمية المجتمعية والأشغال العامة.

وتواجه تلك الخطط انتقادات لمحدودية انتشارها. ويرى أبو سكة أن بداية الهيئة كانت جيدة لكن عملها كان مؤقتا ولم يترجم إلى عمل مؤسساتي بعيد المدى. كما انتقد صعوبة وتعقيد الإجراءات وتعدد القرارات والعمل الورقي يحكم عملها.
بدوره يرى رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة البعث ناظم عيد أن الحل لا يقع على كاهل الجهات الحكومية فقط. وأكد أن القطاع الخاص له دور بارز ومهم يجب أن يتصدى له في معالجة الظاهرة الخطيرة. وأضاف أن أعدادا ضئيلة جدا يتم تشغيلها سنويا ولا تتجاوز الـ60 ألفا مما يراكم في أعداد العاطلين عن العمل.