قانون ضريبة الدخل الجديد يثير جدلا واسعا بالأردن

يثير المشروع الجديد لقانون ضريبة الدخل في الأردن جدلا واسعا بين مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والنقابية من جهة، والحكومة من جهة أخرى والتي فتحت حوارات مع مختلف الجهات بهدف الوصول لقواسم مشتركة قبل إقرار المشروع في مجلس الوزراء ورفعه للبرلمان.
الجدل ظهر بقوة وأحدث "هزات ارتدادية" في بعض القطاعات التي تخوفت من أن تشمل في القانون الجديد، لا سيما بورصة عمان التي طغى اللون الأحمر على مؤشراتها طوال يوم الأربعاء، بعد أن نشرت صحيفة يومية خبرا مفاده أن الحكومة تعتزم فرض ضريبة على أرباح الأسهم.
وبالرغم من نفي الحكومة لهذه الأنباء، إلا أن غالبية الأسهم سجلت تراجعا، ليقفل السوق على انخفاض بنسبة 2%.
وتخوض الحكومة ممثلة بمدير دائرتي الدخل والمبيعات إياد القضاة، ومسؤولين في وزارة المالية حوارات مع مختلف القطاعات التجارية والصناعية والنقابية، وستتواصل الحوارات للوصول لصيغة شبه توافقية ستقرها الحكومة في الأشهر القليلة المقبلة على أن ترفع للبرلمان في دورته العادية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
غياب أسس عادلة
ويؤكد رئيس جمعية مدققي الحسابات الأردنية السابق محمد البشير أن السياسة الضريبية في الأردن لا تقوم على أسس عادلة تكون نسب الاقتطاع فيها تصاعدية لتؤخذ من الأغنياء لصالح الفقراء.
وقال البشير للجزيرة نت إن المشروع الجديد لا يختلف كثيرا عن القانون السابق من حيث الأسس، غير أنه يوسع دائرة الفئات المشمولة في القانون ويقلل من الشرائح المعفاة من أحكامه.
" يؤكد رئيس جمعية مدققي الحسابات الأردنية السابق محمد البشير أن السياسة الضريبية في الأردن لا تقوم على أسس عادلة تكون نسب الاقتطاع فيها تصاعدية لتؤخذ من الأغنياء لصالح الفقراء " |
وانتقد البشير بشدة عدم رفع المشروع الجديد لنسبة الضريبة المفروضة على البنوك وشركات التأمين، وعدم فرض أي ضريبة على تداولات السوق المالية التي باتت قطاعا لا يدر أي دخل يذكر على الخزينة.
وتقدر أوساط اقتصادية حجم موجودات بورصة عمان بنحو 50 مليار دولار، ولا تفرض الحكومة أي ضريبة على أرباح الأسهم أسوة بالضريبة التي فرضتها قبل عامين على أرباح فوائد البنوك بنسبة نصف بالمئة.
وتبلغ نسبة ضريبة الدخل على البنوك 35% حيث كانت 55% حتى عام 1996.
ويعزو البشير ما يصفه بـ"غياب العدالة" عن السياسات الضريبية في الأردن لنفوذ قوى رأس المال وسطوتها على السياسات والتوجهات والتشريعات الاقتصادية.
وطالب البشير الحكومة بإلغاء ضريبة المبيعات عن السلع والخدمات في ظل موجات الغلاء التي تلاحق المواطن الأردني، كما طالب بإلغاء الضريبة على مدخلات الإنتاج في ظل الأزمة التي تهدد تنافسية القطاع الصناعي الأردني.
وفي اجتماعه مع قادة النقابات المهنية الثلاثاء الماضي استمع رئيس دائرة ضريبتي الدخل والمبيعات لملاحظات النقابات التي يبلغ عدد أعضائها نحو 150 ألف مهني يشكلون عماد الطبقة الوسطى في المملكة.
النقابات المهنية
وقال نقيب المهندسين وائل السقا للجزيرة نت إن النقابيين طالبوا القضاة ومسؤولي وزارة المالية بعدم المساس بما ورد في القانون الساري فيما يتعلق بالنقابات المهنية ومواردها، وخاصة صناديقها باعتبار النقابات مؤسسات غير ربحية، وأن العملية الاستثمارية لموجداتها تهدف لتأمين التزامات تقاعدية مستقبلية باهظة الثمن، وليس هدفها توزيع الأرباح على الأعضاء كما هو معمول به في الشركات المساهمة.
ورغم نفي المسؤولين الحكوميين وجود أي نية للمساس بصناديق النقابات المهنية، إلا أن مدير عام الضريبة قال إنه سيتم وضع ضوابط لاعتبار المؤسسات غير ربحية من عدمه، وهو ما يثير المخاوف، بحسب السقا.
وكان مطلع الأسبوع الجاري قد شهد لغطا شديدا إثر نشر إحدى الصحف وجود نية لدى الحكومة فرض ضريبة على دخول الأردنيين المقيمين بالخارج، لكن الحكومة سارعت لنفي هذه الأنباء على اعتبار أن مثل هذه الضريبة ستحد من تدفق تحويلات الأردنيين في الخارج.
وبلغ حجم تحويلات الأردنيين في الخارج العام الماضي نحو 2.4 مليار دينار (3.4 مليارات دولار).
وعلى الرغم من انفتاح الحكومة على مختلف القطاعات للوصول إلى حد معقول من التوافق، يؤكد البشير أن التشوهات الضريبية تفقد الخزينة العامة مئات الملايين من الدنانير، ويرجع ذلك إلى "سطوة" رجال أعمال على القرار الاقتصادي في المملكة.