أوضاع معيشية صعبة وتحديات اقتصادية أمام الحكومة اللبنانية

شارع الحمرا يعد عصبا اقتصاديا في العاصمة اللبنانية - جلعاد - الجزيرة نت
شارع الحمرا يعد عصبا اقتصاديا في العاصمة اللبنانية (الجزيرة نت)
 
حسين جلعاد-بيروت
 
تنتظر الحكومة اللبنانية المرتقبة ملفات اقتصادية شائكة في الفترة القادمة، في بلد تشير فيه التقديرات إلى أن 25% من سكانه يعيشون في فقر نسبي منهم 5% يرزحون تحت "فقر مدقع"، حسب الإحصاءات الحكومية الصادرة في برنامج عمل الحكومة لتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية للعام 2007.
 
ويرى محللون وخبراء اقتصاديون أنه مع الاستقرار السياسي والأمني المتوقع في المرحلة المقبلة في لبنان سيشهد الاقتصاد تأثيرات ملحوظة في الأوضاع المعيشية والإنتاجية خاصة أن إجمالي الدين العام في الربع الأول من العام 2008 قد بلغ نحو 43 مليار دولار.
 
كما وصل العجز في الموازنة العامة في العام 2007 إلى 10.6% من الناتج المحلي.
 
تأثيران متلازمان
واعتبر الباحث الاقتصادي اللبناني شربل نحاس أنه مع انخفاض مستوى القلق السياسي والأمني بعد توقيع اتفاق الدوحة سيعاود الاقتصاد اللبناني التأثر بالتدفقات الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط مثل غيره من اقتصاديات بلدان المشرق العربي، وستظهر تلك التأثيرات في قطاع العقارات وتجارة التجزئة.
 
وأوضح نحاس في حديث للجزيرة نت أن اقتصاد البلاد سيشهد في الفترة المقبلة تأثيرين متلازمين لا يلغي أحدهما الآخر، الأول سلبي وهو زيادة كلفة المعيشة على مستوى السكان وارتفاع كلفة الإنتاج للمؤسسات المنتجة.
 
ولكن في المقابل هناك تأثير إيجابي ثان هو ورود تدفق مالي من الخارج والمغتربين باتجاه قطاعي المصارف والعقارات ما سيسمح للحكومة بتمويل ديونها نتيجة الخسائر التي ستتكبدها في قطاع الكهرباء والطاقة.
 
هموم انتخابية
من جهته قلل المحلل الاقتصادي كمال حمدان من إمكانية أن تحقق الحكومة المزمع تشكيلها إنجازات جذرية نظرا لقصر عمرها حيث ستكون مشغولة "بالهموم الانتخابية" للانتخابات البرلمانية التي ستستحق خلال أشهر.
 
وقال في حديث للجزيرة نت إن "جل ما يمكن أن تفعله الحكومة هو توفير مناخ للاستثمار بشقيه الداخلي والخارجي" بما في ذلك التحويلات القادمة من المغتربين اللبنانيين.
 
ووصف حمدان مشروع نظام تصحيح الأجور المعروض أمام البرلمان بأنه "مشوه" ولا يلبي حاجة المواطن اللبناني، وحذر من أن ذلك قد يتسبب بظهور احتجاجات شعبية بسبب انخفاض الأجور مقابل ارتفاع معدلات التضخم، حسب تعبيره.
 
وتشير توقعات الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي إلى أن العجز سيسجل في العام الحالي حوالي 9% من الناتج المحلي. أما نسبة التضخم في الأشهر العشرين الأخيرة فقد جاوزت 43%، بينما وصلت هذه النسبة في الربع الأول من العام الحالي إلى حوالي 5% حسب جمعية حماية المستهلك.
 
منطقة السوليدير وسط بيروت شهدت عودة للنشاط الاقتصادي (الجزيرة نت)
منطقة السوليدير وسط بيروت شهدت عودة للنشاط الاقتصادي (الجزيرة نت)

الإصلاح والاستثمار
من جهة أخرى ربط الباحث نحاس أداء الحكومة المقبلة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي المتوقعة في الخريف القادم، وقال إن توقيع برنامج تصحيح اقتصادي سيترتب عليه وضع قيود شديدة بشأن الضرائب والإنفاق العام والخصخصة ودور الدولة في قطاعات عديدة.

 
وأضاف نحاس "السؤال هو كيف ستسلك الدولة والصندوق الدولي حيال المسائل الاقتصادية؟ هل يكون هناك توجه أكثر صرامة حيال العجز والديون العامة؟". وقال إن "الخيارات لن تكون سهلة في هذا المجال".
 
في المقابل أقر المحلل الاقتصادي حمدان بأن "العلاقة مع صندوق النقد الدولي حساسة"، لكنه استبعد العودة إلى "نموذج الرقابة التقليدي" بناء على تقرير الصندوق الصادر قبل أسبوعين، وأشار إلى "رضا" المؤسسة الدولية عن السياسات المالية في البلاد.
 
وأوضح أن الاقتصاد اللبناني لا يتطلب "تدخلات عنيفة" من قبل صندوق النقد شرط أن تستعيد معدلات النمو منحاها الصاعد. وشدد على أن الحكومة يتوجب عليها تنويع أنماط الاستثمار وعدم الاكتفاء بالاستثمارات العقارية خاصة في ظل نقص المقدرات المالية للدولة وعجز الحكومة عن بناء استثمار في القطاع العام.
 
ولفت حمدان إلى أن أفضل ما يمكن أن تفعله الحكومة لإصلاح الاقتصاد هو الإسراع باستصدار القوانين والإفراج عن 130 مشروع قانون في أدراج النواب لتنظيم الاستثمار وتحسين حياة الناس خاصة ما يتعلق بضمان الشيخوخة والإنمائية واللامركزية الإدارية.
 
يذكر أن الحد الأدنى للأجور في لبنان لا يتجاوز 230 دولارا أميركيا شهريا. وكانت الحكومة السابقة قد أقرت زيادة على الحد الأدنى في القطاع العام ليرتفع إلى 360، لكن الزيادة لم تقر حتى الآن لحاجتها إلى تصديق البرلمان اللبناني.
 
واعتبر الاتحاد العمالي العام هذه الزيادة غير كافية ويطالب بتصحيح الأجور لتلائم ارتفاع معدلات التضخم. ويقول إن الحد الأدنى ينبغي ألا يقل عن 640 دولارا شهريا حيث تحتاج العائلة يوميا نحو 20 دولارا لسد الاحتياجات الأساسية.
إعلان
المصدر: الجزيرة

إعلان