رفع رواتب موظفي الحكومة في مصر حل أم تهدئة؟

لقي قرار الرئيس المصري محمد حسني مبارك زيادة رواتب موظفي الحكومة بنسبة 30% ترحيبا حذرا من الاقتصاديين الذين أكدوا ضرورة تفعيل آليات ضبط السوق والأسعار، وبدء تنمية قدرات الإنتاج المحلي كحل فعال للأزمة الاقتصادية الراهنة.
وقال مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام للشؤون الاقتصادية للجزيرة نت إن السياسيين يلجؤون لرفع الأجور كحل سريع في مواجهة موجات الغلاء، لكن ذلك ليس حلا جذريا للمشكلة لأن زيادة الأجور عادة ما تكون بسيطة والشريحة المستفيدة منها هي موظفو الحكومة وهم أقل من 20% من العاملين في البلاد.
وأضاف ممدوح الولي أن الأسعار ترتفع تلقائيا مع الإعلان عن أي زيادة في الرواتب، إما لجشع التجار أو بفعل آليات السوق حيث تزيد نسبة الأموال التي يضخها المستهلكون بالسوق فيزيد الطلب فترتفع الأسعار.
الإجراءات والتهدئة
ووصف الولي الإجراءات الحكومية الأخيرة لمواجهة الغلاء مثل تفعيل دور المجمعات الاستهلاكية ووقف تصدير بعض السلع وإلغاء الجمارك عن السلع الغذائية المستوردة وإضافة مواطنين جدد للبطاقات التموينية، بأنها "مسكنات وقتية".
ورأى أن الحل الحقيقي يبدأ بزيادة القدرات الإنتاجية للمجتمع لتفادي الفروق الكبيرة بالأسعار العالمية، موضحا أن نسبة الاكتفاء الذاتي في مصر من السلع الأساسية لا تتعدى 25% في الفول و15% في زيت الطعام و50% في القمح.

وحذر الولي من أزمة كبيرة يتعرض لها الفلاحون ومربو الماشية بسبب ارتفاع حاد لأسعار الأعلاف واضطرار بعض الفلاحين لذبح الماشية مبكرا لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف تربيتها، وتوقع مع استمرار ارتفاع الأعلاف زيادة أسعار اللحوم والألبان خلال الأشهر القليلة المقبلة بنسبة 300% .
كما أشار إلى سيطرة لوبي على السلع الأساسية في مصر هم من رجال الأعمال الأعضاء أو المرتبطين بالحزب الحاكم، ويضغط هؤلاء لوقف أي حلول من شأنها تخفيض الأسعار نظرا لاستفادتهم من الوضع الراهن.
أما رئيسة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري للجزيرة نت فقالت إن على الحكومة تفعيل آليات ضبط السوق ووقف عمليات التلاعب بالأسعار، أو تفعيل قوانين حماية المستهلك وحماية المنافسة وقانون العقوبات التي تجرم مواده الاتجار بقوت المواطنين واحتكار السلع الرئيسية.
وأضافت د. يمن حماقي وهي عضو الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم، أن حزبها لا يسمح بالمتاجرة في قوت المواطنين.
ونفت وجود علاقة بين قرار الرئيس مبارك زيادة الرواتب وإعلان الإخوان المسلمين -أكبر جماعة معارضة بالبلاد- المشاركة بإضراب عام دعا إليه نشطاء ومدونون ينظم بالرابع من الشهر الجاري بالتزامن مع عيد ميلاد الرئيس.
" حماقي: المتتبع لسياسات الرئيس مبارك الاقتصادية يجد أنها تعطي أولوية خاصة للبعد الاجتماعي " |
وأعربت حماقي عن اعتقادها أن "المتتبع لسياسات الرئيس مبارك الاقتصادية ومنذ بداية عهده عام 1981 يجد أنها تعطي أولوية خاصة للبعد الاجتماعي، ومن الطبيعي عند ارتفاع الأسعار بهذا الشكل أن يأتي قرار زيادة الرواتب مواكبا".
وتبلغ اعتمادات الأجور بالميزانية المطروحة أمام البرلمان حاليا 55 مليار جنيه، ويصل الفارق بين نسبة الـ15% التي كانت تنوي الحكومة تطبيقها زيادة بالمرتبات والـ30% التي أعلنها الرئيس حوالي 6.2 مليارات جنيه.
وتتفق د. حماقي والخبير الاقتصادي الولي في أن الحكومة ستغطي مبلغ الـ6.2 مليارات جنيه عبر زيادة الضرائب، ورفع أسعار المشتقات البترولية حيث تدرس تخفيض الدعم للبنزين بعدما وصل إلى 63 مليار جنيه.
لكن المسؤولة الحزبية رفضت إلزام القطاع الخاص برفع رواتب موظفيه بنسبة الـ30%، موضحة أن هذا لا يصلح مع نظام الاقتصاد الحر المعمول به في مصر حاليا.