الصراع على مصادر النفط قد يغير خريطة الشرق الأوسط

حذر خبير النفط العالمي كولن كامبل من تداعيات نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط إذا هاجمت الولايات المتحدة إيران، "حيث ستؤدي تلك الحرب إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط التي قد تصل إلى 500 دولار للبرميل".
وقال كامبل في حوار مع الجزيرة نت أثناء زيارة له إلى سويسرا "إن التهور الأميركي للسعي وراء منابع النفط قد يدفع بالإدارة الحالية إلى حرب جديدة رغم أخطاء أفغانستان والعراق، لكن عواقبها ستكون اقتصاديا وسياسيا من أعقد ما يمكن تخيله لأنها ستؤثر سلبيا على شكل الخريطة السياسية للخليج والمنطقة".
صراع مكشوف
ورأى المتخصص في علوم طبقات الأرض أن الصراع على النفط بدأ يدخل مرحلة محمومة ظاهرة للعيان "بعدما كان مستترا تحت مسميات مختلفة"، ودعا الحكومات الأوروبية إلى "اليقظة وعدم الانصياع للرغبات الأميركية في دعم حرب جديدة في الشرق الأوسط".
وأكد على أن القوى السياسية والاقتصادية المؤثرة في العالم لم تستوعب بعد أن خريطة صناعة النفط تغيرت ملامحها منذ تسعينيات القرن الماضي، وأن اللاعبين الجدد على الساحة ليسوا كمن سبقهم، ما يفرض ضرورة التعامل مع الواقع بشكل جديد منطقي وعملي.
وفي هذا الصدد يشير الخبير الإيرلندي إلى تغيرات إيجابية في إستراتيجيات أرامكو السعودية "التي بدأت تنظر إلى مصالحها الاقتصادية من منطلق قومي وتقلص من اعتمادها التقني على الغرب"، وكذلك هو الحال مع غازبروم الروسية "حيث أصبحت محاورا يتحسب الغرب ردود أفعالها".
بيانات مضللة
كما يشير كامبل إلى أن ارتفاع أسعار النفط سيتواصل إلى 150 دولارا، معللا ذلك بزيادة الطلب وعدم إمكانية الدول المنتجة تلبية التزامات السوق، لأن العالم بدأ مرحلة تراجع احتياطيات النفط.
واتهم كامبل كبريات شركات النفط بإعطاء بيانات متضاربة حول الإنتاج والاحتياطي، "ما يعطي صورة غير حقيقية عن مستقبل النفط"، خاصة مع تراجع إنتاجه في خمسين دولة، في حين يتزايد استهلاك الطاقة بشكل كبير بسبب نمط الحياة الغربي المفرط في الرفاهية.
أما الرأي العام القلق من ارتفاع أسعار النفط، فنصحه كامبل بأن يدرك الفرق بين برميل النفط والبقرة الحلوب، تلك الأخيرة التي يمكن ضمان استمرار لبنها إذا أحسن صاحبها العناية بها وبنسلها، أما النفط فهو موشك على الانتهاء لأن مصدره غير متجدد.
ويعتقد كامبل أن تلك المقارنات تجعل المواطن العادي يقتنع بالتوجه نحو مصادر الطاقات المتجددة كطوق نجاة يجب الآن البدء في تجهيزه بدلا من الانتظار حتى اللحظات الأخيرة التي تنضب فيها موارد النفط أو ترتفع أسعار المحروقات المشتقة منه، وحينها ستكون أسعار الطاقة البديلة ليست أقل سعرا طبقا لقوانين العرض والطلب.
بروتوكول النضوب
ويُعتبر كولن كامبل أحد منتقدي إستراتيجيات صناعة النفط استنادا إلى نصف قرن من العمل في كبريات مؤسساتها، وهو أحد واضعي نظرية "بداية نهاية عهد النفط" التي ألف لها العديد من المقالات وبعض الكتب.
ويرجع إليه الفضل في إعلان "بروتوكول نضوب النفط" عام 2003 الذي يقترح تعاونا دوليا لتنظيم إنتاج النفط وترشيد توزيع استهلاكه للموازنة بين العرض والطلب، ما يساعد -حسب البروتوكول المعتمد من جامعة أبسالا السويدية- على ضمان تراجع أسعاره أو الحفاظ عليها ثابتة في حدود مقبولة.
غير أن منتقديه يرونه مروجا لأفكار "تتعارض مع الليبرالية الاقتصادية ولا مكان لها في زمن العولمة ويتشككون في صحة تحليلاته"، لكنه يؤكد أن "نهاية النفط لن تكون بين عشية وضحاها، لكن العالم في الطريق إليها فهي آتية بلا ريب".