مؤتمر سويسري دولي يتنبأ بنهاية عصر النفط

تامر أبو العينين–بازل
شهد مؤتمر الفرع السويسري السنوي لرابطة دراسات ذروة النفط والغاز في بازل اختلافا حادا في وجهات النظر بين فريقين؛ أحدهما يرى ضرورة عدم الشعور بالقلق والتوتر نتيجة ارتفاع أسعار النفط، الذي سيبقى حسب وجهة نظرهم مصدرا مهما للطاقة على المدى البعيد.
في حين أشار فريق آخر إلى أن الوقت قد حان للتحول التدريجي نحو الطاقات البديلة المتجددة والاستثمار الجيد فيها، قبل أن يؤدي التسابق عليها إلى ارتفاع هائل في أسعار الخامات والأبحاث المتعلقة بها، كما يحذر هذا الفريق من تبعات السباق المحموم على النفط مما قد يؤدي إلى حروب مأساوية.
الدولار هو السبب
وقال رئيس اتحاد النفط السويسري رولف هارتل للجزيرة نت "يجب أن يعي الرأي العام الأوروبي السبب الرئيس وراء ارتفاع أسعار النفط وهو انخفاض سعر الدولار الحاد، وإذا أجرينا مقارنة دقيقة بين قيمة سعر صرف الدولار الآن وما كان عليه قبل عام أو أكثر فسنجد أن سعر النفط لم يرتفع بدرجة مخيفة".
أما بقية العوامل الأخرى مثل العلاقة بين زيادة الاستهلاك ومعدلات الإنتاج فقد اعتبرها "عارضة وليست دائمة"، لاسيما أن هناك العديد من مشاريع التنقيب عن النفط في مناطق مختلفة في العالم مما سيرفع معدلات الإنتاج حسب توقعاته.
" المؤرخ بمركز السياسات الأمنية في زيورخ دانيال غانسر، يرى أن الصراع المحموم على النفط سيؤدي حتما إلى حروب ضارية، ليست فقط عسكرية بل أيضا اقتصادية بين شركات النفط الكبرى التي تسعى وراء مصالحها مهما كان الثمن " |
ويعتقد هارتل أن المرحلة المقبلة ستشهد ترشيدا في استهلاك الطاقة على الصعيد الأوروبي، ولكن هذا يعتمد على مدى قابلية المجتمعات الغربية لتغيير نمط معيشتها في مجال المواصلات واستعمال الأجهزة الكهربائية المنزلية بكثافة.
مخاوف المستهلكين
في المقابل يؤكد المؤرخ بمركز السياسات الأمنية في زيورخ دانيال غانسر أن العالم يعيش حاليا "بداية مرحلة التخلي عن النفط كأحد مصادر الطاقة الأساسية"، وأشار إلى توجهات أوروبية قوية لاستخدام الطاقة المستخرجة من قوة الرياح والشمس وحرارة باطن الأرض، وكيف أن الاستثمار فيها أصبح مجديا للعديد من المؤسسات والأفراد على حد سواء.
ويشير غانسر إلى أن تداعيات ارتفاع أسعار النفط لا تنتظر تحليلات سعر صرف الدولار وغيرها، بل تنعكس مباشرة على ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية الأساسية وتكاليف التدفئة، التي بدت واضحة في الأسواق الأوروبية وستتفاقم مع حلول الشتاء، حسب توقعاته.
ويقول الباحث الإستراتيجي للجزيرة نت إن الصراع المحموم على النفط سيؤدي حتما إلى حروب ضارية، ليست فقط عسكرية بل أيضا اقتصادية بين شركات النفط الكبرى التي تسعى وراء مصالحها مهما كان الثمن.
ويرى أنه من الضرورة أن يعرف الرأي العام الدولي نسبة تراجع إنتاج النفط والغاز في العديد من الدول والمناطق مثل بحر الشمال والجزر الإندونيسية وليبيا ورومانيا وغيرها، والضغوط على بعض الدول الخليجية لزيادة الإنتاج.

بين رأيين
وفي حين يدعم غانسر بشدة الرأي القائل إن القرار السياسي يجب أن يدعم الطاقات البديلة لتخفيف الضغط على استهلاك النفط، وتقديم الاستثمارات اللازمة لتطوير تلك المجالات نحو تطبيق أفضل يرى هارتل أن الحديث عن بداية نهاية عصر النفط مبالغ فيه، ويتوقع أن يستمر الأمر على ما هو عليه الآن حتى عام 2070، استنادا إلى دراسة أعدتها إحدى شركات النفط العالمية الكبرى.
يشار إلى أن "رابطة دراسة ذروة النفط والغاز" قد تأسست في ألمانيا عام 2000 وتضم بين أعضائها علماء في الاقتصاد والسياسية وخبراء نفط ومفكرين، وتهدف إلى تهيئة العالم لما تصفه بمرحلة ما بعد النفط حيث يعتقد خبراؤها أنها بدأت بالفعل.