تباين المواقف بشأن تداعيات الأزمة المالية في المغرب

تباينت مواقف المغرب إزاء الأزمة المالية العالمية التي أصابت الاقتصاد الأميركي والأوروبي بالكساد، فقد حذّر ملك المغرب محمد السادس المصارف العربية من الأزمة ودعاها إلى اليقظة الشديدة، ووجهت الحكومة المغربية رسالة لطمأنة الرأي العام على لسان ناطقها الرسمي، كما اقترح بعض المحللين الاقتصاديين إجراءات للحد من التداعيات السلبية للأزمة على المغرب.
أما بشأن تداعيات الأزمة على الأسهم في المملكة فقد تكبدت بورصة الدار البيضاء خسائر غير مسبوقة، وأخذت الأزمة تستشري في القطاع العقاري.
ودعا ملك المغرب المصارف العربية إلى اليقظة الشديدة خلال انعقاد الدورة الـ32 لمجلس محافظي المصارف المركزية العربية بتنسيق مع صندوق النقد العربي الثلاثاء الماضي.
" |
وقال الملك في رسالة قرأها محافظ المصرف المركزي المغربي، إن نمو الاقتصاد العربي واستقراره ينبغي ألا "يثنيا عن ضرورة اليقظة الشديدة بمراقبة أسواقنا المالية واستمرار التنسيق بينها".
وأفاد خالد الناصري الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية عقب اجتماع غير عادي للحكومة أن المغرب بمنأى عن مخاطر الأزمة المالية العالمية، لكونه غير منخرط -كما هي بلدان نامية أخرى- في السوق المالية الدولية.
ودعا المغاربة إلى الثقة في الدور الذي تقوم به المؤسسات البنكية الوطنية والأسلوب الحذر الذي تباشر به الحكومة متابعة هذا الموضوع وإمكانياتها لمواجهة تداعيات الأزمة المالية على البلاد.
وأشار الناصري إلى تقرير صحيفة "فايننشال تايمز" التي رأت في دراسة نشرتها "أن المغرب حقق نتائج اقتصادية جيدة في السنوات الأخيرة، وأنه يعالج الملفات الاقتصادية بكيفية متوازنة وجدية.
اقتراحات لمواجهة الأزمة
وأما من وجهة نظر اقتصادية فقد اعتبر أكثر من خبير اقتصادي مغربي أن الأزمة خطيرة، وأن البلاد ليست بعيدة عنها.
وقال الدكتور لحسن الداودي أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط والنائب البرلماني إن الأزمة الحالية هي أزمة في صلب الرأسمالية نتجت عن الإفراط في الخصخصة وترك السوق بين أيدي الشركات العملاقة العابرة للقارات.
" الداودي: الأزمة المالية كبيرة وشاملة، وستفتح المجال مجددا أمام عودة تدخل الدولة في الأسواق المالية والاقتصادية والفرصة مواتية لإعادة العمل بالمعاملات المصرفية الإسلامية " |
وأضاف الداودي للجزيرة نت أن هذه الأزمة كبيرة وشاملة، وستفتح المجال مجددا أمام عودة تدخل الدولة في الأسواق المالية والاقتصادية.
وأشار إلى أن الأزمة ستصل المغرب لا محالة، إن لم تكن قد بدأت فيه.
واقترح إعداد "قانون مالية للمقاومة" يعاد فيه الاعتبار للطلب الداخلي، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة من 14% إلى 10% وإلغاء ضرائب أخرى.
ورأى الداودي أن الفرصة مواتية لإعادة العمل بالمعاملات المصرفية الإسلامية التي تعمدت الحكومة إجهاضها منذ أكثر من عام، مؤكدا أن الرأسمالية ذاتها أصبحت تشعر بالحاجة إلى هذه المعاملات، فكيف ببلد يعلن في دستوره أنه إسلامي.
وكان قطاع العقار أول مجال تظهر فيه الأزمة المالية الحالية بالمغرب، حيث تتردد منذ أشهر أحاديث عن ركود في القطاع العقاري ، لكن أصوات المسؤولين العقاريين ظلت تؤكد سلامة القطاع، قبل أن تعترف هذا الأسبوع بانخفاض قدره 20% خاصة في العقارات الفاخرة والاجتماعية. ويتوقع الخبراء أن يستمر التراجع شهورا أخرى.