رفع أسعار المحروقات معادلة صعبة أمام الرئيس الإندونيسي
يواجه الجنرال المتقاعد سوسيلو بامبانغ يوديونو الذي يتأهب لتولي رئاسة إندونيسيا معارضة سياسية وأحوالا اقتصادية لم تتح له الكثير من الوقت للاستمتاع بنشوة النصر في انتخابات الرئاسة.
وقذفت الظروف في وجهه يوديونو قبل توليه الرئاسة أزمة اقتصادية تتمثل في الحاجة لرفع أسعار المحروقات وهي إحدى السلع الأساسية لدى المواطن الإندونيسي الذي يعاني بطبيعة الحال من ظروف معيشية صعبة.
وتقدر إحصاءات مختصة مخزون إندونيسيا من النفط بنحو 4.7 مليارات برميل، تنتج منه 1.02 مليون برميل يوميا، حسب ما تخصصه لها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وهي لا تفي باحتياجات البلاد من المحروقات التي تبلغ 1.13 مليون برميل يوميا، ولذلك تستورد كمية من النفط من الخارج، بدعم حكومي لخفض العبء عن المواطن وبتكلفة تبلغ 11.6 مليار دولار أميركي سنويا.
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن عدم إلغاء هذا الدعم أو زيادة أسعار المحروقات من شأنه أن يعيق عملية الإصلاح الاقتصادي في البلاد، ويعتقد عمر جورو من مركز معلومات ودراسات التنمية أن حكومة يديونو ستواجه مشاكل كثيرة ما لم تتخذ خطوة جريئة لمعالجة الأزمة.
وقال جورو إن عدم معالجة الموقف سيفقد المستثمرين الثقة في الاقتصاد الإندونيسي لأنه إذا ارتفعت أسعار الوقود فلن يستثمروا المزيد من أموالهم في الاقتصاد الإندونيسي.
وفي المقابل اذا لم يرفع يوديونو أسعار المحروقات فسيواجه أزمات سياسية مع بدء مباشرة مهامه كرئيس، فالبرلمان الإندونيسي يطالبه برفع الأسعار في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل أي بعد شهر من توليه الرئاسة.
وتعاني شركة النفط الحكومية برتامينا منذ شهور من أزمة مالية بسبب مماطلة الحكومة في تسديد المخصصات الشهرية لدعم المحروقات لشهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب الماضيين.
وزادت أزمة برتامينا تعقيدا بعد ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية تجاوزت 50 دولارا للبرميل مما يلزمها بدفع مبالغ أكبر لاستيراد الخام من الخارج.
" ارتفاع أسعار النفط يكلف برتامينا مليار دولار شهريا واستمرار امتناع الحكومة عن تسديد مستحقاتها المالية يجعل الشركة عرضة للإفلاس بسبب نقص السيولة النقدية " |
ويكلف ارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق مستوى 40 دولار للبرميل برتامينا حوالي مليار دولار شهريا على الأقل، وفي حال استمرار امتناع الحكومة عن تسديد مستحقات الشركة المالية فإن أكبر شركة حكومية ستفلس بسبب نقص السيولة النقدية.
ولكون أسعار المحروقات واحدة من المواد الأساسية لدى الشعب الإندونيسي، فمن الممكن أن يخلق المساس بها أزمات كبيرة، فقد أطاحت أزمة مماثلة بالرئيس السابق سوهارتو عام 1998، وواجهت الحكومات الثلاث التي تلته احتجاجات شعبية كبيرة عند قيامها برفع أسعار المحروقات بمعدلات بسيطة.
وقد تجنبت ميغاواتي سوكارنو على الدوام الاقتراب من موضوع رفع الدعم عن أسعار المحروقات خوفا من أن يقود ذلك إلى ثورة شعبية ضد حكومتها، لكن الأمر يختلف الآن بعد ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية.
ووضع البرلمان الحالي الذي تنتهي ولايته خلال أيام قليلة، أمام الرئيس الجديد هذا الشرك في بداية توليه الرئاسة، ويعتبر رئيس لجنة الموازنة في البرلمان الإندونيسي المنتهية ولايته عبد الله زيني هو أحد كبار قادة حزب غولكار المعارض ليوديونو وحكومته الجديدة، ولذلك حرص على خلق هذه الأزمة ليوديونو.
وتأتي هذه المسألة في وقت لا يملك فيه حزب يوديونو "الحزب الديمقراطي" سوى 47 مقعدا من مجموع 550 مقعدا، ولا تزيد مقاعده ومقاعد الأحزاب المتحالفة معه عن 30% من مقاعد البرلمان، مما سيجعل مهمته كرئيس صعبة في مواجهة برلمان تتمتع أحزاب المعارضة (غولكار برئاسة أكبر تانجونغ وحزب الشعب الديمقراطي من أجل النضال بقيادة ميغاواتي) بثقل كبير فيه.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة إندونيسيا شاتب بصري للجزيرة نت إن على يوديونو اتخاذ قرار رفع الأسعار الآن، وعليه إقناع الشعب بضرورة هذه الخطوة للحفاظ على قوة الاقتصاد الوطني، لكنه لن يضر بالطبقة الفقيرة.
ودعا حكومة يوديونو باتباع سياسة متوازنة في رفع الأسعار بحيث تخفف من العبء على الموازنة العامة ولا تلحق في الوقت نفسه الضرر بالطبقة الفقيرة.
___________________________
مراسل الجزيرة نت