حمى الهواتف النقالة تجتاح أفغانستان برغم الفقر
تنتشر بين الأفغان الذين لا يزيد متوسط دخل الفرد منهم على 20 دولارا شهريا حمى الهواتف النقالة بسرعة كبيرة بعد أن بدأت شركة الاتصالات الأفغانية الشهر الماضي في تقديم الخدمة في البلاد التي تنوء بأنقاض ربع قرن من النزاعات الداخلية والحروب كان آخرها الحرب الأميركية التي خلفت دمارا واسعا.
في العاصمة كابل صاح لاجئ أفغاني سابق يقول "أريد نوكيا" وهو يقف في آخر طابور مزدحم في مكتب البريد. واستمر الرجل الذي عاد لتوه من معسكرات اللاجئين في باكستان يصيح وسط ضجيج آخرين "لا بد أن أتكلم مع عائلتي الآن".
ويصطف الطابور الطويل أمام رجل يبدو أنه على قدر من التعليم يقوم بإدخال بطاقات الهواتف المحمولة الواحدة تلو الأخرى ويسجل الأسماء والأرقام المسلسلة وماركات الهواتف. أما المصطفون ففي أيديهم دولارات مهترئة ينتظرون دورهم بقلق خشية نفاد كمية الهواتف المحمولة أو اختفائها.
يقول مدير شركة الاتصالات جافين جيفري "سرنا الطلب المفاجئ وليس ثمة إشارة إلى أنه سيتراجع". وحتى الآن بيع 1800 هاتف في أول خطوة لإعادة البنية التحتية للاتصالات لأفغانستان. وتعد الهواتف العادية وليس المحمولة شيئا غير مألوف في أفغانستان. فنظام الاتصالات الهاتفية تعطل في الثمانينيات وانهار عقب استيلاء فصائل المجاهدين على السلطة عام 1992 مع انهيار الحكومة التي كان السوفيات يدعمونها بعد ثلاث سنوات من انسحابهم بعد احتلال دام عشر سنوات.
ومنذ ذلك الحين اعتمد الأفغان على نقل الرسائل باليد أو عبر نظام بريدي متهالك. وحال غياب نظام اتصالات يعول عليه دون نجاح الحكومة المؤقتة برئاسة حامد كرزاي في ترسيخ وحدة وطنية وأداء المهام الطبيعية الموكولة إليها.
وقال جيفري "وجود نظام اتصالات يعتد به أحد الشروط الضرورية اللازمة لبناء اقتصاد ناجح ووحدة سياسية أيضا". وكرر مثل هذه التصريحات مسؤولون بارزون في الحكومة اضطروا للتنافس فيما بينهم للحصول على هواتف تعمل بالأقمار الصناعية قدمتها بعض الجهات الدولية.
وقال رئيس وحدة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية "كيف لي أن أدير حربا ضد المخدرات في حين لا يوجد لدي حتى هاتف للتحدث مع الناس في شتى أنحاء البلاد". وشركة الاتصالات اللاسلكية الأفغانية هي مشروع مشترك بين وزارة الاتصالات وشركة تي إس آي لخدمات الاتصالات الأميركية التي يوجد مقرها في فلوريدا.
وأنفقت الشركة حتى الآن نحو 50 مليون دولار لتطوير شبكة الهاتف المحمول في كابل التي ستمتد خلال الأسابيع القادمة إلى المدن الرئيسية مثل هرات في الغرب ومزار شريف في الشمال. أما قندهار وجلال أباد فهما على قائمة الانتظار.
وبالأسعار الغربية فإن المكالمات المدفوعة مسبقا تعد أرخص نسبيا حيث يبلغ سعر دقيقة الاتصال بأميركا الشمالية وأوروبا 50 سنتا. لكن في بلد الملايين من سكانه تحت خط الفقر فإن تلك الأسعار فلكية. ومعظم المشترين تجار وأجانب ولاجئون سابقون حصلوا على بعض المال في الخارج أو لديهم بعض العملة الصعبة.
وقريبا سيتاح لسكان كابل الدخول إلى شبكة الإنترنت، إذ تقول شركة الاتصالات إنها ستبدأ في تقديم خدمات الإنترنت في الأسابيع القليلة القادمة قبل بدء اجتماعات مجلس الأعيان (لويا جيرغا) الذي سينعقد الشهر القادم. وتأمل الشركة في نهاية الأمر تقديم خدمات هاتفية عادية لكن باستخدام تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية.