الأمين العام المساعد للتعاون الإسلامي: السياحة التاريخية بوابة حوار الحضارات
خيوة، خوارزم – قال الدكتور أحمد كاويساسنغندو، الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي، إن المنظمة التي تأسست عام 1969 وتضم 57 دولة، تسعى لإقامة أمة قادرة على التطور والاكتفاء الذاتي والدفاع عن نفسها.
وأضاف الدبلوماسي الأوغندي في حواره مع الجزيرة نت أن المنظمة اختارت المدن السياحية لعامي 2025 و2026 و2027 بالتوافق على أن تكون "دكار" عاصمة السنغال مدينة منظمة التعاون الإسلامي لعام 2025 و"القاهرة" عاصمة مصر مدينة المنظمة لعام 2026 بينما تحل لاهور الباكستانية في عام 2027.
وأضاف -على هامش مؤتمر وزراء السياحة في العالم الإسلامي المنعقد في مدينة خيوة الأوزبكستانية- أن المنظمة تشجع الحوار بين الحضارات والدول والثقافات، "وهذا جزء من إستراتيجية المنظمة للدعوة للانفتاح خصوصا بالمناطق السياحية بحيث عندما يأتي الناس، ليس فقط لرؤية المعالم السياحية فحسب، بل لرؤية الناس والثقافة والدين"، فإلى الحوار:
-
ما رؤية منظمة التعاون الإسلامي للتواصل والتنسيق الثقافي بين دولها الأعضاء؟
أنشئت منظمة التعاون الإسلامي منذ بدايتها وفقًا لرؤية المؤسسين لها التي بنيت على إقامة أمة قادرة على التطور والاكتفاء الذاتي، والدفاع عن نفسها، حيث يتمكن أفراد المجتمع فيها بالتمتع بحياتهم في سلام وهدوء وتنمية مستدامة وتعاون كامل مع جميع الشعوب الأخرى.
ووفقا لتلك الرؤية، كان من بين أهداف المنظمة: السعي لضمان حصول الشعب الفلسطيني على حقه في الوطن، والمضي قدما في حياته.
وُضعت لأجل تلك الرؤية بعض الآليات التي تساهم في تحقيقها. من بين هذه الآليات، عقد اجتماعات وزارية على مستوى كافة القطاعات، ومنها القطاع السياحي مثلا والذي نحن في خضم أحد اجتماعاته اليوم. إذ ناقش وزراء السياحة المشاركون كيفية الترويج للسياحة داخل الدول الأعضاء في المنظمة وكيفية العمل معًا من أجل الاستفادة من العائدات والفوائد السياحية.
وأنشأت منظمة التعاون الإسلامي جائزتها للسياحة لكل عام كواحدة من آلياتها المعمول بها في قطاع السياحة. وبالنسبة لعام 2024، فقد تم اختيار مدينة (خيوة) وهي مدينة تابعة لولاية خوارزم في غرب أوزبكستان، لتكون مركز منظمة التعاون الإسلامي للسياحة لعام 2024.
ولهذا السبب تُعقد هذه الفعاليات فيها هذا العام. فهي مدينة تاريخية جميلة يعود تاريخها إلى 2500 عام، إذ ظهر في تلك المدينة علماء مسلمون عظام مثل الخوارزمي، الذي وضع أسس الجبر الحديث والخوارزميات، كما تعد أوزبكستان بشكل عام موطنًا لعلماء مسلمين عظماء مثل البخاري وغيره.
وبشكل عام، فزيارة أوزبكستان تجربة ثرية للغاية. وقد انتهى الاجتماع للتو بقرارات بعيدة المدى نعتقد أنها ستساعد في تحسين قطاع السياحة في جميع الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي.
بعض تلك القرارات يشمل اختيار المدن السياحية لعامي 2025 و2026 و2027. إذ تم التوافق على أن تكون "دكار" عاصمة جمهورية السنغال مدينة منظمة التعاون الإسلامي لعام 2025 و"القاهرة" عاصمة جمهورية مصر العربية مدينة المنظمة لعام 2026. واختيار "لاهور" في جمهورية باكستان الإسلامية لتكون مدينة المنظمة لعام 2027. كما تم الاتفاق على أن الاجتماعين الوزاريين المقبلين سيعقدان في دولة قطر في عام 2026.
كما تعهد المشاركون بالمنظمة على مواصلة العمل من قبل الدول الأعضاء على تخفيف قيود التأشيرات لتسهيل إجراءات الدخول للأشخاص الذين يرغبون في زيارة بلداننا. وبالفعل، أجريت العديد من التعديلات بشأن متطلبات التأشيرة لعدة بلدان، كما نأمل القيام بالمزيد من الجهود في هذا النطاق خلال السنوات القادمة.
كما سعت الدول الأعضاء أيضا لتطوير كافة مجالات السياحة غير التقليدية، كالسياحة التعليمية والعلاجية والبيئية والرياضية. إذ ينبغي النظر إلى السياحة بطريقة شاملة لا تقتصر على إشراك الناس في زيارة معالم الماضي فحسب، بل تشمل أيضًا المشاركة في أنشطة الحاضر والتفكير في كافة جوانب المستقبل.
-
لاحظت أنكم اخترتم 3 مدن من مناطق مختلفة من العالم الإسلامي كعواصم للسياحة في العام المقبل، فما السبب وراء هذا الأمر؟
تتشكل منظمة التعاون الإسلامي من 3 مجموعات، وهي المجموعة الأفريقية، والمجموعة العربية، والمجموعة الآسيوية. لذا فقد تم التوافق في لجنة التنسيق بالمنظمة، يوم الجمعة، على أن نختار مدينة واحدة من كل مجموعة من المجموعات، من أجل إعطاء كل مجموعة فرصة عادلة لتطوير الإمكانات السياحية في بلدانها.
-
يعيش العالم الإسلامي ظروفا صعبة في هذه الحقبة، ومنظمة التعاون الإسلامي معنية بالتضامن بين البلدان الأعضاء في قضايا تمس العالم الإسلامي مثل القضية الفلسطينية، فما خطواتكم تجاه هذه القضايا (وفلسطين بشكل خاص)؟
إن هذا المؤتمر الذي نحضره الآن على وجه الخصوص هو مؤتمر لوزراء السياحة. ولكن بالتأكيد لدينا أفرع أخرى في منظمة التعاون الإسلامي تناقش القضايا السياسية، مثل اجتماع وزراء الخارجية للدول الأعضاء بالمنظمة، والذي تقرر انعقاده بالكاميرون في يوليو/تموز 2024، لمناقشة العديد من القضايا بما في ذلك القضية الفلسطينية. ولكننا عقدنا سابقا اجتماعات طارئة نوقشت فيها القضية الفلسطينية واتخذت فيها بعض القرارات التي يمكن أن تساعد في تخفيف حدة الموقف.
-
يعيش الكثيرون من أبناء العالم الإسلامي خارج البلدان الأعضاء بالمنظمة، هل لديكم تصور تجاه الأقليات المسلمة حول العالم؟
نعم، بالطبع، فبينما تركز منظمة التعاون الإسلامي على الدول الأعضاء الـ57، فإنها تضم أيضًا قسمًا خاصًا بالأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء بالمنظمة، يختص هذا القسم بمعالجة ومعرفة احتياجات وتطلعات المسلمين في تلك الدول، فضلًا عن تنفيذه للعديد من البرامج والأنشطة وتطبيق الآليات التي تمتلكها المنظمة لمساعدة المسلمين في دول أخرى خارج أسرة منظمة التعاون الإسلامي. فهناك بالتأكيد آلية لمعالجة هذه القضية.
-
ما الدور الذي يلعبه الحوار بين الأديان والثقافات في حل التحديات والمشكلات العالمية؟
التنوع هو قاعدة الطبيعة. فجميعنا لدينا كوكب واحد لنعيش عليه. وإلى أن تتاح لنا الفرصة للحياة على كوكب آخر، فلن نملك سوى هذا الكوكب لنعيش عليه. وأعتقد أن الله وضع في هذا الكوكب موارد كافية لنا جميعًا. فلا ينبغي للآخرين أن يموتوا حتى يعيش الآخرون. فهناك ما يكفي من الموارد لكفاية احتياجات الجميع.
ولكن، كلّ ما نحتاجه هو العمل والتعاون معًا، كبشر متساوين يربطهم الأصل الواحد والمصير المشترك في جميع الأحوال، ومن خلال الحوار والتفاهم بين بعضنا وبعض، يمكننا أن نكون قادرين على بناء عالم أفضل.
فنحن كمسلمين، لدينا الكثير من القواسم المشتركة مع المسيحيين واليهود. لذا، أعتقد أن الإستراتيجية يجب أن تكون التركيز على ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا.
فنحن لدينا تحديات مشتركة مثل البيئة أو الكوارث أو التحديات الطبيعية التي لا ترتبط بالدين بالأساس. فعندما جاءت جائحة (كوفيد-19)، لم يكن مهمًا أي دين تنتمي إليه، لذا فلدينا قضايا توحدنا أكثر بكثير مما يفرقنا.
وفي إطار فلسفة منظمة التعاون الإسلامي المعروفة، فنحن نشجع الحوار بين الحضارات والدول والثقافات. وهذا جزء من إستراتيجية المنظمة للدعوة للانفتاح خصوصا بالمناطق السياحية بحيث عندما يأتي الناس، ليس فقط لرؤية المعالم السياحية فحسب، بل لرؤية الناس والثقافة والدين. وبهذا، نعتقد أننا نستطيع خلق المزيد من الانسجام والتفاهم بين الأفراد رغم اختلافاتهم، لبناء عالم أفضل لنا جميعًا.