معرض الكتاب العربي بإسطنبول نافذة للتواصل الثقافي بين الأتراك والعرب
قالت منسقة معرض الكتاب العربي بإسطنبول سُميرة إينانتش إن الحدث يجمع بين ناشرين عرب ونظرائهم الأتراك، ويعد فرصة لعقد صفقات لإيصال الأعمال المنشورة باللغة التركية إلى الدول العربية.
وأشارت إينانتش في حديثها للأناضول، الجمعة، إلى زاوية "حقوق التأليف" التي تجمع الناشرين العرب والأتراك على هامش المعرض.
وفي 10 أغسطس/آب، انطلقت الدورة التاسعة للمعرض الدولي للكتاب العربي بمركز المعارض في إسطنبول.
وشددت إينانتش على أن الجالية العربية في تركيا تتمتع بقيم ثقافية، وأنه ليس من الصواب التعامل معها من منظور واحد.
وقالت: "هؤلاء الأشخاص مثلنا يحتاجون وينتجون الكتب والثقافة والفنون والمطبوعات. نريد أن نوضِّح أنه لدينا الكثير من الأمور المشتركة".
وأضافت: "القراءة حاجة أساسية. ركزنا على ما يمكننا القيام به لتلبية هذه الحاجة وانطلقنا بفكرة المعرض".
ولفتت إلى استضافة المعرض نحو 300 دار نشر من 30 دولة، وتنظيم 3 أو 4 مؤتمرات كل يوم.
يُذكر أن المعرض ينظمه اتحاد الناشرين الأتراك، والجمعية الدولية لناشري الكتب العربية، وجمعية الناشرين الأتراك، ويستهدف مخاطبة ملايين العرب المقيمين في تركيا، بالإضافة إلى المواطنين الأتراك المجيدين للغة العربية أو ذوي الأصول العربية.
كما يسعى المعرض الذي يعتبر أكبر معرض للكتاب العربي خارج الجغرافيا العربية، ويشارك في نسخته التاسعة أكثر من 300 دار نشر تمثل 30 دولة حول العالم بـ150 ألف عنوان، إلى فتح قنوات تواصل ثقافية جديدة وتوسيع دائرة المعرفة لدى الجمهور المهتم بالثقافة العربية في تركيا.
وإضافة إلى الجهات المنظمة، ترعى المعرض غرفة التجارة في إسطنبول ووزارة الثقافة والسياحة التركية، وبشراكة إعلامية مع وكالة الأناضول.
ويؤكد المنظمون أنه "أكبر معرض للكتاب العربي خارج العالم العربي"، ويستمر 9 أيام بين الساعة 10.00 – 22.00 بتوقيت إسطنبول.
ويستضيف المعرض فعاليات ثقافية متنوعة من محاضرات وندوات فكرية وحفلات توقيع كتب وأمسيات شعرية ونشاطات فنية متنوعة، وركن اللغة حيث ستقام الأنشطة التي تعزز تعلم التركية والعربية.
ويهدف إلى استضافة قرابة 200 ألف زائر هذا العام، وإلى جمع المعلمين والطلاب من الجامعات ودورات اللغة ومدارس الأئمة والخطباء ومعاهد تعليم القرآن الكريم التي تقدم تعليم اللغة العربية في تركيا.
تواصل ثقافي
وأشاد المتحدثون خلال كلماتهم في الجلسة الافتتاحية بالدور المحوري الذي يلعبه المعرض في تعزيز حضور اللغة العربية في تركيا والدول المجاورة. كما أكدوا أهمية الحدث في بناء جسور التواصل الثقافي بين العرب المقيمين في تركيا وثقافتهم، مما يسهم في الحفاظ على هويتهم اللغوية والثقافية التي قد تواجه تحديات في أماكن إقاماتهم.
من جانبه، قال المنسق العام لمعرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، محمد أغير أقجا، إن اختيار عنوان "الكتاب مستقبل" شعارا جاء انطلاقا من الإيمان بأن مستقبل الشعوب يكمن في القراءة والكتابة والعلم.
وأضاف "نحن نؤمن بأن الثقافة هي الرابط الذي يجمعنا، وعندما تكون الثقافة هي الأساس لعلاقاتنا، فإننا سنمضي قدما بتناغم مع أشقائنا العرب واللاجئين في تركيا".
وفي السياق، أعرب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة إسطنبول، أرهان أركان، عن فخره بالدعم الذي تقدمه الغرفة للمعرض، معبّرا عن سعادته بوصوله إلى دورته التاسعة.
وأكد أركان أن اللغة العربية تحتل مكانة خاصة في قلوب الأتراك، كونها لغة الإسلام والقرآن الكريم، ولغة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأضاف أن هذا المؤتمر لا يقتصر على التبادل الثقافي فحسب، بل يسهم في تعزيز جسور التعاون الاقتصادي والسياحي بين تركيا والعالم العربي.
غزة الحاضرة الغائبة
تميز المعرض هذا العام بتضمينه فعاليات تسلط الضوء على الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 10 أشهر.
ومن أبرز هذه الفعاليات، جلسة خاصة بعنوان "طوفان الأقصى: الآفاق والتحديات"، التي تستعرض التحديات المستقبلية للقضية الفلسطينية.
كما حظيت رفوف دور النشر المشاركة بمجموعة متميزة من الكتب التي تركز على القضية الفلسطينية، من بينها "القضية الفلسطينية والمجتمع الأميركي" للمفكر إدوارد سعيد.
وكذلك "موسوعة اليهودية والصهيونية وإسرائيل" و"مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي" لعبد الوهاب المسيري، إلى جانب "الشوك والقرنفل" لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار وغيرهم.
وفي كلمته، أكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الدولية لناشري الكتاب العربي، مهدي الجميلي، أن المعرض يخدم الثقافة العربية، ورسالة الأمة العربية والإسلامية.
كما وجّه تحية خاصة لشعب غزة الذي يدافع عن كرامة الأمة، مشددا على أن تضحياته تفوق ما تحملته الأمة من قبل.
وأضاف الجميلي لتقرير سابق للجزيرة نت "نقول لهم إن عزاءنا أن هذا الجهد الصغير الذي نبذله هنا يكمل جهدكم العظيم، ويسهم في إيصال صوتكم وبناء أجيال تسير على خطاكم".
من جانبه، استهل رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي، كلمته، بالدعاء لأهل غزة، مؤكدا أهمية دعمهم في معركتهم للدفاع عن شرف الأمة الإسلامية وفي جهادهم من أجل إعلاء كلمة الحق.
وأعرب القره داغي عن شكره لتركيا على استضافة المعرض الذي يجمع بين أعرق وأكبر الثقافات العالمية.
وأشار إلى أن تركيا تعتبر دائما ملاذا للمظلومين، قائلا: "كما نسمي الدوحة كعبة المضيوم، نرى في إسطنبول بلد المظلومين".
واختتم كلمته بالتأكيد على أهمية القراءة والتعلم، مستشهدا بأن أول كلمة نزلت في القرآن الكريم كانت "اقرأ"، مما يعكس حاجة الإنسان المستمرة للبحث والمعرفة بطريقة شاملة تعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه.
فعاليات مستمرة
يشهد المعرض سلسلة من الفعاليات الثقافية المتنوعة، تشمل محاضرات وندوات فكرية، وحفلات توقيع الكتب، وأمسيات شعرية، إضافة إلى نشاطات فنية وزوايا مخصصة للأطفال.
وفي تصريح سابق لـ"الجزيرة نت"، أعرب محمد عبد الهادي، مدير دار الفكر المشاركة في المعرض، عن تقديره للتحسن المستمر في جودة تنظيم المعرض.
وأشار إلى أن المعالجة السريعة للمشكلات التي واجهت الدورات السابقة أصبحت ملموسة بشكل واضح في هذه النسخة، ما انعكس إيجابيا على دور النشر والزوار على حد سواء.
وأضاف عبد الهادي أن اختيار إسطنبول كموقع لإقامة المعرض هو الخيار الأمثل، نظرا لوجود نحو 5 ملايين عربي مقيم في تركيا، مما يعزز فرص البيع والتعارف والاستفادة من هذه التجمعات.
كما أشاد بالتسهيلات التي تقدمها الدولة التركية والمشرفون على المعرض في ما يتعلق بعملية التسجيل والتنقل والإجراءات اللازمة لحضور دور النشر.
من جانبه، قال أحمد الراضي، أحد زوار المعرض، في تصريح سابق للجزيرة نت إن المعرض يمثل فرصة ذهبية لاقتناء العديد من الكتب التي يصعب العثور عليها في الأيام العادية.
وأكد الراضي، الذي يحرص على حضور معظم نسخ المعرض، أن التجربة لا تقتصر على شراء الكتب فقط، بل إن حضور الجلسات المتنوعة، التي تتناول قضايا مهمة، أصبح يشكل إضافة نوعية لتجربة زوار المعرض.
يُشار إلى أن المعرض الذي أقيم هذا العام تحت شعار "الكتاب مستقبل" يغلق أبوابه يوم 18 أغسطس/آب الجاري.