المنفى والوطن لكاتب "كائن لا تحتمل خفته".. مكتبة مؤلفات ميلان كونديرا تعود إلى مسقط رأسه بالتشيك
باتت نحو 3 آلاف نسخة من كتب الروائي ميلان كونديرا متوفرة في مكتبة جديدة بمدينة برنو، مسقط رأسه في الجمهورية التشيكية، بعد أن كانت محفوظة في شقة "منفاه الباريسي".
فتحت المكتبة الجديدة أبوابها في الأول من أبريل/نيسان الجاري، المصادف للذكرى الـ94 لمولد كاتب "وجود/كائن لا تُحتمل خفّته".
وأصبحت المجموعة بتصرّف "الطلاب والباحثين وجميع أولئك الذين يرغبون في التأمل في نتاج كونديرا"، وفق مدير المكتبة توماس كوبيتشيك، الذي أضاف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية "في الوقت الراهن، تضمّ المجموعة نحو 3 آلاف نسخة من كتبه، أي نحو ثلثّي أعمال كونديرا المنشورة في مختلف أنحاء العالم والبالغ عددها 4 آلاف نسخة من كتبه في 51 لغة".
جدل المنفى والوطن
وكان كونديرا في السابق شيوعيا، لكنّه كان صاحب فكر حرّ، فاتسعت شقة الخلاف تدريجيا بينه وبين السلطات التشيكوسلوفاكية، واتخذ قرارا بالانتقال للعيش خارج بلده بعد سحق حركة "ربيع براغ" الإصلاحية عام 1968 بتدخل من الاتحاد السوفياتي.
وروت زوجته فيرا كونديروفا للإذاعة التشيكية مؤخرا أن فكرة فتح مكتبة راودتها قبل 5 سنوات، ورأت في المبادرة "خطوة تنطوي على دلالات رمزية، إذ إن ميلان ولد في برنو ويعود إليها".
وأضافت "يمكنه أن يرحل (ذات يوم)، لكنه سيبقى حيا في برنو. سيأتي الناس للقائه. المنزل الذي ولد فيه يقع على بعد 10 دقائق من المكتبة".
ونادرا ما يدلي ميلان كونديرا شخصيا بأحاديث صحفية.
وبعد تأخير عائد إلى الظروف الناجمة عن جائحة كورونا، نقل كوبيتشيك الكتب العام الماضي من شقة كونديرا إلى برنو. وقالت كونديروفا "لقد أعددت كل شيء، ولم يكن على توماس كوبيتشيك سوى توضيب الكتب الموضوعة على الرفوف ونقلها".
وتحوي المكتبة رسوما تمثّل الكاتب ومقالات صحفية عن مؤلفاته، إضافة إلى النسخة الأصلية لمقال من القرن السادس عشر يحمل توقيع الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين ومغطى بجلد العجل، حصل عليها كونديرا كجائزة.
ولاحظ كوبيتشيك أن مكتبة كونديرا "تحوي الكثير ولكن لا يمكن عرض كل شيء. لقد حصل على عدد كبير من الجوائز التي تشكّل أيضا جزءا من المكتبة. وسنحتاج إلى قاعة كبيرة لذلك".
وستستضيف المكتبة محاضرات وحلقات نقاشية تضم خبراء، يساعد في تنظيمها فريق استشاري يضم الكاتبة المسرحية الفرنسية ياسمينة رضا ومدير معرض فرانكفورت للكتاب يورغن بوس.
ويأخذ منتقدو كونديرا عليه، منذ انتقاله إلى فرنسا، ابتعاده عن مواطنيه (التشيكيين) وعن معارضي النظام الشيوعي. واتهمته مجلة تشيكية عام 2008 بأنه كان مخبرا للشرطة خلال النظام الشيوعي، وهو ما وصفه بأنه "محض أكاذيب".
ومنع كونديرا -الذي انتظر حتى عام 2019 ليستعيد جنسيته التشيكية- ترجمة كتبه الصادرة بالفرنسية إلى لغته الأم.
لكنّ كوبيتشيك شدد على أن انفصال كونديرا المزعوم عن وطنه لم يكن سوى "أسطورة تشيكية كبيرة، ليس إلاّ". وقال "عندما ينتقد الفرنسيون كونديرا، يتحدثون عن رواياته، بينما كل النقد (في التشيك) لا يعدو كونه ثرثرة، الناس هنا لا يتحدثون عن نصوصه أو أفكاره. سيكون رائعا أن تؤدي المكتبة إلى تغيير" هذا الوضع.
وأعلن كونديرا، قبل أعوام قليلة، توقفه عن الكتابة، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت لأسباب قد تتعلق بالشيخوخة أو لعله فضّل أن يخلد إلى الصمت مثلما يفعل الحكماء عند اقتراب أجلهم.