29 فائزا بمختلف الفئات.. جائزة الشيخ حمد الدولية تثري أعمال الترجمة وتستعرض إشكالاتها

صورة-لإحدى-جلسات-المؤتمر
من الجلسة الختامية لفعاليات المؤتمر الدولي بالدوحة حول الترجمة وإشكالات المثاقفة (الجزيرة نت)

الدوحةـ أسدل الستار مساء الأحد على فعاليات جائزة "الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي" في نسختها التاسعة، بتتويج الفائزين في هذه الدورة، التي شهدت تنافسا بين مجموعة كبيرة من المشاركين، تمثل أفرادا ومؤسسات معنية بالترجمة من 33 دولة عربية وأجنبية.

الفائزون الـ29 في الجائزة العالمية، التي أطلقت عام 2015، تم تتويجهم في ختام فعاليات المؤتمر الدولي حول الترجمة وإشكالات المثاقفة، الذي جرى على مدار يومين بمشاركة نحو 150 مترجما وأكاديميا من مختلف دول العالم.

المؤتمر الدولي طرح -خلال جلساته الست- مجموعة من الأبحاث والتجارب العلمية حول عدد من القضايا المهمة التي تؤثر في أعمال الترجمة، منها قضايا الترجمة العربية التركية، الترجمة الشخصية، الترجمة والرقمنة، التنويعات الترجمية، إشكالات ترجمة المفاهيم الفلسفية، ترجمة النصوص الدينية.

وأجمع المشاركون على أن إتقان اللغتين فقط ليس كافيا لنجاح المترجم، وإنما يحتاج إلى التعمق في فهم اللغة والثقافة، خاصة في الترجمة الأدبية، لأن هناك معاني مختلفة وراء كل كلمة.

المؤتمر-شهد-حضورا-مميزا-خلال-جلساته-من-المترجمين-والاكاديميين-(الجزيرة)
جانب من المشاركين في المؤتمر الدولي حول الترجمة (الجزيرة نت)

تكوين ثقافي

وتعتبر عضو الهيئة التعليمية بجامعة الخوارزمي بإيران الدكتورة فاطمة برجكاني أن المترجم يجب أن يعد إعدادا ثقافيا حتى يصبح مترجما جيدا، لذلك فإن مؤتمر الترجمة بالدوحة سنويا يعد فرصة لتأسيس وتكوين ثقافي للمترجمين.

وتضيف في حديث للجزيرة نت أن المترجم يجب أن يتبع خطة معينة لتحقيق غايته، فبجانب معرفته للغتين بشكل كامل، يجب أن يتعمق في المفاهيم والثقافة الموجودة في اللغتين، وبدون ذلك تبقى الترجمة ناقصة.

وتشدد برجكاني على ضرورة استمرارية المؤتمر لما يقدمه من خبرات للمترجمين والأكاديميين والمثقفين حول العالم، "فجلساته هذا العام كانت غنية، لكن كلما يجيب المؤتمر عن سؤال يطرح آخر، وكلما يحل إشكالية تظهر أخرى".

ومن جانبه يرى الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود بالسعودية مصطفى قاسم أن أعمال الترجمة تحتاج إلى التعمق في مفاهيم وثقافة اللغتين، فضلا عن معرفة المترجم الجيدة بالعادات والتقاليد والقيم.

ويقول مصطفى قاسم -الفائز بالمركز الثالث في فئة الترجمة من الإنجليزية إلى العربية عن ترجمة كتاب "البحر المفتوح" لجوزيف مانينغ- في حديث للجزيرة نت إن إشكالات الترجمة متعددة ومختلفة، وأبرزها أن كل مؤلف له تركيباته وبصمته اللغوية، فضلا عن صعوبة ترجمة بعض المصطلحات.

مكي يرى أن مؤتمر الدوحة الدولي للترجمة يقوم بعمل ثقافي متميز (الجزيرة)
محمود مكي يرى أن مؤتمر الدوحة الدولي للترجمة يقوم بعمل ثقافي متميز (الجزيرة نت)

مترجم بين ثقافتين

ويعتبر الأستاذ في قسم اللغات والترجمة في المعهد العالي للدراسات النوعية بمصر الدكتور محمود مكي أن إشكالات الترجمة قد تتحدد حسب النص، لكن الترجمة الثقافية معضلة تحتاج إلى معرفة وإتقان المترجم بالثقافتين، لأنه في هذه الحالة مترجم بين ثقافتين.

ويقول مكي للجزيرة نت إن الترجمة الشخصية مصطلح لم ينضبط بعد، بينما الترجمة والرقمنة أو ما يعرف بالترجمة الآلية مازالت في حاجة للتطوير بين العربية والإنجليزية وتحتاج إلى عمل كبير.

ويرى مكي أن مؤتمر الدوحة الدولي للترجمة "يقوم بعمل ثقافي متميز جدا على مستوى العالم العربي لأنه يتيح لجموع من المترجمين والمثقفين والأكاديميين، من العالم العربي والإسلامي، المشاركة في هذا المحفل الذي هو بمثابة عصف ذهني ثقافي متميز لا نظير له".

بدورها تؤكد أستاذة قسم اللغة العربية والأدب بجامعة تراكيا التركية الدكتورة نفيسة قلقنجي أن ثقافة المترجم وإلمامه بالعادات والتقاليد من الأمور الأساسية في الترجمة، وهو ما راعته في ترجمة رواية الطنطورية للكاتبة المصرية رضوى عاشور، والتي لاقت استحسانا في تركيا، وكانت موضوع رسالة ماجستير بعنوان "تأثير ثقافة المترجم في الثقافة الأصلية".

من جهته أكد رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الشرق أوسطية في المدرسة العليا للمعلمين بليون في فرنسا الدكتور محمد منصور أن هذا المؤتمر مكن المشاركين من التعرف على مظاهر الترجمة في الحضارات المختلفة، عبر تبادل الآراء والأفكار والاستماع إلى تجارب المشاركين والاستفادة من خبراتهم.

منصور-يعتبر-المؤتمر-فرضة-للتعرف-على-مظاهر-الترجمة-في-الحضارات-المختلفة،-عبر-تبادل-الأراء--(الجزيرة)
محمد منصور اعتبر المؤتمر فرصة للتعرف على مظاهر الترجمة في الحضارات المختلفة (الجزيرة نت)

فئات الجائزة

جائزة "الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي" تقوم على التشجيع على رفع مستوى الترجمة والتعريب على أسس الجودة والدقة والقيمة المعرفية والفكرية، وقد أفرزت في نسختها هذا العام 29 فائزا في مختلف الفئات.

وتبلغ قيمة الجائزة مليوني دولار، وقد اعتمدت في دورتها التاسعة لعام 2023 التركية لغة رئيسة ثانية بعد الإنجليزية، لتكون فئات الجائزة لهذا الموسم هي:

  • الترجمة من العربية إلى التركية.
  • الترجمة من التركية إلى العربية.
  • الترجمة من العربية إلى الإنجليزية.
  • الترجمة من الإنجليزية إلى العربية.
إحدى جلسات المؤتمر تؤكد أن الترجمة الأدبية معضلة تحتاج إلى ثقافة من المترجمين (الجزيرة)
المشاركون في إحدى جلسات المؤتمر أكدوا أن الترجمة الأدبية معضلة تحتاج إلى ثقافة من المترجمين (الجزيرة نت)

تتويج الفائزين

وفي حفل الختام لتتويج الفائزين، قال الأمين العام لجائزة "الشيخ حمد" للترجمة الدكتور حسن النعمة إن الجائزة أصبحت معلما في الحقل الثقافي العالمي، وباتت تمثل إسهاما حضاريا من دولة قطر لرعاية الترجمة بين العربية ومختلف لغات العالم.

وقد فاز بالمركز الأول، في فئة الترجمة من العربية إلى التركية، محيي الدين ماجد عن ترجمة كتاب "تفسير ما بعد الطبيعة" لابن رشد، وحل ثانيا محمد أمين مشالي ومنتهى مشالي عن ترجمة كتاب "روح الحداثة" للكاتب طه عبد الرحمن، وفي المركز الثاني مكرر نعمان قوقلي عن ترجمة كتاب "المثقفون في الحضارة العربية" لمحمد عابد الجابري، أما المركز الثالث فكان من نصيب عثمان بَايْدَر وأُزْجان أَقداغ عن ترجمة كتاب "دلالة الحائرين" لموسى بن ميمون، والمركز الثالث مكرر لصونر دومان عن ترجمة كتاب "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية" لابن تيمية.

وفي فئة الترجمة من التركية إلى العربية، احتل صالح سعداوي المركز الأول عن ترجمة كتاب "تاريخ فن الخط" لمحيي الدين سرين. وإثر حجب المرتبة الثانية، حل هفال دقماق ثالثا عن ترجمة كتاب "بربري عصري متحضر" لإبراهيم كالين.

وإثر حجب المركز الأول في فئة الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، جاء وليام هوتشينس ثانيا عن ترجمة كتاب "موت صغير" لمحمد حسن علوان، وليري برايس ثالثا عن ترجمة كتاب "المشاءة" لسمر يزبك.

وفي فئة الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، حجب المركز الأول أيضا وحل محمد عبد السلام حمشي ثانيا عن ترجمة كتاب "الشعبوية والسياسة العالمية" لديفيد ماكدونالد وآخرين، وأيمن حداد ثانيا مكررا عن ترجمة كتاب "غزة: بحث في استشهادها" لنورمان فينكلستاين، وجاء مصطفى قاسم ثالثا عن ترجمة كتاب "البحر المفتوح" لجوزيف مانينغ، وعامر شيخوني الثالث مكرر عن ترجمة كتاب "السرقة من المسلمين" لديانا دارك.

أما جوائز الإنجاز، فحصلت عليها الشبكة العربية للأبحاث والنشر (لبنان) في الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، وإنسان ياينلاري ومعني ياينلاري من تركيا عن دورهما في الترجمة من العربية إلى التركية والعكس. كما فاز بالجائزة أيضا المترجمون محمد حقي صوتشين، برهان كور أوغلو (تركيا)، محمد حرب، عبد الله العزب (مصر)، نيقولا دوبريشان، جورج غريغوري (رومانيا)، اختيار بالتوري (كازاخستان)، عبد الحي الكتاني (إندونيسيا).

وبشأن جوائز الإنجاز في الفئات الفرعية، فاز منصور حمزة بفئة المعاجم في لغة البهاسا. وفي فئة الجوائز التشجيعية فاز كل من هيئة العلماء المسلمين (تنزانيا) -اللغة السواحلية، دار الكرمة (مصر)، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، المترجم المصري أحمد مجاهد.

المصدر : الجزيرة + الصحافة القطرية