دار بريل الهولندية تُصدر موسوعة "حلب الشهباء في عيون الشعراء"

موسوعة الباحث والكاتب حسن قجّة صدرت عن دار بريل لتكون الإصدار رقم 164 في سلسلة الدراسات الشرقية (الجزيرة)

روتردام – صدر مؤخرا عن دار "بريل" (BRILL) الهولندية العريقة موسوعة "حلب الشهباء في عيون الشعراء" في 4 مجلدات، للباحث والأديب حسن قجة. وتعد هذه الموسوعة وثيقة تاريخية وأدبية تضم 2279 قصيدة، كتبت عن مدينة حلب التي تعد المدينة المأهولة بالبشر والتاريخ منذ بداية الألفية السادسة قبل الميلاد.

وكتبت هذه القصائد بأقلام 1576 شاعرا ينتمون إلى عشرات الثقافات والأعراق واللغات عبر قرون طويلة، معبرة عن الأوجه الحضارية المتعددة للمدينة العريقة، بتاريخها المديد وتراثها الغني وطبيعتها الكوزموبوليتانية (متعددة الثقافات).

والأديب حسن قجة هو كاتب وباحث ومحاضر في التراث الثقافي والتنمية الحضارية، من أبناء مدينة حلب ويقيم في هولندا ويعكف حاليا على إنهاء شهادة الدكتوراه في التراث الثقافي من "جامعة لايدن" (Leiden University) في هولندا، كما أنه النجل الأكبر للباحث الحلبي الكبير محمد قجة الذي شاركه في تأليف المجلد الأول للموسوعة.

يقول الباحث قجة في حديثه للجزيرة نت إنه سعى في هذا العمل الضخم إلى استقصاء القيمة الفعلية والرمزية لمدينة حلب في عيون الشعراء ومدى انعكاس ذلك في حضورها بقصائدهم، ودلالات ذلك الحضور، مشيرا إلى أن أحد أهدافه في هذا العمل الضخم كان التأكيد على المساهمة التي قام بها الشعر عبر عصوره في التعرف على تاريخ المدينة وقيمتها، سواء من النواحي الموضوعية، كعمرانها وصفات سكانها ودورها الوطني، أو من النواحي المعنوية، كسمعتها وقيمتها الحضارية وفخر أبنائها بها وشوقهم إليها.

وبلغ عدد صفحات هذا العمل الضخم 3528 صفحة، تم تقسيمها على 4 مجلدات، وضمت دار بريل للنشر هذه الموسوعة إلى أهم وأقدم سلسلة لديها، لتكون الإصدار رقم 164 في "سلسلة الدراسات الشرقية" (Handbook of Oriental Studies) التي تصدرها مؤسسة النشر العريقة التي تأسست في مدينة لايدن الهولندية عام 1683، وتركز اهتمامها على تاريخ الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية والآسيوية وكتب العلوم، وهي تساهم في إصدار نحو 100 مجلة علمية أكاديمية و500 عنوان جديد سنويا.

الكاتب حسن قجة المصدر: الجزيرة
مؤلف الموسوعة الكاتب والباحث في التراث الثقافي والتنمية البشرية والحضارية حسن قجة (الجزيرة)

حلب في الشعر القديم

يستعرض الباحث الحلبي في المجلد الأول لموسوعته رحلة الشعر مع مدينته حلب بين القرن السابع ومطلع القرن ال20 محددا ملامح كل عصر ومناخه الأدبي، لافتا إلى أن حلب برزت في العصر العباسي الأول (132-333 ه) (750-944 م) في شعر البحتري كمثال على حضور المدينة في ذلك العصر، حيث يعتبر كثير من النقاد أن قصائده الغزلية في محبوبته "علوة الحلبية" ما هي إلا حنينه لحلب ذاتها، مدينة شبابه وملاعب صباه، وفي إحدى قصائده يصف تعلقه بحلب وحبه لرياضها وطبيعتها قائلا:

عصبيتي للشام تضرم لوعتي       وتزيد في كلفي وفي أشجاني

إن تكتئب حلب فقد غلبت على       حلب الغمام وصوبه التهتان

وعلى أنيق الروض يزهر بينه       أفواف نور معجب الألوان

غيث تحمل عنهم متوجها             من غربهم لمشارق البلدان

وفي معرض حديثه عن العصر الحمداني (333-415 هـ)  (944-1020 م) يلفت الباحث إلى دور سيف الدولة علي بن حمدان التغلبي سنة 333 ه، في جعل حلب خلال حكمه الذي امتد لأقل من ربع قرن عاصمة لدولة مرهوبة الجانب وكيف حققت خلاله مجدا لا يزال دويه يملأ الأسماع والقلوب بعد 11 قرنا.

ومن أبرز الأعلام في ذلك العصر: المتنبي الذي استطاع بشعره أن يبرز الدور العظيم لسيف الدولة في صد الهجمات البيزنطية، لدرجة جعلت سيف الدولة يقول "حلب معقلي.. وشاعري المتنبي"، ولعل أجمل ما قاله المتنبي في الحنين إلى حلب، قصيدته التي أرسلها إلى "سيف الدولة" حين كان في العراق: 

لا أقمنا على مكان وإن طا    ب ولا يمكن المكان الرحيل
كلما رحبت بنا الروض قلنا   حلب قصدنا وأنت السبيل

وأيضا الشاعر أبو فراس الحمداني وهو ابن عم سيف الدولة الذي يقول في حنينه لحلب:

سقى ثرى حلب، ما دمت ساكنها           يا بدر، غيثان منهل ومنبجس
أسير عنها وقلبي في المقام بها             كأن مهري لثقل السير محتبس
كأنما الأرض والبلدان موحشة             وربعها دونهن العامر الأنس

وبعد سقوط الدولة الحمدانية جاء العصر المرادسي (415-521 هـ)  (1020-1127 م) الذي تعاقب خلاله الأمراء المرداسيون على حكم حلب تحت النفوذ الفاطمي أو البيزنطي أو السلجوقي، حتى دخل السلاجقة حلب وسائر الشام عام  478 هـ. وخلاله حاصر الفرنجة الصليبيون حلب مرات عديدة بين عامي 495 هـ و518 هـ من دون أن يتمكنوا من دخولها. ويختصر المؤرخ الشهير أرنولد توينبي تلك المرحلة بالقول "لو سقطت حلب في حصار الصليبيين لأصبح الشرق إمارة لاتينية".

كتاب حسن قجة المصدر: الجزيرة
المجلد الأول من موسوعة "حلب الشهباء في عيون الشعراء" بعنوان فرعي "حلب في الشعر القديم" (الجزيرة)

ويحدد الباحث حسن قجة في موسوعته المناخ الأدبي لذلك العصر الذي اقتدى به المرادسيون بالبلاط الغني بالعلم والثقافة الأدب لأسلافهم الحمدانيين بالقول "كان أبرز شعراء ذلك العصر بلا منازع هو أبو العلاء المعري، بالإضافة إلى أسماء هامة مثل الشريف الرضي وابن أبي حصينة وابن سنان الخفاجي وابن حيوس"، ويشير إلى وقفات إعجاب أبي العلاء المعري بحلب وافتخارها بها حد التقديس، قوله:

لولا تحية بعض الأربع الدرس             ما هاب حد لساني حادث الحبس
يا شاكي النوب انهض طالبا حلبا           نهوض مضنى لحسم الداء ملتمس
واخلع حذاءك إن حاذيتها ورعا             كفعل "موسى" كليم الله في القدس
من معشر لا يخاف الجار بأسهم           غشوا صرف الليالي برد مبتئس
وصاحبوها بأعراض جواهرها            كجوهر البدر لا يدنو من الدنس

ويتطرق الباحث قجة إلى العصر "الزنكي- الأيوبي" (521-648 هـ) (1127-1250 م) الذي نتج عن إخفاق الحصار الصليبي لحلب عام 518هـ/1124م وكان نقطة تحول حاسمة في تاريخ المنطقة، وكانت حلب فيه مركز النشاطات الجهادية عسكريا وسياسيا وثقافيا وكانت ذروته تحرير بيت المقدس عام 583هـ/1187 م.

ويلفت إلى أن أول ما فعله صلاح الدين الأيوبي بعد انتصاره هو إحضار منبر نور الدين الزنكي الذي صنعه أمهر النجارين الحلبيين، لوضعه في الحرم القدسي، وبوفاته أصبحت حلب من نصيب ابنه الملك الظاهر غازي الذي حكمها 30 سنة شهدت خلالها أجمل فترات الازدهار العمراني والاقتصادي، وقد واكب النشاط العسكري لتلك المرحلة ظهور حركة علمية وفكرية كبيرة في حلب قال عنها المؤرخ الكبير ابن العديم "كانت حلب قبلة أهل العلم وكعبة أهل الأدب"، في حين كانت أبرز ملامح شعر ذلك العصر هو النضال ضد حروب الفرنجة لاستنهاض همم الناس وتحفيز القادة على العمل الدؤوب في سبيل النصر.

ومن قصيدة للشاعر ابن المفرج النابلسي يذكر فيها العمران على يد الملك الظاهر غازي:

فحبذا في حلب مسارح         للحسن روح الروح في عيانها
وحبذا ما تمرح الأعين في       مروجه الفيحاء من ميدانها

أما الشيخ سعد الدين بن محيي الدين بن عربي فقد سكن حلب ردحا من الزمن، وكتب يتغنى بمزاياها قائلا:

حلب تفوق بمائها وهوائها          وبنائها والزهر من أبنائها
نور الغزالة دون نور رحابها      والشهب تقصر عن مدى شهبائها
بلد يظل به الغريب كأنه             في أهله فاسمع جميل ثنائها

وكتب ابن سعيد المغربي عن زيارته حلب تلبية لدعوة مؤرخها ابن العديم عام 644هـ:

عرج على حلب إن كنت ذا طلب        للعلم والحلم والعلياء والأدب
واقر السلام بها من بعد لثم ثرى         أرجائها الأرجات الأفق والطنب

وحين استباح المغول حلب عام 658هـ-1260م، تألم لها ابن العديم وبكاها بقصيدة طويلة، جاء فيها:

وعن حلب ما شئت قل من عجائب     أحل بها يا صاح إن كنت تعلم
غداة أتاها للمنية بغتة                   من المغل جيش كالسحاب عرمرم
فيا حلبا أنى ربوعك أقفرت            وأعيت جوابا فهي لا تتكلم

العصر المملوكي والعثماني

جلب الموقع الذي قامت عليه مدينة حلب الخيرات كما جلب عليها الويلات. وكان هذا الموقع ذاته أحد أسباب ثرائها وجعلها مصدرا رئيسيا لموارد الدولة، كونها معبرا للتجارة بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، كما كانت مصدرا لثروة زراعية وافرة ومصدرا للازدهار الصناعي الحرفي، فأضحت مركزا حضاريا مرموقا في دولة سلاطين المماليك (648-922 هـ) (1250-1516 م)، وخلال هذا العصر لاحظ الباحث قجة نقطة التحول المهمة في تاريخ العالم العربي ثقافيا وحضاريا، راصدا ملامح الشعر لذلك العصر الذي تجلت كما يقول بخفوت غرض المديح فيه إلى درجة كبيرة، إذ لم يعد بمقدور الشعراء التودد إلى الحكام بقصد التكسب، فقد بات أكثر أولئك غرباء لا يفهمون العربية، كما أن الجهل والأمية قد استشريا بين عامة الناس الذين أصبحوا أكثر ميلا إلى أدب السير الشعبية من الشعر.

ثم يأتي بعده العصر العثماني  (922-1336 هـ) (1516-1918 م) ويكمل على المشهد الثقافي والشعري العربي، وعنه يقول الباحث قجة في موسوعته إن هذا العصر شهد "تراجع معرفة أبناء العرب بلغتهم وانحدر كثير منهم إلى مستوى الأمية. ليغدو الأدب العربي خلال العصر العثماني الأضعف بين عصور الأدب العربي".

ورغم ذلك فقد نبه الباحث قجة في موسوعته إلى الكتّاب العرب في العصر العثماني على التمسك بموروثهم المعرفي واللغوي في ظل تهميش الحكام له، فعكفوا على إعداد المصنفات والتآليف الموسوعية عملا على صون اللغة العربية وحفظ أدبها وتراثها من الاندثار، لافتا إلى ما شهدته مدينة حلب في النصف الثاني من القرن الـ19 للميلاد (الـ13 للهجرة) من ظهور عدد من أعلام الفكر والصحافة والأدب والفن.

ومن هؤلاء عبد الرحمن الكواكبي ورزق الله حسون صاحب أول صحيفة عربية هي "مرآة الأحوال" عام 1854م وفرنسيس المراش صاحب أول رواية عربية، إضافة إلى ظهور أول مطبعة عربية فيها، في العصور الحديثة عام 1698، قبل قرن كامل من مطبعة نابليون في مصر، وطباعة أول كتاب فيها عام 1701.

كتاب حسن قجة المصدر: الجزيرة
المجلد الثاني من موسوعة "حلب الشهباء في عيون الشعراء" بعنوان فرعي "حلب في الشعر المعاصر والحديث" (الجزيرة)

من قصائد هذا العصر، كتب الشاعر أبو سعيد بن العزي يصف مواطن ذكرياته في حلب:

أيا ساكني الشهباء عندي لعهدكم       قديم ولاء لم يشب بملال
وما حلب إلا مقر مكارم               ومعدن أفضال وكنز معال
تقصر عن شهبائنا الشهب رفعة      فقد جمعت وصفي على وجلال

وفي محبة حلب ووصف أرضها وأهلها، يقول الشاعر الحلبي نقولاوس الصائغ:

يا حبذا حلب المنيفة إنها        أرض تناهى حسنها وبهاؤها
كم منزل فيها يروق بهاؤه      ومساكن باهت بها آلاؤها

وقال المطران جرمانوس فرحات يمدح حلب عام 1711م مكاتبا أخاه:

رعى حلبا رب أتاها محاسنا          تزيد سناها في الورى وتشرف
روى عن معانيها الرواة فشاقهم      نسيم وماء ثم ظرف وزخرف

حلب في الشعر المعاصر

وجاء الجزء الثاني من الموسوعة لتحديد معالم الحياة الأدبية والفكرية المعاصرة في حلب بعد نهاية العصر العثماني، ونجد تحديد معالمه لدى الباحث وليم مارتين رئيس تحرير جريدة "جورنال دو جنيف" (Journal de Genève) في مقالة مستفيضة عن حلب نشرت عام 1929 قال فيها" تعمل حلب بجد ونشاط، وتعطي مثالا جميلا للغربيين الذين يظنون الشرق نائما.. إن حلب أشد نشاطا من أمستردام، إن تجارها وصيارفها ومصدري البضائع فيها ومتعهدي النقل هم قدوة، بكونهم لا يتذمرون في وقت تجد كل الناس تقريبا يتذمرون".

ويفرد الباحث قجة فصلا خاصا لدور حلب الرائد في الصحافة العربية بين أواخر القرن الـ19 و منتصف القرن الـ20، حيث صدر فيها 98 جريدة ومجلة، كما أصدر عدد من الحلبيين صحفا ومجلات في الآستانا ولندن وباريس والقاهرة.

وعن ذلك العصر يقول قجة "جاءت نهاية العصر العثماني في حلب نقطة تحول لعودة يقظة الشعر العربي مع مطلع القرن الـ20، بعد عقود من الركود والتراجع لدرجة يصعب علينا حصر العدد الكبير من الشعراء الذين ولدوا في حلب أو سكنوها خلال أكثر من قرن من الزمان".

ومن شعر هذا العصر نقرأ في قصيدة هذه أمتي للشاعر عمر أبو ريشة وهو من أبناء مدينة حلب:

هكذا العلية الرجال فلا صف      ـق في موطن فؤاد جبانه
ذاك عهد لولا ذهولك يا شه        ـباء لم تقدري على نسيانه
عزت الأم بالبنين اعتزاز الرو     ض بالباسقات من أفنانه

في حين يقول الشاعر بشارة الخوري "الأخطل الصغير" في قصيدة "المتنبي والشهباء":

نفيت عنك العلا والظرف والأدبا        -وإن خلقت لها- إن لم تزر حلبا
شهباء لو كانت الأحلام كأس طلا     في راحة الفجر كنت الزهر والحببا
لو ألف المجد سفرا عن مفاخره         لراح يكتب في عنوانه: حلبا
أتسعد الروضة الخضراء بلبلها        حتى يفي الروضة الشهباء ما وجبا

وفي قصيدة "جاءت المنجة البديعة" يقول جبران خليل جبران: 

ما الذي أنجبت حلب من جمال هو العجب
ومن اللطف والحجى ومن الظرف والأدب
وما برح الشعر في كل عصر له كوكب يجتلى في حلب

وقال خليل مطران في قصيدة "حلب وأهلها":

أي هذي الشهباء والـ         حسن في ذلك الشهب
إن من قال فيهم             أعذب المدح ما كذب
إن فخرا نحلتموني        لأغلى ما في الحسب

وفي المجلد الثالث من موسوعته والذي حمل عنوان "حلب في شعر الرثاء المعاصر" قدم لنا الباحث قجة وثيقة تاريخية وأدبية جمعت أكثر من 800 قصيدة من قارات العالم الخمس بعضهم معروفون وبعضهم مغمورون، كتبت في رثاء مدينة حلب بين عامي 2011 و2020 إثر الدمار الكبير الذي تعرضت له جراء الحرب الدائرة في سوريا، ويغلب على شعر هذا العصر قصائد التفعيلة:

منها قصيدة "فضاء حلب" للشاعر أدونيس:

تحب الشمس في فضاء حلب أن تظل صامتة

أحيانا تحظى بغزالة خرجت من قطيع الأيام

تتشرد بحثا عن صياد لا يرسل إليها سهمه، بل قلبه

أرسل قلبك إلى أية غزالة أيها الشاعر، وقل لأصدقائك:

أجمل مكان هو ما يخيل إليك، عندما تراه،

أنك ستموت فيه.

وفي قصيدة للشاعر سعدي يوسف بعنوان "رسوم حلب: قلعة حلب" نقرأ:

لا تقل: حلب

كل تلك القلاع، ومن بينها حلب

أقلعت!

قد نغني بها

قد نغني لها

قد ننام على مخمل من وسائدها

لنفيق وقد مسنا الضر

والقهر..

هذا زمان تدونه الطائرات المغيرة

هذا زمان الطغاة.

كتاب حسن قجة المصدر: الجزيرة
المجلد الثالث من موسوعة "حلب الشهباء في عيون الشعراء" بعنوان فرعي "حلب في الشعر المعاصر" (الجزيرة)

وللشاعر المصري محمد إبراهيم أبو سنة قصيدة عنوانها "حلب على مرمى سحابة":

حلب على مرمى سحابة

نثرت ضفائرها، وفستق دمعها يشكو الصبابة..

مالت بنا شمس الغروب إلى الكآبة

وأنا وأنت "أبا فراس" ننتمي للريح

دع زمرة الشعراء فوق أرائك الذل المنافق

ينشدون ويأخذون ويكذبون ويفخرون، وأنت شاهد

وفي قصيدة "نزيف من الكوكب الحلبي" للشاعر فاروق شريف نقرأ:

حلب تحت المقصلة

من يرى المشهد جنائزيا على فواجعه؟

نرى بعيون الأحجار التي تكتم أنفاس الصغار

بعيون الصرخات

التي تفتت دخان الحرائق وأسوار الخداع

بعيون حليب يصبغ التراب بالنوايا البيض..

نرى الاغتصاب والتجويع والحصار

الطائرات بقلبها الأسود الحقود..

وسنرى معجزة الشارع الشعبي ينهض

حلب ما زالت تنبض تحت الركام..

ولفت قجة في حديثه للجزيرة نت إلى أن اهتمام دار بريل العريقة بمدينة حلب وإرثها التاريخي والحضاري قاد إلى توسيع العمل معهم ليشمل أيضا النصوص النثرية حول المدينة العريقة، مشيرا إلى أنه يعمل حاليا على تأليف كتاب مستقل عن هذه الموسوعة بعنوان "حلب في كتابات المؤرخين والباحثين والزوار والأدباء" ستصدره الدار قريبا.

المصدر : الجزيرة