ذكرى ملاذكرد التي غيرت وجه الأناضول.. آثاريون يقتربون من تحديد موقع المعركة الأكبر بين البيزنطيين والسلاجقة

يواصل فريق آثار تركي أعمال التنقيب والحفريات لتحديد موقع معركة ملاذكرد التي دارت بين الإمبراطورية البيزنطية والسلاجقة عام 1071 ميلادية قرب بلدة ملاذكرد بولاية موش شرق تركيا وغيرت وجه منطقة الأناضول.

وخلال أعمال التنقيب، استطاع فريق الآثاريين العثور على معدات استخدمت في المعركة إضافة إلى مجموعة قبور لشخصيات شاركت في الحرب.

وبدأت الحفريات قرب بلدة ملاذكرد عام 2020 في إطار مشروع لـ "تحديد موقع معركة ملاذكرد وإجراء المسح التاريخي والأثري عليها".

فريق آثار تركي يقوم بأعمال التنقيب والحفريات لتحديد موقع معركة ملاذكرد قرب منطقة ملاذكرد بولاية موش (الأناضول)

معركة فاصلة

ويجري المشروع بدعم من وزارة الثقافة والسياحة التركية وتعاون مع المديرية العامة للتراث الثقافي والمتاحف ومتحف أخلاد وجامعة ألب أرسلان بولاية موش وجامعة صدقي قوجمان بولاية موغلا (جنوب غرب).

ومنذ بدء أعمال التنقيب في المنطقة عام 2020، عثر فريق التنقيب في سهل "كيزو دوزو" الذي يبعد نحو 12 كيلومترا عن مركز بلدة ملاذكرد، على 336 سهما ورمحا ومعدات معدنية كانت تستخدم في الحروب خلال العصور الوسطى.

ويُعتقد أن سهل "كيزو دوزو" شهد مواجهات الجيشين البيزنطي والسلجوقي في 26 أغسطس/آب 1071.

استطاع فريق الآثاريين العثور على معدات استخدمت في المعركة إضافة إلى مجموعة قبور لشخصيات شاركت فيها (الأناضول )

وفي إطار المشروع الطموح، يواصل 30 أكاديميا من 10 جامعات العمل لتحديد المنطقة الفعلية التي وقعت فيها معركة ملاذكرد.

إعلان

وتمكن جيش سلطان السلاجقة الأتراك ألب أرسلان في تلك المعركة من تحقيق أحد أعظم الانتصارات في التاريخ ضد الإمبراطورية البيزنطية، فاتحا أبواب الأناضول أمام استقرار القبائل التركمانية.

ومحمد ألب أرسلان هو أحد أعظم حكام الدولة السلجوقية، وتمكن من إلحاق الهزيمة بالجيش البيزنطي في معركة "ملاذكرد" وفتح أبواب الأناضول أمام الأتراك عام 1071، من خلال تصميمه وشجاعته وإيمانه وبعد نظره وإستراتيجياته الحربية التي طبقها.

أعمال التنقيب والحفريات لتحديد موقع معركة ملاذكرد (الأناضول)

وتولى السلطان محمد ألب أرسلان، حكم الدولة السلجوقية عام 1064 خلفا لعمه طغرل بك، وتمكن بنجاح من توجيه الفتوحات نحو الأناضول والغرب، وكان له ذلك في الـ42 من عمره.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن أرسلان توفي عقب حملة شنها على سمرقند بعد عودته من معركة ملاذكرد.

وعُرض مؤخرا في دور السينما التركية فيلم يجسد المعركة ويشرح انطلاقها وهجوم أرسلان على مقدمة الجيش البيزنطي هجوما سريعا، وتقهقر قوات النخبة ووقوع الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس الرابع في الأسر، ثم العودة إلى كيفية تولية أرسلان الحكم واستتبابه وسط صراعات داخلية، ومدة الفيلم كانت على مدار 148 دقيقة، وفق تقرير سابق للجزيرة نت.

مكتشفات مهمة

ويقول المحاضر في قسم التاريخ بجامعة صدقي قوجمان بولاية موغلا، المستشار العلمي لفريق التنقيب البروفيسور عدنان جويك، إن الفريق يجري دراسات متعددة التخصصات لتحديد الموقع الذي شهد معركة ملاذكرد.

وأوضح جويك أن فريق التنقيب أجرى في يونيو/حزيران الماضي دراسات أولية في مقبرة إسلامية كبيرة، جرى تصنيفها في الخرائط العسكرية التاريخية مقبرة شهداء، بقرية أفشين التي تبعد نحو 7 كيلومترات جنوب شرق بلدة ملاذكرد.

وقال "نستمر في العمل للوصول إلى معلومات تفصيلية أكثر عن الخسائر البشرية التي وقعت في الحرب".

إعلان

وأضاف "في حفريات مقابر أفشين استطعنا تحديد 5 قبور احتوت على عظام مهشمة تظهر مقتل أصحابها خلال المعركة". وتابع "يواصل علماء الأنثروبولوجيا في الفريق إجراء دراسات على تلك العظام".

وزاد "تجرى اختبارات الكربون على تلك العظام في جامعة هاجت تبة التركية ومختبرات معهد تطوير الصناعات الدفاعية في مؤسسة البحث العلمي والتكنولوجي (توبيتاك)".

جانب من أعمال التنقيب والحفريات قرب بلدة ملاذكرد بولاية موش شرق تركيا (الأناضول)

تتبع الآثار

وقال البروفيسور جويك إن فريق الآثار يعمل على فهم طبيعة المكان الذي وقعت فيه المعركة، وأضاف "نحاول أيضا فهم الهوية التاريخية لبلدة ملاذكرد التي شهدت فصول هذه الحرب".

وذكر أن فريق التنقيب والحفريات يتتبع آثار معدات حربية في منطقة سهل "كيزو دوزو" بين ملاذكرد وجبل سبحان.

وأضاف "في المختبرات نفحص المعدات الأثرية التي عثرنا عليها في المنطقة مثل رؤوس أسهم وحراب وخوذ عسكرية جرى استخدامها قبل 951 عاما".

وقال "أكدت لنا نتائج الاختبارات أن هذه المعركة الفاصلة قد دارت رحاها فعلا في هذه المنطقة. عثرنا حتى الآن على 336 قطعة معدنية بينها 170 لرؤوس سهام وحراب وخوذ عسكرية".

وتابع "تعود هذه الأدوات إلى ما بين القرنين العاشر والـ12 الميلاديين، وهي الفترة التي شهدت وقوع معركة ملاذكرد".

المصدر : الجزيرة + الأناضول

إعلان