العثور على رواية لم يسبق نشرها للأديب الفرنسي لويس فرديناند سيلين تتناول الحرب العالمية الأولى

الأديب والطبيب الفرنسي الشهير لويس فرديناند سيلين (1894-1961) في صورة له منتصف الخمسينيات (غيتي)

تُصدر دار "غاليمار" في 5 مايو/أيار المقبل في فرنسا رواية غير منشورة للأديب والطبيب الفرنسي الشهير لويس فرديناند سيلين (1894 – 1961) بعنوان "حرب"، بعدما بقيت مخطوطات هذه القصة التي تتناول الحرب العالمية الأولى مفقودة عشرات السنوات.

وتستند "حرب" إلى مخطوطات سيلين الشهيرة التي عثر عليها بعد سرقتها من منزله وعرضت للجمهور في أغسطس/آب 2021.

وشرحت دار النشر أن هذه المخطوطات هي عبارة عن "رزمة من 250 صفحة تتضمن رواية تدور أحداثها في مقاطعة فلاندر أثناء الحرب العظمى". وأضافت أنها "مسودة أولى كُتبت بعد حوالى عامين من نشر روايته الشهيرة (رحلة إلى حافة الليل)" أي في عام 1934.

وأبرزت "غاليمار" أن "سيلين يكشف في هذه الرواية التي تجمع بين السيرة الذاتية والخيال، عن التجربة المحورية في حياته، وهي الصدمة الجسدية والمعنوية للجبهة"، خلال الحرب.

فسيلين الذي كان في الـ20 عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، بقي متأثرا طيلة حياته بأهوال الحرب في منطقة إيبر البلجيكية عام 1914، ووصفها في "حرب" بأنها "مسلخ دولي في حال جنون"، بحسب غاليمار.

وكتب في مقتطف آخر من الرواية "لطالما نمت هكذا وسط الضوضاء الفظيعة منذ ديسمبر/كانون الأول 1914. لقد أمسكت بالحرب في رأسي. إنها محبوسة في رأسي".

وكان الروائي الذي تعاون مع الألمان خلال الحرب العالمية الثانية وعرف بمعاداته لليهود، وترك هذه الرواية بين مجموعة كبيرة من الأوراق عندما غادر باريس إلى ألمانيا في يونيو/حزيران 1944.

ثم علم بأن شقته تعرضت للاقتحام وتحدث عن تعرضها للسرقة، ولا تزال هوية الجناة مجهولة إلى اليوم.

مخطوطات تم اكتشافها مؤخرًا للمؤلف الفرنسي لويس فرديناند سيلين وتشتمل قرابة 6 آلاف ورقة غير منشورة (الفرنسية)

وفي عام 2020، أبلغ الصحفي جان بيار تيبودا ورثة الكاتب الذي توفي عام 1961 بأن هذه المخطوطات في حوزته منذ حوالي 15 عاما.

وتصدر "غاليمار" في الخريف المقبل كتابين آخرين غير منشورين سابقا، أحدهما بعنوان "لندن" عن قصة انتقال سيلين إلى العاصمة البريطانية عام 1915، والثاني بعنوان "وصية الملك كروغولد" قصة من القرون الوسطى.

سيرة كاتب فرنسي

ولد لويس فرديناند أوغست ديستوشيز يوم 27 مايو/أيار 1894 في كوربفوا بضواحي العاصمة الفرنسية، باريس، حيث انتقل للعيش في منطقة الأوبرا.

وبفضل أسلوبه القريب من اللغة المحكية والعامية وابتكاراته اللفظية، قلب الروائي الفرنسي الأدب رأسا على عقب، وقدم أعمالا ثورية مجّدت اللغة اليومية في الأدب.

ويعرف باسمه المستعار "سيلين" الذي أخذه من جدته. وتنحدر عائلته من أوساط البرجوازية الصغيرة المفلسة والمنخفضة الرتبة الاجتماعية من التجار والحرفيين الذين لا يستطيعون تحقيق أحلامهم وطموحاتهم. وكانت والدته مصممة دانتيل ووالده موظفا في شركة تأمين.

وقد استمد سيلين مادة قصصه من بداياته الفقيرة، التي شبهها بـ"تحت الجرس"، في إشارة إلى إنارة شوارع منطقة الأوبرا التي كانت تستخدم مواقد الغاز حينها.

شغل عددا قليلا من الوظائف البسيطة قبل الالتحاق بالجيش الفرنسي عام 1912، وهو يبلغ من العمر 18 عاما، وأكسبته مشاركته في الحرب العالمية الأولى وسام "كروا دو غير" والميدالية العسكرية.

وبعد الحرب، تزوج سيرين من إديث فوليت، ثم حاز على شهادة البكالوريا عام 1919، ودرس الطب حتى عام 1924. ويُذكر أن أطروحته حظيت باهتمام كبير بفضل مهاراته الكتابية.

وقبل أن يغادر إلى جنيف حيث تم تعيينه طبيبا من قبل عصبة الأمم، التي كانت سلفا للأمم المتحدة، سافر عبر القارات وتعرف على أفريقيا بمآسيها الاستعمارية، وعلى الرعب الاقتصادي في أميركا الرأسمالية.

المخطوطات اختفت لفترة طويلة بطريقة غامضة وعثر عليها مؤخرا (الفرنسية)

ثم عاد سيلين ليستقر في فرنسا حيث تم تجنيده لإدارة مستوصف في كليشي بضواحي باريس. وقد ساعدته هذه الوظيفة المستقرة في تكريس الوقت لميوله الأدبية.

في البداية، نشر سيلين العديد من المسرحيات وبعض الروايات التي لقيت فشلا تجاريا، ثم شرع في نشر الكتيبات ليتغلب على خيبة الأمل، إلا أنه لم يعلم أنها ستكون مسؤولة عن مصائبه المستقبلية.

وخلال فترة الحرب دعم سيلين ألمانيا النازية بشكل علني وتردد على قادة نظام فيشي (الفرنسي الموالي لألمانيا النازية)، وعلم سيلين أن تواطؤه الأيديولوجي مع العدو قد يكلفه غاليا في فرنسا المحررة عام 1944. ولهذا، اتخذ طريق المنفى مع زوجته، حيث لجأ إلى ألمانيا، ثم إلى الدانمارك. لكن أُلقي عليه القبض عندما وصل إلى كوبنهاغن عام 1945، ليعيش أصعب 6 سنوات في حياته، مقسمة بين السجن والحرية.

ثم عاد الكاتب إلى فرنسا وكتب 3 روايات تحدث فيها عن المنفى ورحلته عبر ألمانيا المهزومة، وأعاد إحياء وريد الرواية الذاتية والنقد الاجتماعي لديه، وعاش فرديناند سيلين وحيدا في ضاحية ميدون الباريسية إلى أن مات عام 1961.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية

إعلان