محمود شاكر.. الكاتب المصري الذي عارض النظام الناصري ودخل في خصومة مع طه حسين

كاتب وشاعر ومحقق مصري، عرف بدفاعه الشرس عن الحضارة العربية الإسلامية، ولم تكن علاقته بالنظام الناصري طيّبة، فقد سجن مرّتين لمعارضته العلنية للنظام، ودخل في خصومة مع الأديب طه حسين الذي كان سببا في تخليه عن الدراسة الجامعية.
هو محمود بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر، الأخ الأصغر للعلامة أحمد شاكر، من أسرة أبي علياء الحسينية، ولد في الإسكندرية سنة 1909، ونشأ في القاهرة مع انتقال والده إليها بعد تعيينه وكيلا للجامع الأزهر.
التحق الأديب والمفكر المصري -الذي سلطت عليه الضوء حلقة (2022/12/20) من برنامج "تأملات"- بالمدارس المدنيّة ونال الشهادتين الابتدائية والثانوية، وتملّكه الشغف بتعلّم الإنجليزية والرياضيات، وتخرّج بشهادة الثانويّة العلميّة.
وفي الوقت عينه كان متعمّقًا في قراءة الأدب العربيّ، وقد حفظ ديوان المتنبي كاملًا وهو فتى، وحضر دروس الأدب التي كان يلقيها الشيخ المرصفي في جامع السلطان برقوق.
تملّكه حبّ الأدب فحاول الالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة العربية، ولم يكن ذلك متاحًا نظرًا إلى شهادته العلميّة، ولكن الأديب طه حسين تدخّل لصالحه لدى رئيس الجامعة المصرية، رغم أن طه حسين نفسه كان السبب في تخليه عن الدراسة الجامعية أيضًا.
وقد استمع شاكر الشاب إلى محاضراته -طه حسين- عن الشعر الجاهلي، والتي أشار فيها إلى قضيّة انتحال الشعر الجاهلي، فهاله أن يجرّد أستاذه امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى من أشعارهما.
تهيّب أوّل الأمر من مناقشة أستاذه، لكنّه لاحقًا وقف يردّ عليه بصراحة مباشرة. وما لبث أن اعترته الخيبة، فقرّر ترك الجامعة وهو في السنة الثانية، والانصراف إلى دراسة الأدب بعيدا عن جدرانها، حيث بدأ بإعادة قراءة الشعر العربي كله.
وقرأ شاكر أيضا كل ما يقع تحت يديه من كتب الأسلاف وكتب تفسير لكتاب الله، إلى علوم القرآن الكريم مع اختلافها إلى دواوين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وشروحها، إلى ما تفرّع عليه من كتب علماء الحديث وكتب الجرح والتعديل، إلى كتب أصول الفقه وأصول الدين، وما شئت بعد ذلك من أبواب العلم.
مواقف ومؤلفات
وفي هذه الفترة نشر بعض قصائده الرومانسية في مجلتي "الفتح" و"الزهراء"، واتّصل بأعلام عصره من أمثال أحمد تيمور باشا وأحمد زكي باشا والرافعي.
يصف شاكر هذه الفترة: "بدأت أحس إحساسا مبهما أنّها حياة أدبية فاسدة. فلم أجد لنفسي خلاصا إلا أن أرفض متخوّفا حذرا، شيئا فشيئا، أكثر المناهج الأدبية والسياسية والاجتماعية والدينية".
نشر محمود شاكر كتابه الأول "المتنبي" عام 1936، فذاع صيته لأسلوبه الجديد في مقاربة هذا الشاعر العظيم، ولاستنتاجاته غير المسبوقة. وقد جاء بعد ذلك كتاب طه حسين عن المتنبّي ما أشعل الخصومة مجدّدا بينهما.
واعتبر محمود شاكر أنّ طه حسين انتهج منهجه، وسطا على بعض آرائه، وهاجمه في سلسلة مقالات. كما اشتعلت لاحقًا معركة بينه وبين لويس عوض إثر نشر الأخير مجموعة مقالات هاجم فيها المعرّي.
ولم تكن علاقة محمود شاكر بالنظام الناصري طيّبة، فقد سجن مرّتين لمعارضته العلنية للنظام. ومع ذلك بقي مواظبًا على مواقفه وإنتاجه. ومن مؤلّفاته: المتنبّي، أباطيل وأسمار، نمط صعب ونمط مخيف، مداخل إعجاز القرآن وغيرها الكثير.
وفي الشعر: القوس العذراء، اعصفي يا رياح وقصائد أخرى. كما حقّق العديد من كتب التراث، منها: فضل العطاء على العسر لأبي هلال العسكري؛ طبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي؛ تفسير الطبري؛ دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني.
نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1981، وجائزة الملك فيصل في الأدب العربي، واختير عضوًا في مجمع اللغة العربية بدمشق، ثم بالقاهرة، وذلك قبل أن يرحل عن الدنيا عام 1997.