"اكتشف الجزيرة".. معرض فني يوثق رحلة الشبكة في عيدها الـ26

بهدف توثيق رحلتها والتضحيات التي قدمتها شبكة الجزيرة الإعلامية منذ أكثر من ربع قرن، تستضيف العاصمة القطرية الدوحة معرضا فنيا بعنوان "اكتشف الجزيرة"، تم خلاله تسليط الضوء على القيم الأساسية والنهج الفريد للشبكة، وتركيزها على القصص الإنسانية.
ويأتي معرض "اكتشف الجزيرة" -الذي افتتح مساء أمس الثلاثاء، ويحتضنه غاليري "مطافئ- مقر الفنانين" بالدوحة حتى 25 مارس/آذار القادم- متزامنا مع احتفال شبكة الجزيرة الإعلامية بالذكرى السادسة والعشرين لتأسيسها، ويُنظم بالتعاون بين متاحف قطر وشبكة الجزيرة؛ من أجل إطلاع الزوار على مسيرة الشبكة من خلال المعلومات التي رُتبت في سياق يعين على فهم أفضل لقصة الشبكة ودورها في تعزيز قيم الصحافة المهنية.

المعرض يعد الأول من نوعه، وتضمن أبرز محطات رحلة الجزيرة منذ عام 1996، وألقى الضوء على تطور الشبكة في سياق الأحداث التي شهدتها المنطقة، مع التطرق للتحديات والمصاعب التي واجهتها، وكيف نجحت الجزيرة في تقديم كل الآراء وساهمت في تعزيز حرية الصحافة في المنطقة والعالم.
وخلال تجولهم في المعرض، تعرّف الزوار على رسالة شبكة الجزيرة وقيمها الأساسية، وكذا أبرز التضحيات التي قدمها صحفيوها ومراسلوها في سبيل سعيهم لنقل الحقيقة والصورة الكاملة للأحداث، والتي كان آخرها اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مايو/أيار الماضي، أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين بالضفة الغربية.
قصص إنسانية
الجوانب والقصص الإنسانية كانت حاضرة بقوة بين جنبات المعرض. وحرصا من المنظمين على تعزيز هذا الجانب، تم عرض بعض الملابس والمتعلقات الشخصية الخاصة بصحفيين ومراسلين من قناة الجزيرة، قدموا أرواحهم أثناء تغطيتهم الأحداث ومحاولتهم نقل الحقيقة، حيث شاهد الزوار الخوذة والسترة الواقية من الرصاص للصحفي الراحل طارق أيوب الذي استشهد أثناء تغطيته الغزو الأميركي على العراق عام 2003.

كما تمّ عرض أدوات ومتعلقات خاصة بمصور الجزيرة الراحل علي الجابر الذي استشهد أثناء تغطية أحداث الثورة الليبية عام 2011، ومنها بطاقة هويته والساعة التي كان يرتديها والمحفظة التي كانت بحوزته وقت استشهاده.
أما بخصوص آخر شهداء "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة، فقد قدّم المعرض خوذة مشابهة للخوذة التي كانت تعتمرها شيرين قبل استشهادها، بالإضافة إلى نسخة طبق الأصل من السترة الصحفية المقاومة للرصاص التي كانت ترتديها.
وفي سبيل تعريف الزوار بما يجري خلف الكاميرات والشاشات، تضمن معرض "اكتشف الجزيرة" أقساما تفاعلية، مثل "تجربة الأستوديو" التي تمكّن الزوار من معايشة أجواء البث التلفزيوني، وقسم "الجزيرة الافتراضية" الذي تستخدم فيه تقنيات الإنتاج باستخدام الواقع الافتراضي والمعزز.
وخلال تفقدها معرض "اكتشف الجزيرة"، قالت المذيعة ومقدمة البرامج بقناة الجزيرة الإخبارية فيروز زياني إن من الطبيعي أن توثق الجزيرة مسيرتها، لكن أن يقوم الآخرون بتوثيق هذه المسيرة فهذا أمر يجب التوقف أمامه بشدة.

لمسة فنية
وأضافت زياني -في تصريح للجزيرة نت- "أقل واجب أن ترتفع أصوات كل العاملين بالجزيرة من أجل المطالبة بحقوق كل الزملاء الذين سقطوا شهداء، وممن كانوا معتقلين أو طالتهم أي مضايقات بسبب عملهم في الجزيرة، ولكن الأجمل هو أن يتحدث عنك الآخرون ويقام معرض بهذا الحجم يسطر بدايات الجزيرة ويحكي قصتها وقصة من صنعها".
ونوهت بأهمية التوقيت الذي يقام فيه المعرض، حيث ينعقد قبل أيام من انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم، إذ سيأتي "العالم" إلى قطر، ومن ثمّ سيكون فرصة للمشجعين لزيارة معرض الجزيرة، معربة عن أملها أن يكون المعرض منصة للتعريف بالشبكة وتضحياتها على مدى ربع قرن من الزمان، من خلال هذا السرد الجميل لقصتها وعبر لمسة فنية تظهر بوضوح في كل ما يتم تقديمه بالمعرض.

واعتبرت زياني أن أجمل ما رأته في المعرض هو تركيزه على الجانب الإنساني للصحفيين وكل ما يتعلق به، وهذا ما ينساه الآخرون، مشيرة إلى أن المعرض يحرص على تذكير الزائرين بأن من يعمل ويقف خلف الكاميرات ليس مجرد صحفي بل هو إنسان، وخلفه عائلة ومحبون يتأثرون ويتفاعلون بما يتعرض له، مؤكدة أهمية أن يرى ذلك من يعمل خارج الحقل الإعلامي ليتعرف عن كثب على قصص هؤلاء وتضحياتهم.
وفي السياق نفسه، تقول المذيعة ومقدمة البرامج في شبكة الجزيرة ليلى الشيخلي إن لكل مؤسسة قصة وحكاية خاصة بها، وإن إيصال قصة وحكاية الجزيرة عبر الأخبار والتقارير الصحفية ليس كافيا ويجب أن تكون هناك وسائل أخرى، مشيرة إلى أن إقامة معرض "اكتشف الجزيرة" وسيلة جيدة ومبدعة لتعريف الناس بالجزيرة وتضحياتها ومجهوداتها خلال عقدين ونصف من الزمن.
تضحيات كبيرة
وتؤكد الشيخلي -في تصريح للجزيرة نت- أن من الضروري أن يعرف الناس حول العالم كيف حافظت الجزيرة عبر آلاف من المنتمين إليها على مكانتها ومهنيتها في 26 عاما، مشيرة إلى أن المعرض بإمكانه القيام بهذا الدور بسهولة.
وتشير إلى أن المعرض يساعد في إيصال رسائل إنسانية وتفاصيل دقيقة تحدث وراء الكاميرات، قد تفوق في أهميتها ما يظهر للمشاهدين عبر الشاشات، بالإضافة إلى تعريف الناس بالتضحيات التي يقدّمها العاملون في الجزيرة والحقل الإعلامي بشكل عام.
من جهتها، قالت أناغيم زياني مديرة التسيير المتحفي بهيئة متاحف قطر، القائمة على معرض "اكتشف الجزيرة"، إن المعرض يحتفي بصوت إعلامي حرّ انبثق من العالم العربي وأصبح اليوم رائدا في المشهد الإعلامي على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وأشارت -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن رحلة زوار المعرض تبدأ من قسم يعرض قصة نشأة الشبكة، والتحديات التي واجهها صحفيوها، والمخاطر التي تعترض العاملين في الإعلام، ثم يسلط الضوء على المحتوى الإخباري والأفلام الوثائقية المميزة التي أنتجتها، ويقدم نبذة عن توسعها في المجال الرقمي.
كما اعتبرت أن "اكتشف الجزيرة" يقدم قصصا وتجارب لصحفيين حملوا أمانة نقل الحقيقة والخبر، ويطرح أسئلة تدفع الزوار إلى التفكير في تأثير الأحداث العالمية على حياة الناس ويومياتهم.