فيلم "طعم التفاح أحمر".. جولة بين الدكتاتورية والفصل العنصري في هضبة الجولان

فيلم “طعم التفاح أحمر” يتتبع قصة عائلة درزية تعيش في الجولان المحتل (مواقع التواصل)

عاش المخرج إيهاب طربيه المولود في هضبة الجولان مهموما بوطنه فصنع أفلاما قصيرة ووثائقية تتناول قضاياه وأحلامه حتى واتته الفرصة لصنع فيلمه الروائي الطويل الأول "طعم التفاح أحمر" الذي حمل صوت الأرض والبشر في تلك البقعة السورية المحتلة.

الفيلم مدته 123 دقيقة، ومن بطولة ربى بلال وسهيل حداد وشادن قنبورة ومكرم خوري وطارق قبطي، وينافس ضمن المسابقة الرسمية للدورة رقم 19 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.

ويحكي قصة عائلة من الأقلية الدرزية تعيش في هضبة الجولان المحتلة، تتنازعها الصراعات والأحقاد الدفينة، كأحمد الذي ظلت العائلة تلاحقه باغتصاب سيدة تزوجها فيما بعد عام 1967 التاريخ الذي أطلق عليه النكسة.

كما يتناول الفيلم تعقيدات المذهب الدرزي، من جهة وانعكاسات الحرب السورية الأهلية والصراع العربي الإسرائيلي على الحياة اليومية لهذه العائلات التي تنقسم بين من يدعم الرئيس السوري بشار الأسد ومن يبغضه.

ويتتبع رحلة الشيخ كامل الزعيم الديني في المجتمع الدرزي بالجولان المحتل، الذي يزوره شقيقه مصطفى بشكل غير متوقع بعد 47 عامًا من الاغتراب عن منطقته.

يعبر مصطفى العجوز الحدود الخاضعة لحراسة مشددة من سوريا، بعد أن سافر خلال الحرب السورية، ويعود مجروحًا وحيدا. وبينما ترعى سلمى ابنة كامل عمها المريض، يفكر كامل في الخطوة التالية.

يحاول كامل حماية شقيقه -الذي كان قد انضم للثوار في سوريا- من القرويين الموالين للنظام، ولكنه يجد نفسه في مواجهة مع أناس من حوله، والأهم من ذلك كله مع نفسه.

سينما رمزية وتناقضات سورية

وقال المخرج طربيه لرويترز عقب عرض الفيلم بمهرجان مراكش "التناقضات التي نعيشها نحن السوريين متشابكة، نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي في الجولان منذ 1967، وفي ظل نظام دكتاتوري في سوريا، وهذا الأخير لم يبدأ عام 2012 منذ قيام الثورة السورية، ولكن منذ أن أخذ حزب البعث مقاليد الحكم" في سوريا.

وأضاف "نحن نحكي عن أقلية بحكم دكتاتوري للوطن الأم، والذي لايزال موجودا، وحكم أبرتايد (نظام فصل عنصري) من طرف الاحتلال الإسرائيلي".

ويمكن تصنيف الفيلم في إطار السينما الرمزية بدءا بالتفاح الأحمر، والولادة المتعسرة لطفل سيلاقي في ما بعد مصيرا مأساويا، والذئب المتربص بجثة الماعز المذبوح، ورجوع شخصيات الفيلم إلى أحداث 1967.

وقال طربية "في السينما هنالك عدة مدارس، وهذا الفيلم مبني على الرمزية والاعتباطية وما هو غير متوقع".

وتقع هضبة الجولان إلى الجنوب من نهر اليرموك وإلى الشمال من جبل الشيخ وإلى الشرق من سهول حوران وريف دمشق، وتطل على بحيرة طبرية ومرج الحولة غرب الجليل. وتعتبر القنيطرة أهم مدينة بالهضبة التي تبعد 50 كيلومترا إلى الغرب من مدينة دمشق.

وهجرت إسرائيل الغالبية الساحقة من سكان الجولان الذين قطنوا 131 قرية وبملكيتهم 112 مزرعة، عام 1967، وبينما بقي عدد من السكان في القرى الباقية وفي القنيطرة التي أعادتها إسرائيل في إطار اتفاقية الهدنة، لا يزال عشرات الآلاف من العرب يعيشون في الجزء الواقع غرب خط الهدنة، ويحمل بعضهم الجنسية الإسرائيلية بينما يرفض كثيرون حمل الهوية الإسرائيلية حتى الآن.

وسبق لطربيه أن أخرج فيلم "المنسيون" عام 2012 الذي فاز عنه بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الدوحة ترابيكا السينمائي، كما ترشح لنيل جائزة الفيلم الأوروبي عام 2015 عن فيلمه "اضحك.. تضحك لك الدنيا" وشارك فيلمه "طعم التفاح أحمر" بمهرجان تورنتو بكندا في سبتمبر/أيلول الماضي.

وقال إن المعاناة والمشاكل "في وضعنا الراهن ليست وليدة اليوم، هي من إسقاطات 1948 و1967 وكل نتائجها الموجودة بالعالم العربي".

وأضاف "ممكن هنالك نظرة سوداوية لكن هذا واقع، نحن نرى ما هو موجود في سوريا ولحد اليوم الشعب السوري لا يزال يموت، ولا أحد يحرك ساكنا وهذا وضع يجب أن نسلط الضوء عليه دائما ونحكي عنه، ونجرب نحكي عنه على أمل أن يصير هنالك تغيير".

ويختتم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش دورته الحالية بإعلان الجوائز، وتسليمها مساء اليوم السبت.

المصدر : الجزيرة + رويترز