الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا يفوز بجائزة بوكر الأدبية لعام 2022

الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا يحمل روايته الفائزة بجائزة "بوكر" الأدبية البريطانية (الفرنسية)

فاز الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا أمس الاثنين بجائزة "بوكر" الأدبية البريطانية العريقة لعام 2022 عن روايته "أقمار مالي ألميدا السبعة" التي تعتمد أسلوب الهجاء الفكاهي الساخر، وتدور أحداثها خلال الحرب الأهلية التي شهدتها بلاده.

وتسلم كاروناتيلاكا الكأس من ملكة بريطانيا كاميلا (زوجة الملك تشارلز) أمس الاثنين في أول احتفال حضوري لمنح جائزة الأدب باللغة الإنجليزية منذ عام 2019، كما حصل على 50 ألف جنيه إسترليني (57 ألف دولار).

ملكة بريطانيا كاميلا تقدم الجائزة للروائي السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا (رويترز)

ليال الحرب الأهلية

تدور أحداث قصة كاروناتيلاكا -التي تنتمي لأدب الكوميديا السوداء في كولومبو عاصمة سريلانكا- عام 1990 أثناء الحرب الأهلية في البلاد، حول مصور الحرب والمقامر معالي ألميدا الذي يستيقظ بعد موته ليدرك أنه متوفى من دون أن يتذكر كيف مات.

ويكون الوقت جوهريا بالنسبة للمصور الحربي معالي وسط الفوضى القاتلة في مدينة مليئة بفرق الموت والتفجيرات الدموية والقتلى المأجورين الذي أمامه "7 أقمار" (7 ليال) للوصول إلى أقارب الضحايا لإرشادهم إلى الصور المخفية التي التقطها، والتي تصور وحشية الصراع في بلده.

إعلان

خلال الأقمار السبعة التالية، يحاول معالي يائسًا التواصل مع أصدقائه أو عائلته أو أي شخص يمكنه سماعه؛ إذ يحتاج إلى مساعدة لإكمال مهمة غير مكتملة، ومن بين ممتلكاته صندوق يحتوي على صور التقطت خلال مهامه، وتضم صورا للموت والدمار الذي شاهده بنفسه في الثمانينيات في سريلانكا، و"هذه ليست لقطات عطلة؛ هذه صور ستسقط الحكومات، صور يمكن أن توقف الحروب".

يروي هذا المزيج من الواقعية السحرية والخيال التاريخي والهجاء السياسي والفكاهة القاتمة، بضمير المخاطب، أحد أحلك الفصول في تاريخ سريلانكا، ويتناول الاضطرابات السياسية والعنف والفساد في المجتمع المدني في البلد الذي مزقته الحرب، وينتقل السرد ذهابًا وإيابًا بين يومنا هذا في كل من العالم الحي وبين ذكريات الماضي من حياة معالي المهنية والشخصية التي تتضمن الأحداث التي أدت إلى وفاة معالي، حيث عالم الغاب الذي يسحق القوي فيه الضعيف.

وقال المؤلف -في وقت سابق عن روايته- إنها حيرت الناشرين الدوليين؛ إذ وجد كثيرون أن مستنقع السياسة السريلانكية تصعب متابعته، وأضاف أنه كتب الرواية بصيغة المتكلم، لكنه وجد صعوبة في فصل صوت الراوي عن صوته.

ولاحقا عرف معالي أنه قُتل أثناء وجوده في كازينو، وأن جثته تم التخلص منها من قبل "رجال القمامة" العاملين في فرقة الموت، وعرف أن أكبر شخص في فرقة الموت هو من كبار مسؤولي النظام السريلانكي؛ مما يشير إلى أن معالي قد استُهدف بسبب تصويره الفظائع التي ارتكبتها جميع الأطراف في الحرب الأهلية، إذ امتلك صورا سرية مخيفة تدين الأطراف المختلفة، وبينهم مسؤولون رفيعو المستوى.

واستمرت الحرب الأهلية السريلانكية نحو 25 عاما، وحُسمت بهزيمة منظمة نمور التاميل عام 2009 على أيدي الجيش السريلانكي وانتهاء مشروع إقامة دولة مستقلة للأقلية الهندوسية المتمركزة شمالي الجزيرة وشرقيها، لكن ما إن انتهت تلك الحرب المشؤومة بالقوة حتى فُتح المجال لأزمات سياسية واجتماعية قد لا تقل خطورة عن الحرب، وثار جدال واسع بشأن ملفات كثيرة خلّفتها الحرب، حسب تقرير سابق للجزيرة نت.

إعلان

يتسم المؤلف بالجرأة والثبات في وصفه مختلف الفصائل المتحاربة داخل البلاد (نمور التاميل وجبهة تحرير تاميل إيلام وجبهة التحرير الشعبية، فضلا عن الحكومة السريلانكية والجيش والشرطة).

كما أنه لا يتردد في توجيه نظرة نقدية إلى الدور الذي لعبته الدول الأجنبية والمنظمات الدولية التي قدمت التدخل والمساعدات خلال تلك السنوات.

وقال كاروناتيلاكا -في كلمة ألقاها أثناء مراسم تسلم الجائزة- إن رواية "أقمار مالي ألميدا السبعة" "تُقرأ في مستقبل غير بعيد عن سيرلانكا عندما تكون قد أدركت أن أفكار الفساد والاستهداف العرقي والمحسوبية لم ولن تنجح أبدا".

وأشادت لجنة التحكيم بـ"السعة والكفاءة والجرأة والجسارة والفكاهة" التي برهن عنها المؤلّف في روايته.

وقال رئيس لجنة التحكيم نيل ماكغريغور عن الرواية إنها "فلسفية جادة تماما تأخذ القارئ إلى القلب المظلم للعالم، إلى أهوال الحرب الأهلية المميتة في سريلانكا. وبمجرد الوصول إلى هناك، يكتشف القارئ أيضا الرقة والجمال والحب والولاء والسعي وراء مثال يحتذى به يبرر كل حياة بشرية".

شيهان كاروناتيلاكا

وهذه ثاني رواية لكاروناتيلاكا (47 عاما) تنال تقديرا عالميا بعد "الرجل الصيني"؛ الرواية التي أصدرها عام 2011 ونالت جائزة الكومنولث.

وهو ثاني سريلانكي يفوز بهذه الجائزة التي تمنح لأفضل رواية صادرة باللغة الإنجليزية بعد مايكل أونداتجيز الذي حصل على "بوكر" في 1992 لروايته "المريض الإنجليزي".

الروايات غير الفائزة

وضمت لائحة الكتّاب المتأهلين رجالا ونساء من 4 قارات و5 جنسيات:

  • البريطاني آلن غارنر (88 عاما) عن روايته "تريكل ووكر" (Treacle Walker).
  • رواية "أشياء صغيرة مثل هذه" (Small Things Like This) القصيرة للكاتبة الأيرلندية كلير كيغان.
  • نو فيوليت بولاوايو من زيمبابوي عن "غلوري" (Glory).
  • رواية الأميركية إليزابيث ستراوت "أوه وليام!".
  • الأميركي بيرسيفال إيفريت "الأشجار" (The Trees).
إعلان
المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان