"هل تحتاج إلى إنقاذ؟".. كتاب يحلل حياة المرأة المسلمة في عالم ما بعد 11 سبتمبر

تقول المؤلفة والأكاديمية الأميركية ليلى أبو لغد إن ما تسميه "الاستشراق الجندري" اتخذ "مسارات وأشكالا جديدة في القرن الـ21 النسوي"، ويضم كتابها "هل تحتاج المرأة المسلمة إلى الإنقاذ حقا؟" مجموعة واسعة من الأمثلة والأدلة لدعم هذا الرأي 

Do muslim women need saving cover book
كتاب "هل تحتاج المرأة المسلمة إلى الإنقاذ حقا؟" لمؤلفته ليلى أبو لغد (مواقع التواصل الاجتماعي)

في كتابها بعنوان "هل تحتاج المرأة المسلمة إلى الإنقاذ حقا؟" تعيد ليلى أبو لغد رسم صورة المرأة المسلمة في عالم ما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.

تصف الأكاديمية الأميركية المتخصصة في دراسات الأنثروبولوجيا بجامعة كولومبيا الصور الاختزالية التي انتشرت في قنوات التلفزة والبث الأميركية في الأيام الأولى لغزو عام 2001 حول النساء الأفغانيات الصامتات غير القادرات على مغادرة منازلهن دون مرافقة الذكور واللاتي ينتظرن تحريرهن، لكن هل كانت هذه هي الصورة حقا؟

وتجادل أبو لغد في كتابها الصادر عام 2013 بأن الطريقة التي صورت بها النساء الأفغانيات في وسائل الإعلام الغربية بعيدة عن الحقائق المعقدة على الأرض، ويتم اختزالها في صور نمطية خالية من السياق وتسعى إلى إلقاء اللوم على الثقافة أو الإسلام، مع تجاهل التاريخ الطويل للتدخل الأجنبي في أفغانستان الذي يساهم في الوضع الحالي، من التفكك الاجتماعي أثناء الاحتلال السوفياتي إلى العنف الجنسي خلال الحرب الأهلية اللاحقة وحكم المجاهدين.

وبعد 20 عاما مع بدء الانسحاب الأميركي السريع ودخول طالبان للعاصمة كابل أصبحت النساء مرة أخرى في قلب القصة، وبينما نكافح لفهم الأحداث الجارية وما تعنيه بالنسبة للمرأة فإنه من المفيد إعادة النظر في نقد مفهوم "إنقاذ المرأة" الذي جرى تقديمه في سياق تبرير التدخل العسكري على مدى عقدين من الزمن.

ويعتبر عرض للكتاب قدمه موقع مدرسة لندن للاقتصاد "إل إس إي" (LSE) أن دافع أبو لغد لتأليف الكتاب هو بالأساس تجربتها الثرية مع مجموعة متنوعة من النساء المسلمات طوال حياتها المهنية.

وقد أرادت من خلال الكتاب تحليل السمات البارزة لحياة المرأة المسلمة في فترة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول، مع التركيز على أبرز التأثيرات "غير الثقافية" التي صاغت شخصيتها.

وتقول أبو لغد إن ما تسميه "الاستشراق الجندري" اتخذ "مسارات وأشكالا جديدة في القرن الـ21 النسوي"، ويضم الكتاب مجموعة واسعة من الأمثلة والأدلة لدعم هذا الرأي.

عوامل مؤثرة

وحسب العرض الذي قدمه الموقع، فإن من نقاط القوة الرئيسية للكتاب تناول الأهمية الرمزية لما أطلقت عليها الكاتبة "الحروب الصليبية الأخلاقية".

كما تسلط أبو لغد الضوء على تأثير العوامل السياسية محليا وعالميا على حياة المرأة المسلمة، وبالتالي فإن ما يُنظر إليه غالبا على أنه "تقاليد" يعتبر في نظرها استجابة لما فرضته الصراعات والحروب وعدم اليقين والاضطرابات الاقتصادية والسياسية.

على سبيل المثال، في سياق النقاش حول ما حدث في أفغانستان كان هناك تركيز كبير على الممارسات الثقافية مقابل إهمال آثار الحرب وعسكرة الحياة الاجتماعية على وضع المرأة في البلاد، وفي ظل هذه الخلفية الجيوسياسية ترى أبو لغد أن مفاهيم مثل "الاضطهاد" و"حرية الاختيار" لا تعبر حقا عن الآليات التي تشكل حياة النساء المسلمات في تلك المنطقة.

وفي سياق تحليل الخطاب الدولي عند الحديث عن "المرأة المسلمة المضطهدة"، تؤكد أبو لغد أن هناك درجة عالية من التبسيط والخداع، حيث يتم التركيز على قضايا مثل الحجاب وجرائم الشرف باعتبارها الأكثر إلحاحا، فيما يتم تجاهل قضايا محورية لها تأثير بالغ، مثل تطور الأنظمة القمعية في المنطقة.

وعلى نحو مماثل، تسلط أبو لغد الضوء على ارتباط هذا الخطاب في الغرب بسياسات التضييق على الهجرة ومعاداة الأجانب، محذرة من المخاطر التي ينطوي عليها مثل هذا التوجه الذي يفرز حالة من الاستقطاب ويعزز فكرة أن النسوية وحتى العلمانية مفاهيم غربية لا يمكن تطبيقها في العالم الإسلامي.

مفارقة غريبة

تركز أبو لغد في كتابها على العالم العربي، وتحديدا المجتمعات الريفية في مصر، إلا أنه يمكن بسهولة تطبيق منهجها التحليلي الشامل على أي نقاش حول المرأة المسلمة في أي مكان بالعالم.

وحسب الموقع، فإن الكاتبة تكشف مفارقة مثيرة ما بين النظرة للمرأة المسلمة و"الإسلاموفوبيا"، فالغرب ينظر إلى المجتمعات المسلمة على أنها مجتمعات ذكورية تضطهد المرأة، لكن النساء المسلمات هن أولى ضحايا العنصرية والتمييز ضد المسلمين في الدول الغربية.

ومن الواضح أن أبو لغد لا تسعى إلى تبرئة مرتكبي العنف والتهميش في العالم الإسلامي، لكنها تريد بكل بساطة أن ترى عالما لا تعاني فيه النساء، سواء من الجوع أو الفقر أو العنف المنزلي أو الاستغلال الجنسي أو غيرها من الأسباب.

لهذا، يشكل كتاب أبو لغد الجديد رؤية مختلفة لمحاولة فهم التناقض الغربي من خلال تحليل الخطاب الشعبوي على الصعيدين المحلي والعالمي، ومحاولة خلق وعي جديد يساهم في إنقاذ المرأة المسلمة.

وكما هو الحال مع النساء الكاتبات في فترة ما بعد الاستعمار فإن نهج أبو لغد يمثل أداة تحليلية مفيدة لاستكشاف القضايا المعاصرة للمرأة المسلمة وغيرها من النساء بكل تعقيداتها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان