إسرائيل دمرت المكتبات لتجريد غزة من معالمها الثقافية
يقول الروائي الفلسطيني يسري الغول، للجزيرة نت، إن إسرائيل تنظر للمكتبات والمراكز الثقافة كقنبلة موقوتة، وهي ترى أن "الكتاب أخطر الأسلحة الموجهة ضدها".
"الاحتلال لا يعيش إلا في مستنقعات الخراب والمكتبة هي أحد أهم أدوات البناء"، قالها روائيون فلسطينيون وأصحاب مكتبات تعرضت للقصف والتدمير خلال الحرب على غزة.
ودمرت غارات جوية إسرائيلية مكثفة وعنيفة خلال 11 يوماً من الحرب على غزة عدداً كبيراً من المكتبات، تعود ملكية غالبيتها لشبان كانت مكتباتهم بالنسبة لهم "مشروع حياة".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأول رواية عربية عن مأساة الهنود الحمر.. “هوشيلاجا” تستعيد أصوات فلسطين وأميركا “الأصلية”
تسللت كموظفة أممية بعد رفض دخولها كصحفية.. يوميات كاتبة هولندية عن جحيم الفلسطينيين في سوريا
100 عام من الاحتلال الاستيطاني والمقاومة في فلسطين
وبحسب بيان للهيئة العامة للشباب والثقافة في غزة، استهدف القصف الإسرائيلي مكتبات سمير منصور، واقرأ، والرؤية، والنهضة، وأسفر العدوان عن تدمير عدد من المراكز الثقافية، وهي منتدى الأمة للتنمية، ومراكز المواهب الفلسطينية، وبسمة للثقافة والفنون، ونفحة، بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من المراكز المختصة في مجالات العلوم والأبحاث والتدريب، وشركات الإنتاج الإعلامي والفني.
الإحتلال الإسرائيلي يدمر مصدر الثقافة وأكبر دار نشر في قطاع غزة.
حسبنا الله ونعم الوكيل🙏🏻#مكتبة_سمير_منصور#GazaUnderAttak pic.twitter.com/0G4J36DsXG— مكتبة سمير منصور (@samirbookshop) May 18, 2021
ضرب الثقافة
ويعتقد شبعان سليم (33 عاماً)، الذي تعرضت مكتبته "اقرأ الجديدة" للتدمير الكلي، أن الاحتلال سعى من خلال قصف المكتبات وتدميرها إلى "ضرب الثقافة واستهداف الطبقة المتعلمة والمثقفة".
"إسرائيل لا تريد وعياً أو ثقافة.. تريد جيلاً لا يهتم بالتعليم، ولا يشكل خطراً عليها، فهي تعي خطورة الاستثمار في المكتبات والمشاريع العلمية والثقافية"، قال شعبان للجزيرة نت.
ويعمل شعبان وشقيقاه في المكتبة منذ افتتاحها في العام 2016، وهي بمثابة مشروع عائلي تعتاش منه 3 أسر مكونة من 20 شخصاً.
وتختص مكتبة "اقرأ الجديدة" كمثيلاتها من المكتبات المدمرة، بالكتب الثقافية وتقديم خدمات طلابية جامعية، وقال شعبان ساخراً "يبدو أن إسرائيل أضافت الكتب إلى بنك أهدافها".
تشويه وجه غزة الحضاري
ويجزم الكاتب والروائي الفلسطيني توفيق وصفي بأن قصف المكتبات وتدميرها حدث بقرار إسرائيلي رسمي وعن سابق إصرار، فإسرائيل التي تمتلك قدرة عالية على التحديد الدقيق لطبيعة الهدف تعلم أن غاراتها ستدمر مكتبات ومراكز ثقافية.
وقال وصفي، للجزيرة نت، إن إسرائيل عملت على "تجريد غزة من ثقافتها ومتنفسها العلمي والثقافي، تماماً كما استخدمت آلة التدمير لتغيير ملامح المدينة وتجريدها من أحيائها السكنية ومنشآتها في مناحي الحياة كافة".
وصدرت لوصفي حديثاً رواية "ابنة السراب" جاء في مقدمتها "إلى الفلسطيني المؤمن بأن لديه حقاً عليه استعادته، رغم انهيار كل المعايير، بسطوة الظلم والجبروت، وسيادة الضعف والهوان، فأمست هويته المتعلقة بقضية القضايا موضع التباس، يلتهم تاريخه، لينتج شكلاً آخر لحكايته، أقل من قضية، وأكثر من مأساة".
وبالنسبة لوصفي فإن إسرائيل أرادت أن يكتمل "مشهد الخراب" في أذهان الغزيين وأمام عيونهم، وبالتالي دفعهم إلى اليأس، خصوصاً الفئة الأكثر تنوراً والملتصقة بالعلم والثقافة.
المكتبات "قنبلة موقوتة"
ويقول الروائي الفلسطيني يسري الغول، للجزيرة نت، إن إسرائيل تنظر للمكتبات والمراكز الثقافة كقنبلة موقوتة، وهي ترى أن "الكتاب أخطر الأسلحة الموجهة ضدها".
واعتقدت إسرائيل بتدمير هذه المكتبات والمراكز بأنها قادرة على "كي الوعي" لجيل من الشباب ولد ونما مع تطبيقات التواصل الاجتماعي، لكنه أظهر وعياً وانتماء كبيراً للوطن، وفقاً للغول.
وبهذا التدمير أيضاً، والحديث للغول، سعت إسرائيل كدولة احتلال لا تعيش إلا في مستنقعات الخراب وفي أتون الحروب إلى "تدمير أحد أهم أدوات البناء".
وأضاف كل ما افتخر به الفلسطينيون خلال الحرب من صواريخ عكست تطوراً في قدرات المقاومة الفلسطينية، الوصول إليها مر عبر المكتبات والكتب.
ويعتقد الغول أن إسرائيل بهذا القصف والتدمير استكملت مساعيها المتساوقة مع أنظمة شمولية وبدعم أميركي لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، ضارباً المثال بمسابقات للكتاب والمثقفين وصفها بأنها "غير نزيهة" تدعو إلى التماهي مع الاحتلال والاندماج والتعايش معه، وإضعاف إرادة التحدي والإيمان بالقدرة على مواجهته، بحسب تصريحه.