مستقبل دور النشر والطباعة في أفغانستان إلى أين؟
سبين سهار مدير مكتبة دانش: تراجع صناعة الطباعة والنشر في أفغانستان كارثة ثقافية تضع بلدنا تحت غزو ثقافي.
كابل- نمت صناعة الطباعة والنشر في أفغانستان بشكل هائل على مدار العشرين عامًا الماضية، مع ظهور أفضل طباعة بالبلاد لدرجة أنه لم يكن من الممكن القيام بها بدول الجوار حتى الآن، ولكن إهمال السلطات والفساد والرشوة بالحكومة المنصرفة أدى لإلحاق ضرر كبير بصناعة الطباعة وعملية النشر، وأغلقت المطابع أبوابها لأسباب اقتصادية.
لا تتوفر معلومات كاملة عن عدد المطابع بأفغانستان، لكن حسب أرقام وزارة الإعلام والثقافة سجلت نحو 120 مطبعة بالعاصمة كابل، و35 في ولاية هيرات، و8 في قندهار، و13 في بلخ، و15 في ننغرهار، وحصل أصحابها على تصاريح عمل من وزارة التجارة، إضافة إلى وجود العشرات من المطابع الصغيرة والكبيرة التي ليس لديها تراخيص رسمية.
إغلاق 100 مطبعة
بعد انسحاب القوات الأميركية ووصول حركة طالبان إلى السلطة أغلقت 100 مطبعة، حتى أن عددا منها باع آلاته بالمزاد العلني، وخسر أكثر من 3 آلاف عامل وظائفهم بسبب إغلاق المطابع ودور النشر.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأفغانستان.. شهادات 4 نساء عن الحياة في ظل حكم طالبان
أمام حكومة طالبان الثانية.. ما مطالب النساء والشباب في هذه المرحلة؟
بعد عودة 12 موظفة للعمل في مطار كابل.. ما موقف حركة طالبان من عمل المرأة؟
وكان لمكتبة "دانش للنشر والتوزيع" -التي أسست عام 1995 في بيشاور بباكستان- دور مهم في نشر الأدب الأفغاني بالمهجر، وقرر صاحبها أسد دانش العودة إلى أفغانستان بعد سقوط حكومة طالبان عام 2001، وتمكن من نشر 2800 كتاب.
يقول مدير المكتبة سبين سهار للجزيرة نت "في القرن الأخير من تاريخ أفغانستان لم تتطور مهنة الطباعة والنشر كما كانت في العقدين الماضيين، ولسوء الحظ تراجعت هذه المهنة خلال العامين الأخيرين من أيام الجمهورية الإسلامية لأسباب كثيرة أهمها محاولة التربح من خلال الفساد والرشوة، ويعد تراجع صناعة الطباعة والنشر كارثة ثقافية وبلدنا تحت غزو ثقافي من قبل إيران ودول أخرى في المنطقة".
انسحاب القوات الأجنبية وإغلاق السفارات والمؤسسات الدولية كان سببا رئيسيا لإغلاق المطابع، وقد أثر بصورة عامة على الوضع المعيشي في أفغانستان، فقد توقفت حوالي 150 صحيفة ومطبوعة عن طباعة الصحف والمجلات، واكتفت الصحف المهمة بنشر مضامينها عبر الإنترنت فقط.
يقول الصحفي كريم جليلي للجزيرة نت "الطباعة والنشر توقفت لأنها لم تنم بصورة تدريجية وطبيعية، وكثير من الصحف والمجلات تحصل على الدعم من السفارات الأجنبية، وبانسحابها تأثر وضع المطابع ودور النشر" وأضاف "الحكومة الجديدة التي شكلتها طالبان تهتم بالوضع الأمني والسياسي والمعيشي، ولكن شؤون الطباعة والنشر ليست بصدارة أجندتها لأنها مشغولة بأمور أخرى".
بالمزاد العلني
عرض المطابع آلاتها بالمزاد العلني سابقة في أفغانستان، وعدم إقبال الناس على المكتبات أثر على المبيعات، يقول أسد كريمي صاحب مكتبة في كابل للجزيرة نت "منذ 70 يوما لم أبع ولا حتى كتابا واحدا، وإذا استمر الوضع على هذا النحو، لا سمح الله، فإن الجهود التي بذلت بشأن ثقافة القراءة سوف تتلاشى وسيواجه جيلنا القادم الغزو الثقافي والأدبي لجيراننا".
كما أن عدم وجود الكهرباء والخبرة اللازمة في قطاع الطباعة والنشر أديا إلى إغلاق عدد كبير من المطابع، حيث غادر أصحاب الخبرة البلاد، وتوجهت دور النشر إلى باكستان وإيران حيث الأسعار جيدة مقارنة بالأسعار في أفغانستان.
ويفيد إسماعيل خان صاحب مكتبة في مدينة جلال آباد -للجزيرة نت- بوجود أكثر من 20 دار نشر في مدينته، وما يصل إلى نحو 100 مكتبة "ونرسل الكتب إلى باكستان لطباعتها بسبب عدم وجود مطبعة احترافية، والأسعار غالية جدا".