عبد الرزاق غورنا ينتقد سياسات أوروبية ويتعهد بمواصلة تناول قضايا الهجرة بعد فوزه بنوبل للآداب
بعد حوالي 50 عاما في بريطانيا، يرى الكاتب الفائز بنوبل أن العنصرية انخفضت في البلد، لكن مؤسساته لا تزال "سلطوية"، عارضا -مثالا على ذلك- الفضيحة المعروفة بـ"ويندراش" حول طريقة معاملة آلاف المهاجرين الذين أتوا بسبل قانونية من الكاريبي إلى بريطانيا بين 1948 و1971، لكنّهم حرموا من حقوقهم بسبب افتقارقهم إلى الوثائق اللازمة.
صرّح الكاتب عبد الرزاق غورنا الفائز بنوبل للآداب للعام 2021 أنه سيواصل تناول قضايا الهجرة، واصفا بريكست بـ"الخطأ" وسياسات الحكومات الأوروبية بـ"غير الإنسانية".
وقد توّج الروائي البريطاني -البالغ من العمر 72 عاما والمولود في زنجبار- أول أمس الخميس بأسمى الجوائز الأدبية تقديرا لرواياته حول حقبة الاستعمار والفترة التالية لها في الشرق الأفريقي ومعاناة اللاجئين العالقين بين عالمين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالهوس بالخسارة والأشياء التي تنتهي.. نجل ماركيز يحكي عن آخر أيام صاحب “مئة عام من العزلة”
نوبل والأدب العربي.. من أخفق في الوصول للآخر؟
في ذكرى وفاة عميد الأدب العربي.. لماذا لم تفز جائزة نوبل بطه حسين؟
وقال غورنا -خلال مؤتمر صحفي أقيم في لندن غداة الإعلان عن فوزه بالجائزة- "أكتب عن هذا الوضع لأنني أريد الكتابة عن التفاعلات الإنسانية، وما يمرّ به الناس عند إعادة تشكيل حياتهم من جديد".
ولم يكن الكاتب يتوقّع الفوز بنوبل. وقد صرّح "تكتبون أفضل ما لديكم وتأملون أن تجري الأمور على خير ما يرام".
وشدّد غورنا -الذي في رصيده 10 روايات وقصص صغيرة أخرى- على أنه سيواصل التحدّث بكل صراحة عن المسائل التي أرست أسس أعماله ونظرته للعالم.
وقال "إنها طريقتي في رفع الصوت. أنا لا أؤدي دورا بل أقول ما أفكر فيه"، وذلك بغض النظر عن نيل نوبل للآداب.
وغورنا هو خامس كاتب مولود في أفريقيا ينال جائزة نوبل للآداب، وقد فرّ من زنجبار عام 1967 وحصل على الجنسية البريطانية.
وإذا كانت السواحلية لغته الأمّ، فهو تعلّم أيضا الإنكليزية في زنجبار، وهي أرخبيل يقع في المحيط الهادي الذي كان تحت حماية بريطانية قبل ضمّه إلى تنزانيا.
وُلد غورنا في جزيرة زنجبار عام 1948، ولكن بعد انتهاء حقبة الحكم البريطاني عام 1963 واجه اضطهادا بسبب عرقه العربي، فاضطر إلى الفرار، وانتهى به الحال لاجئا في بريطانيا أواخر الستينيات، وهو يعيش في بريطانيا منذ ذلك الحين، ولا يزال يحتفظ بروابط قويّة بمسقط رأسه تغذّي مؤلفاته الصادرة بالإنكليزية.
وكان غورنا أستاذا ومديرا للدراسات العليا في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة "كنت" حتى تقاعده، واهتمامه الأكاديمي الرئيسي ينصب على نصوص ما بعد الاستعمار والخطابات المرتبطة بالاستعمار، بخاصة في ما يتعلق بأفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والهند.
"أنا من زنجبار"
قال غورنا "أنا من زنجبار. ما من التباس في الأمر بالنسبة لي. أما عملي وحياتي، فقد بنيتهما هنا (في بريطانيا)، لكن هذا ليس كلّ ما يشكل حياتكم الخيالية أو حياتكم المتخيّلة".
وبعد حوالي 50 عاما في بريطانيا، يرى الكاتب أن العنصرية انخفضت في البلد لكن مؤسساته لا تزال "سلطوية"، عارضا -مثالا على ذلك- الفضيحة المعروفة بـ"ويندراش" حول طريقة معاملة آلاف المهاجرين الذين أتوا بسبل قانونية من الكاريبي إلى بريطانيا بين 1948 و1971، لكنّهم حرموا من حقوقهم بسبب افتقارقهم إلى الوثائق اللازمة.
وأكّد "أننا نشهد استمرار القباحة عينها"، مندّدا بـ"الخطأ" الذي ارتكبته بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي والذي ينمّ -وفق نظره- عن "بعض من النوستالجيا والتوهّم".
كما انتقد الكاتب سياسات بلدان أوروبية أخرى، مثل ألمانيا التي "لم تواجه ماضيها الاستعماري"، على حدّ تعبيره.
ويروي كتابه الأخير "آفترلايفز" قصة صبي صغير سُرق من أهله على أيدي القوات الاستعمارية الألمانية، ثم يعود إلى بلدته للعثور على والديه المفقودين وشقيقته.
وندد غورنا أيضا بالموقف المتشدد للحكومات الأوروبية فيما يخص الهجرة الوافدة من أفريقيا والشرق الأوسط، واصفا إيّاه بالقاسي وغير المنطقي.
وقال "ينمّ الردّ المذعور حول من هم هؤلاء الوافدون؛ عن نقص في الإنسانية ونقص في التعاطف"، مشيرا إلى أن "ما من أساس أخلاقي أو منطقي لذلك، فهؤلاء لا يصلون فارغي الأيدي، بل إنهم يصلون مفعمين بروح الشباب والطاقة والقدرات".
وأكّد أن "مجرّد التفكير بأنهم هنا لسلب شيء من رفاهنا هو غير إنساني".