تطورات جائزة نوبل 2020.. تكيف مع الجائحة وإلغاء "مأدبة ستوكهولم" وجدل يتجدد في البوسنة
أعلنت مؤسسة نوبل، إلغاء مأدبة ديسمبر/كانون الأول التي تنظمها كل عام بسبب تفشي جائحة كورونا، وأكدت أن حفل توزيع الجوائز سيعقد في 10 ديسمبر/كانون الأول بـ "طرق جديدة" لم تفصح عن تفاصيلها بعد.
وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1956 التي تلغى فيها المأدبة، وفقًا للمؤسسة التي تنظم منح جوائز نوبل سنوياً في المجالات المختلفة.
وقال لارس هايكنستين مدير مؤسسة نوبل في بيان "أسبوع نوبل لن يكون كالمعتاد بسبب الوباء الحالي. هذه سنة خاصة جدا يحتاج فيها الجميع لتقديم تضحيات والتكيف مع الظروف الجديدة كلياً".
وأضاف هايكنستين أن الفائزين سيجري تسليط الضوء عليهم "بطرق مختلفة" إلى جانب تقديم "اكتشافاتهم وأعمالهم".
وعادة ما تعقد مأدبة نوبل الفخمة نهاية ما يسمى "أسبوع نوبل" في ديسمبر/كانون الأول، ويدعى الفائزون بجائزة العام إلى مدينة ستوكهولم السويدية لإجراء حوارات ولقاءات وحضور حفل توزيع الجوائز.
وتستضيف العائلة المالكة السويدية الفائزين وحوالي 1300 ضيف سنوياً، في قاعة المدينة في ستوكهولم، ويشاركون في عشاء وأمسية ترفيهية، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ويلقي الفائزون، باستثناء الحائزين على جائزة السلام الذين يتم تكريمهم في العاصمة النرويجية أوسلو، خطابًا تقليديًا خلال هذا العشاء.
وأكد بيان المؤسسة أن الإعلان عن الجوائز في مجالات الطب والفيزياء والكيمياء والأدب والسلام ثم الاقتصاد سيظل مقررا بين 5 و12 أكتوبر/تشرين الأول
وقالت متحدثة باسم مؤسسة نوبل إن مأدبة نوبل ألغيت آخر مرة عام 1956 لتجنب دعوة السفير السوفياتي بسبب قمع الثورة المجرية.
ومنحت جائزة نوبل للآداب 110 مرات منذ عام 1901 وحتى الآن، حيث لم تمنح في ٧ أعوام في ظروف الحربين العالميتين أو بسبب اتهامات بسوء السلوك الجنسي عام 2018. وفي ٤ مرات اقتسم الجائزة كاتبان كما حصل عام 1904 عندما توج بها الأديب الفرنسي فريدريك ميسترال والإسباني خوسيه إيشغاراي.
جدل هاندكه
وإلى الجنوب من ستوكهولم السويدية تجدد الجدل في جمهورية البوسنة والهرسك الاتحادية حول الفائز بجائزة نوبل للآداب لعام 2019 بيتر هاندكه، بعد الإعلان عن قرب الانتهاء من نحت تمثال لهاندكه في بانيا لوكا، المدينة الرئيسية في "جمهورية صرب البوسنة" (تحظى بحكم ذاتي)، ويعرف هاندكه بإنكاره الإبادة الجماعية في سربرينيتسا.
وقال الفنان بويان ميكوليتش إنه يتوقع إنهاء التمثال في سبتمبر/أيلول للكاتب البالغ من العمر 77 عامًا، والذي اشتهر بدعمه الرئيس الصربي الراحل سلوبودان ميلوسوفيتش وإنكاره أن مذبحة عام 1995 في سربرينيتسا كانت بمثابة إبادة جماعية.
وقال موقع شبكة البلقان لإعداد التقارير الاستقصائية (BIRN) إن تمثال هاندكه لن يوضع في منطقة عامة في المدينة، وقال عمدة المدينة للشبكة إن المجلس المحلي لبانيا لوكا لا علاقة له بالتمثال ولم تخطر السلطات ببنائه.
من جانبه قال ميكوليتش إنه يعتزم الانتهاء من نحت التمثال -الذي يبلغ ارتفاعه 220- في سبتمبر/أيلول المقبل، مؤكدا أنه غير مهتم بالجدل السياسي المحيط بهاندكه.
وأعرب حسن نوهانوفيتش أحد الناجين من المجزرة -الذي قُتل والداه وشقيقه في يوليو/تموز 1995- لشبكة البلقان عن انزعاجه الكبير من الأمر، وهو الرأي الذي يوافقه فيه العديد من البوسنيين والكروات بحسب الشبكة.
وأثار منح الأديب النمساوي بيتر هاندكه المعروف بتأييده التيار اليميني الصربي المتطرف منذ التسعينيات جائزة نوبل للآداب لعام 2019 جدلاً واسعاً، وتسببت كتابات هاندكه حول الحروب اليوغوسلافية وانتقاده لتدخل حلف الناتو والحملة الجوية ضد جيش جمهورية صرب البوسنة في أغسطس/آب 1995 بعد المذبحة التي راح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص من رجال وصبيان مسلمي البوسنة في مدينة سربرنيتسا، في انتقادات حادة له.
وأصدرت منظمة حرية التعبير (PEN America) بيانا رسميا نهاية العام الماضي يدين اختيار لجنة نوبل، وقالت إنها لا تعلق بشكل عام على الجوائز الأدبية للمؤسسات الأخرى لكونها ذاتية ومعاييرها غير موحدة، ومع ذلك فإن إعلان اليوم لجائزة نوبل في الأدب لعام 2019 لبيتر هاندكه استثناء.
وتابع بيان المنظمة غير الحكومية التي تدافع عن الأدب وحقوق الإنسان وحرية التعبير "نحن نرفض قرار نوبل الذي يحتفي بالبراعة اللغوية لكاتب طالما شكك في جرائم الحرب الموثقة جيدا"، وأضاف أنه في لحظة تصاعد القومية والقيادة الاستبدادية والتضليل الواسع النطاق حول العالم، يستحق المجتمع الأدبي اختيارا أفضل من هذا.
توقعات 2020
ونقل تقرير لصحيفة "إلباييس" الإسبانية عن مصادر من الأكاديمية السويدية أن القائمة الأولية للمرشحين لجائزة نوبل للآداب لهذا العام ضمت عشرات الكتاب، بينهم الروماني ميرسيا كارتاريسكو، والمجري لاسلو كارسناهوركي، والفرنسيان ميلان كونديرا ونينا لوراوي، والفنلندية صوفي أوكسانن، والنرويجي جون فوسي، والكيني نغوغي واث وينغو، والإسرائيلي دافيد غروسمان.
واستقت الصحيفة آراء نقاد وناشرين من البلدان الناطقة بالإسبانية ومن دول أخرى رجحوا أن تعود الجائزة إلى ميرسيا كارتاريسكو، أو لاسلو كارسناهوركي، كما لم يستبعدوا تتويج الإسرائيلي غروسمان، أو الشاعر السوري أدونيس الذي يرد اسمه منذ سنوات.
ويقول الشاعر والمترجم الإسباني باكو أوريز، وهو مختص في الأدب السويدي ومطّلع على كواليس جائزة نوبل؛ "يمكن أن يحدث أي شيء، وأحيانا تكون هناك مفاضلة بين مرشحين اثنين فيتم اللجوء إلى اختيار اسم ثالث لحسم الخلاف".
وبالنسبة للكتاب المرشحين من ذوي الخلفية الأنغلوساكسونية، فيرجح الخبراء -الذين استفتتهم الصحيفة- حظوظ الكندية آن كارسون، والأسترالي جيرالد مورنان، والبريطانيين جون بانفيل والناقد الأدبي جوليان بارنز.
وبالإضافة إلى الكاتب الكيني وينغو، تتجه الأنظار لأسماء أفريقية أخرى، بينها الروائي الصومالي نورالدين فرح (74 عاما)، الذي يعيش خارج بلاده منذ فترة طويلة، والروائية النيجيرية شيماماندا نغوزي أديشي.
وأوردت الصحيفة رأي الكاتب الأسكتلندي ويليام بويد، الذي لمّح لاحتمال تتويج الأديب الإسباني خافيير مارياس، الذي يُطرح اسمه منذ سنوات ضمن المرشحين الأوفر حظا، أو الفرنسي إيريك أورسينا، والأميركيين جوناثان فرانزن وآن تايلر، والأستراليين ريتشارد فلاناغان وبيتر كاري.
من جهته، لم يستبعد الأكاديمي الإسباني ميغيل ساينس من قائمة المرشحين المحتملين هذا العام الكاتب البريطاني ذي الأصول الهندية سلمان رشدي، وقال إن الأكاديمية السويدية ينتابها الخوف من تداعيات تتويجه بسبب الغضب الذي سببته روايته "آيات شيطانية" التي اعتبرت مسيئة للدين في عدة بلدان إسلامية.
كما استقت الصحيفة رأي ناشرة -فضلت عدم ذكر اسمها- قالت إنها تفضل أن تكون الجائزة هذا العام من نصيب الكاتب الأميركي ستيفن كينغ، وعلقت على ذلك الاحتمال قائلة "سيكون الأمر رائعا؛ لقد فعل الكثير من أجل التشجيع على القراءة".
وختم الكاتب خوان كروز مقاله بالقول إنه سواء كان الأمر مراهنة أو تخمينا، فإن لعبة جائزة نوبل باتت مفتوحة من خلال الصخب الأدبي الذي يحتدم في فصل الصيف ويسدل عنه الستار في فصل الخريف، ولا يستبعد أن تكون الجائزة من نصيب كاتب أفريقي.