واقع وآفاق التثاقف والترجمة بين الكورية والعربية بندوة لجائزة الشيخ حمد للتفاهم الدولي
عقد الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة بعنوان "واقع وآفاق الترجمة في كوريا من وإلى العربية" أمس الاثنين 15 يونيو/تموز، وشارك بها عدد من الأكاديميين والمترجمين الكوريين والعرب.
قدم د. موسى جوندو كيم بروفيسور اللغة والثقافة العربية بجامعة ميونغ جي مداخلة بعنوان "تجربة كوريا في الترجمة إلى العربية والعكس.. طبيعة الجهود الرسمية والفردية" تطرق بها إلى تاريخ حضور العربية في كوريا التي دخلت هذا البلد منذ عام 1965.
تبادل ثقافي
ولاحقا بدأت كوريا الجنوبية تأسيس أقسام اللغة العربية والترجمة من الكورية إلى العربية وبالعكس، حتى وصل عدد أقسام العربية إلى 6 أقسام في جميع جامعات البلاد. ويبلغ عدد خريجي قسم الترجمة فيها 220 طالبا سنويا، وبين كيم أن الترجمة في بلاده لا تزال في قيلولة وينبغي السعي نحو إنعاشها كونها أساس التبادل الثقافي بين الشعوب.
وأشار د. كيم إلى جهود وزارة الثقافة في تحسين صورة كوريا في الخارج حيث اهتمت بترجمة حضارة وثقافة البلاد إلى العرب حتى وصل عدد حملة الدكتوراه في العربية 45 كوريا، وتحدث عن ضرورة بذل الجهود الرسمية والفردية لرفع نسبة الترجمة من العربية إلى الكورية، واقترح بناء مجموعة قاعدة بيانات ومناقشة كيفية الترجمة للعربية للمجتمع الكوري، داعيا إلى زيادة عدد المترجمات بين اللغتين. وختم حديثه بأن اختيار الكورية من قبل جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي بمثابة هدية كبيرة للشعب الكوري وفرصة ثمينة لفتح باب تذوق جمال العربية للكوريين.
اعتزاز بالعربية
وقدم أ. د. "لي عن سوب" رئيس تحرير مجلة كوريانا/النسخة العربية بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية في مداخلته " تجربة شخصية في عملية الترجمة من وإلى الكورية وقراءة إحصائية في حجم المترجم من الكورية إلى العربية وبالعكس" وعبر عن اعتزازه بدراسة العربية وتحدث بحميمية عن علاقته بهذه اللغة التي أصبحت بمثابة الهوية القلبية التي يعتز بها.
وأكد سوب حاجة المجتمع الكوري إلى الترجمة التحريرية أكثر من الحاجة لتدريسها والبحث بها، لما للغة العربية من عمق حضاري غني يستحق أن يطلع عليه هذا المجتمع، وخاصة أنه الآن أصبح مجتمعا مختلط الأعراق عكس ما سبق حيث كان وحيد العرق. وبين أن عشرة طلاب تقريبا يتخرجون سنويا من أقسام الترجمة العربية في كوريا.
وأشار الأكاديمي الكوري إلى أنماط الترجمة مؤكدا أنه رغم أهمية الترجمة التحريرية فإن الدارسين يميلون إلى الترجمة الشفوية كونها جاذبة لعدة أسباب منها أن المردود المادي أفضل من الترجمة التحريرية، ولذلك وجه د. سوب دعوة للمؤسسات الرسمية بضرورة دعم الترجمة التحريرية ماديا ومعنويا، وتحدث عن تجربته الشخصية في مجال الترجمة حيث خصص وقتا للترجمة من عام 2000. إلا أن الترجمة التحريرية بطيئة إلى حد كبير وتستغرق سنوات لإنجاز عمل واحد، وهذا ما لا يناسب المشتغلين بهذا المجال كونهم بحاجة لتغطية النفقات وتحسين المعيشة ماديا.
وتحدث سوب عن جهوده الشخصية في جمع فريق من المترجمين للعمل معا في ترجمة بعض الأعمال العربية، إلى أن صدرت مجلة كوريانا التي يترأس تحريرها وهي تابعة لوزارة الخارجية وتتناول 11 لغة، وتعد العربية سابع هذه اللغات التي تترجم لها فنون وحضارة وثقافة الكوريين، بالإضافة إلى الجهود في عدد من المبادرات مثل إصدار دليل المعلمين للترجمة إلى الكورية، وتتضمن عددا من الكوريين الذين يتطوعون لمساعدة من يحتاج إلى الترجمة في سبيل تقديم صورة للعرب متكاملة وحقيقية عن كوريا الجمال والفن والحضارة والمجتمع.
وبين في نهاية حديثه أن الترجمة من العربية إلى الكورية ممتازة إلى حد ما مقارنة من الترجمة من الكورية إلى العربية، حيث ترجمت من الكورية إلى العربية ثلاثة كتب عامة و26 كتابا أدبيا، مشيرا إلى أن هذا الرقم لا يكفي للتدليل على الحضارة الكورية.
قراءة الترجمات
وجاءت المداخلة الثالثة من أ. د. نبيلة يون أون كيونغ، رئيسة قسم اللغة العربية جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، بعنوان "مجالات الترجمة في اللغة الكورية (الأدب/العلوم الإنسانية) وحجم الإقبال على قراءة الأعمال المترجمة العربية" تناولت أهمية الترجمة من العربية إلى الكورية كونها لغة القرآن الكريم واللغة السادسة في منظمة الأمم المتحدة وغيرها من الأسباب الحضارية والفكرية، ودعت إلى ضرورة التعاون بين العالمين العربي والكوري لازدهار الترجمة، كما بينت أن حركة الترجمة في كوريا تشهد في الآونة الأخيرة نموا هائلا.
كما استعرضت د. كيونغ مجالات الترجمة الأدبية والقانونية والمالية مبينة أن حركة الترجمة من العربية إلى الكورية ازدهرت أواخر الثمانينيات بعد فوز نجيب محفوظ حيث ارتفع الإقبال على ترجمة الأدب العربي تحديدا الفلسطيني والمصري.
وتمنت الأكاديمية الكورية أن يتسع مجال الترجمة الأدبية ليغطي مختلف الدول العربية، بالإضافة إلى إشادتها بترجمة بعض كتب أدب التراث العربي. وذكرت أن عدد الأعمال الأدبية المترجمة من العربية إلى الكورية بلغ 30 كتابا، ومن الكورية إلى العربية 40 كتابا، وبينت أن عدد المترجم من العربية إلى الكورية قليل مقارنة بعمق الحضارة العربية وتاريخها العريق.
وركزت كيونغ على ضرورة بذل الجهود للترجمة التي تنقل ما يتناسب الذوق والفكر والحضارة والثقافة التي تروق للكوريين، كما دعت إلى التعاون بين الكوريين والعرب لتعزيز دور الترجمة.
صعوبات وتحديات
وفي المداخلة قبل الأخيرة تحدث الباحث الأردني محمد قوابعة -الذي يحمل درجة الماجستير في اللغة الكورية- عن الصعوبات التي تواجه المترجم العربي في اللغة الكورية التي تصنف لدى بعض الباحثين بأنها معزولة أو فريدة من نوعها، ورغم أنها تتشابه مع المنغولية من حيث الصفات فإنها تظل فريدة.
وقسم قوابعة الصعوبات إلى قسمين: لغوية شكلية وثقافية. وبين أن الكورية تختلف في بنائها الصرفي عن العربية من حيث كونها لغة لاصقة حيث تضاف اللواحق إلى الجذور، كما تختلف في طريقة بناء الجملة والأعداد وغيرها مما يشكل عقبة كبيرة للمترجم إذا لم يتقن اللغتين معا، بالإضافة إلى كون الكورية فيها ما يعرف بالهانجا وهي كلمات وحروف صينية دخلت هذه اللغة، ويقع المترجم في حيرة كبيرة مما يترتب عليه ضرورة معرفة المترجم العربي الصينية بالإضافة إلى معرفته بالكورية. وأما ما يتعلق بالقسم الثاني وهو الثقافي فقد بين أن العربية والكورية تشتركان بالعديد من الخصائص المجتمعية كاحترام وتقدير كبار السن وغيرها من المتشابهات.
جائزة الشيخ حمد
وفي الختام عرضت د. حنان الفياض المستشارة الإعلامية للجائزة الأهداف والرؤية وآلية توزيع القيمة المالية السنوية، بالإضافة إلى فئات الجائزة وأهمية اختيار الكورية كواحدة من اللغات الخمس في فئة الإنجاز لهذا الموسم السادس. وبينت أن جائزة الشيخ حمد وجهت اهتمامها هذا الموسم إلى اختيار الفارسية لغة رئيسة ثانية إلى جانب الإنجليزية، واختيار خمس لغات جديدة بفئة الإنجاز وهي: البشتو والبنغالية والسويدية والهاوسا بالإضافة إلى الكورية.
ودعت المستشارة الإعلامية المهتمين للدخول إلى موقع الجائزة من أجل تحميل استمارات الترشيح وغيرها من الفوائد حول طبيعة الجائزة.
واستمع الجميع في ختام الندوة التي أدارها د. عمرو عثمان أستاذ التاريخ الإسلامي بقسم العلوم الإنسانية جامعة قطر والفائز في الموسم الخامس بجائزة الشيخ حمد للترجمة -في ترجمته من الإنجليزية إلى العربية لكتاب "قصور الاستشراق"- إلى عدد من الأسئلة التي تلقتها الجائزة خلال بث الندوة عبر فيسبوك حول تعزيز الجهود لفتح قنوات الترجمة بين العربية والكورية.