بعد انقطاع لعقد ونصف.. مسرح المنصور يعود ليشع ثقافة

15 عاما من الإغلاق
أمام خشبة هذا المسرح مقاعد تسع 350 شخصا، وشهدت أروقته العديد من الأعمال المسرحية منها "العودة" ليوسف الصائغ التي عرضت في سبتمبر/أيلول 1986 و"الباب" للصائغ أيضا ومن إخراج الراحل قاسم محمد، بالإضافة إلى المسرحية الشعبية "بيت وخمس بيبان" من تأليف فاروق محمد وإخراج محسن العلي، وشارك في تمثيلها بهجت الجبوري ونخبة من الفنانين.
ولكن، عانى هذا المسرح ولأكثر من عقد ونصف من الإغلاق بسبب وقوعه في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، التي كانت محظورة على عامة الناس لاحتوائها على مقار حكومية وبعثات دبلوماسية.
وشكل العام الجاري نقلة نوعية لمسرح المنصور، إذ شهد إعادته للحياة مجددا. ولعل ما سرّع ذلك أنه يتمتع بجاهزية عالية ولم تطله يد التخريب كما طالت المعالم الثقافية الأخرى في بغداد وغيرها من المدن العراقية.

الجيل الجديد
استطلاع للرأي أجرته الجزيرة نت واستهدفت شريحة من جيل العقد الأول للقرن 21، وكانت نتائجه أن نحو 96% منهم لا يعلمون الطريق الذي يؤدي إلى مسرح المنصور.
هذا الاستطلاع وضعف الإقبال الجماهيري عليه، أرجع أسبابهما الأكاديمي والمخرج المسرحي الدكتور صميم حسب الله إلى الإغلاق الطويل للمسرح منذ تطويق المنطقة الخضراء بالكتل الكونكريتية، مما أدى في المقابل إلى نسيان الطريق الموصل إليه من قبل الجمهور.
ودعا الدكتور حسب الله في حديثه للجزيرة نت وزارة الثقافة والجهات ذات العلاقة إلى إجراء من شأنه تعريف المواطنين بهذا المسرح، وإرسال مجموعات من الشباب للتعرف عليه.

غياب الرؤية
المسرح كان له تاريخ عريق بوصفه واحدا من المسارح المهمة في بغداد، لكنه حُرم دخوله على المسرحيين، وفقا لحسب الله. أما الآن فقد بات مهيأ تماما لنقل الكوادر والأقسام الفنية التابعة لدائرة السينما والمسرح للمباشرة في وضعه ضمن مقترحات المسارح التي يمكن للفنانين تقديم مشاريعهم فوق خشبته.
وأشار الدكتور حسب الله إلى أن أبرز ما يعيق تطور الحركة المسرحية في العراق وتعثرها هو غياب رؤية الدولة لما يمثله المسرح من مشروع اجتماعي يمكنه المساهمة في تحقيق السلم المجتمعي، فضلا عن أن غياب الرؤية عن المسرح هو نفسه غياب عن أهمية الثقافة العراقية.

مسرح استهلاكي
ما يحدث الآن من محاولات فردية لتطوير الفن المسرحي في العراق غير قادرة على إحداث أي تأثير في المجتمع، خاصة في ظل معوقات إجرائية تقع على عاتق الفنانين أنفسهم.
هذا العجز برره المخرج المسرحي إلى غياب المشروع المسرحي، وضعف العمل على إعادة ثقة الجمهور الذي هجر المسرح بعدما تعرض الفن لهجوم شرس من قبل ما يسمى "المسرح الاستهلاكي" الذي يقدم شكلا هزيلا لا تريد العائلة العراقية التواصل معه.

دور إعلامي
هذا الدور يأتي وسط آمال معلقة لعدد من الفنانين في تطور الفن المسرحي مستقبلا، وذلك لن يحدث بدون إيجاد دعم مادي ومعنوي وإعلامي من قبل الجهات المعنية، لأجل توسيع هذا النشاط واستضافة فنانين عرب للظفر بنهضة قوية تنتشله من واقعه الحالي.
من جهته لفت مدير دائرة السينما والمسرح مازن محمد مصطفى إلى وجود أهمية كبيرة للنهوض بواقع الفن المسرحي بعد عودة الحياة لمسرح المنصور، إذ سيخدم المخرجين المسرحيين في قادم الأيام من خلال احتضان خشبته للمهرجانات الدولية والمحلية.
ورأى مصطفى في حديثه للجزيرة نت أن عودة هذا المسرح ستؤثر إيجابيا على الحركة المسرحية والسينمائية في بغداد.
واحتضن مسرح المنصور بعد إعادة افتتاحه حفلا موسيقيا من التراث الإيطالي، كما احتضن مهرجان الثقافة الكورية لعام 2019. ويأمل القائمون عليه إعادة رونق هذا المسرح عبر إقامة فعاليات بحضور فنانين عرب وأجانب.