ندوة الجزيرة للدراسات: العالم العربي يعيش لحظة تحول تاريخية

خلصت ندوة حوارية نظمها مركز الجزيرة للدراسات أمس الثلاثاء بالدوحة، عن أوجه الشبه ونواحي الاختلاف بين موجتي الربيع العربي، إلى أن دوافع الحراك الجماهيري العربي واحدة ومتشابهة، وتتمثل في البحث عن نظام سياسي لا يستأثر بالسلطة ولا بالثروة.
وعن سمات الموجة الجديدة من الحراك العربي قال مدير ملتقى العلاقات العربية والدولية الدكتور محمد حامد الأحمري، إن ما يميز الحراك الجماهيري الراهن هو صفة الحيوية وتمظهراتها الفكرية والثقافية، وقدرتها على الاستفادة من التكنولوجيا.

الاستبداد قاسم مشترك
ومن جهته، قال مدير إدارة البحوث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور عز الدين عبد المولى، إن حركة التغيير التي بدأت من تونس ثم امتدت لبقية بلدان الربيع العربي، لها جذر واحد، وإن المآلات ستكون واحدة، فالاستبداد هو الجذر الذي تفرعت منه كل الآفات والموبقات، وإن مفتاح الحل هو الحرية.
وأضاف عبد المولى الذي خص تونس بتوصيفه وتحليله إن تونس قطعت شوطا بعيدا في الانتقال الديمقراطي، وأصبح المواطن حرا في اختيار من يحكمه، وثمة قدر معقول من الحرية، وهو ما سيجعل البلاد تتجاوز أزماتها رغم العقبات والتحديات.
أفق الطائفية المسدود
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدوحة للدراسات العليا سعود المولى، إن ما يحدث في لبنان من حراك شعبي قد جاء في موعده، حيث ضاق اللبنانيون ذرعا بطبقة سياسية متضامنة مع بعضها لتحقيق مصالحها بشكل فج، وإن مستوى الفساد قد أصبح لا يطاق، خاصة في بلد مستنزف اقتصاديا، حيث إن حوالي 30% من الشعب اللبناني يعاني البؤس.
وأشار المولى إلى أنه بعد هذا اليأس وذلك الإحباط والظن أن التغيير أمر صعب جاء الجيل الجديد الذي نشاهده في الساحات والميادين ليجدد الأمل.
وعن مطالب الحراك الشعبي في لبنان، قال المولى إن المطالب واضحة، وهو تشكيل حكومة نظيفة، وحل مجلس النواب الحالي، وسن قانون جديد، ولكنه لا يتوقع أن يحدث ذلك بسهولة لأن ميزان القوة في المنطقة يضغط على لبنان.

اللبنانيون نزلوا للشارع بعد أن ضاقوا ذرعا بطبقة سياسية متضامنة مع بعضها لتحقيق مصالحها الخاصة (رويترز)
عقد سياسي جديد
أما عن السودان وحراكه الذي أفضى إلى تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، فقد قال أستاذ الفكر السياسي بجامعة قطر الدكتور التيجاني عبد القادر، إن ثمة جيلا شبابيا جديدا يتميز بوعي وجرأة، وإن حراك السودانيين يشترك مع نظرائه بدول الربيع العربي في دوافعه وبواعثه ومطالبه.
وأضاف التيجاني إنه تجرى حاليا محاولات دؤوبة لتأسيس عقد سياسي وشراكة سياسية جديدة، تشترك فيها الحركات المسلحة، والأمل معقود على أن تقبل هذه الحركات بالدخول في العقد الجديد، وأن يجد زخما ثوريا دافقا ودافئا.
واقع يتشكل
وعن الحراك الشعبي الدائر في العراق راهنا، قال الأكاديمي فاضل البدراني في مداخلة من بغداد عبر القمر الصناعي إن العراقيين ضربوا مثلا رائعا في نضالهم وكفاحهم وتضحياتهم من أجل عراق جديد يقطع مع الطائفية والفساد والمصالح الحزبية الضيقة والتبعية للقوى الإقليمية والدولية الطامعة في خيرات البلاد.
وأشار البدراني إلى أن ما يميز الحراك العراقي هو التمسك بالهوية الوطنية الجامعة والعابرة للطوائف والمذاهب والأعراق، وعبر عن تفاؤله بنجاح الحراك في إسقاط الحكومة وسن قانون انتخابي جديد ولا سيما بعد تغير موقف المرجعية الدينية وتأييدها الواضح للحراك وبعد دخول الولايات المتحدة والأمم المتحدة على الخط.
خبرات تتراكم
أما الحراك الجزائري الذي بدأ قبل تسعة أشهر ولا يزال مستمرا، فقد قال عنه الباحث بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور الحواس تقية، إن الجزائريين يعيشون الموجه الثانية من ربيعهم بعد موجتهم الأولى التي حدثت في التسعينيات وراح ضحية العشرية الدموية التي أعقبته قرابة مئتي ألف قتيل، وقد استفاد الجزائريون من تجربتهم تلك في حراكهم الراهن، حيث أعلنوا أنهم متمسكون بالسلمية مهما حدث.
وقال تقية إن الحراك الجزائري هو الأطول نفَسا في كل بلدان الربيع العربي، ذلك لأنه يدخل شهره التاسع، وهو ما يدل على عزيمة وإصرار المتظاهرين، وسعيهم، دون كلل، نحو تحقيق مطالبهم.
تجارب مستفادة
واختتمت الندوة بتأكيد المتدخلين على حاجة الموجة الثانية من الربيع العربي للاستفادة من تجارب الموجة الأولى وبخاصة فيما يتعلق بتوحيد الصفوف وبناء الثقة والحاجة لبروز قيادات ناضجة وواعية، تقود هذا الحراك لتحقيق مطالب الجماهير في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والمشاركة السياسية.