موسيقى الراي.. شجون الذات من الجزائر والمغرب للعالم

الجزيرة نت-وجدة
في بدايات القرن الماضي لم يكن من تعبير فني في منطقة الشرق المغربي والغرب الجزائري أكثر شهرة من الأغنية البدوية، التي اعتمدت على نصوص الملحون، وكان يطلق على رواد هذه الأغنية الشيوخ، لكن هل كان هؤلاء الشيوخ يتوقعون أن المواويل التي أطربوا بها القبيلة ستكون سببا في ولادة الراي؟
من الشيوخ إلى الشباب
جيل الأربعينيات يتذكر جيدا كلمات أغنية "سعيدة بعيدة والماشينة غالية" (سعيدة بعيدة والقطار غال)، التي أداها جملة من شيوخ ذلك العصر، وتشير بعض الكتابات التي أرخت لهذه الحقبة إلى أن القصيدة من تأليف محمد زروال الذي لقب بالشيخ زروال، لكن الأغنية اشتهرت مع أداء الشيخة الريميتي إحدى شيخات الراي الأولى أو من الجيل المؤسس للراي الذي كان يكنى حينها وفق الكاتب والصحفي الجزائري شهر الدين بالرياح بالفن الوهراني أو الفلكلور الوهراني.
ويضيف الكاتب والصحفي الجزائري في تصريح للجزيرة نت أن الشيخة الريميتي كانت تشكل استثناء في زمنها بالتمرد على التقاليد والخروج عن المألوف، من خلال ما كانت تؤديه من أغان تستحضر المعاش اليومي بكل تجلياته المحرجة في كثير من الأحيان، بل كان ذلك سببا في التمرد حتى على وسطها العائلي.
وفي فترة الستينيات برز اسم آخر هو بوتلجة بالقاسم صاحب الأغنية المشهورة "ميلودة وينت كنت؟"، وهو من الفنانين الذين شكلوا حلقة وصل بين الجيل الأول من رعيل الشيخة الريميتي والجيل الجديد الذي انطلق معه الراي في ولادة جديدة مع بداية سبعينيات القرن الماضي عندما اتفق على أن التعبير الفني الجديد سيأخذ اسم الراي.

الراي الذي نعرف اليوم أو الراي العصري على حد تعبير بالرياح هو الراي الذي كان لعدد من رواده أمثال الشاب خالد واسمه الحقيقي (خالد حاج ابراهيم) دور في انتشاره من خلال إدخال الآلات الموسيقية الإيقاعية كالطبلة، والدرامز وغيرها من الآلات.
وارتبطت الولادة الجديدة للراي بأسماء أخرى شكلت الجيل الأول ما بعد التجديد والانتقال من مرحلة الشيوخ إلى الشباب، منهم الشاب مامي الذي لقب بأمير الراي.
ودائما كانت تقرن وجدة الواقعة على الحدود مع الجزائر في تلك الفترة باسم ميمون الوجدي الذي غنى لها الأغنية الشهيرة وجدة يا النوارة (وجدة يا وردة).
من المحلي إلى العالمية
إذا كان البعض يشير إلى أن الفارق الذي أحدثته الآلة المستخدمة في الراي العصري هي التي منحته إيقاعات سريعة قريبة من الأغنية الغربية، مما سهل انتشار الراي على المستوى العالمي وبالخصوص في دول الجنوب الأوروبي، يرى أيضا الباحث ميمون الراكب أن احتضان بعض الشركات لبعض الأسماء كخالد ومامي في الخارج كان له دور، خاصة بعد تنظيم أول مهرجان للراي في باريس سنة 1987.
وكان للهجرة، حسب نفس الباحث، دور كبير، سواء في توظيف الآلات الموسيقية في الراي أو في نقله إلى الخارج، على اعتبار أن أزمة الاندماج التي تشكلت لدى شريحة واسعة من المهاجرين بسبب سياسات الدول المستقبلة دفعت بهؤلاء المهاجرين إلى تلمس الانتماء إلى الوطن عبر استحضار أغاني الراي.