مئوية مولود معمري.. تطواف في رحاب "الربوة المنسية"

صورة للمشاركين في القافلة الأدبية مولود معمري دار الثقافة رشيد ميموني 23 جويلية 2017
جابت القافلة الأدبية عدة ولايات جزائرية احتفاء بمرور مائة عام على ميلاد الروائي مولود معمري (الجزيرة)

ياسين بودهان/ بومرداس

بعد شهور من التطواف في أنحاء الجزائر اختتمت الاثنين بولاية بومرداس الجزائرية، فعاليات القافلة الأدبية مولود معمري صاحب رواية الربوة المنسية، بعد أن جابت عدة ولايات جزائرية احتفاء بمرور مائة عام على ميلاد الشاعر والروائي الأمازيغي الجزائري مولود معمري.

وشارك في القافلة التي جالت في عدة ولايات جزائرية من أهمها جيجل وعنابة وبومرداس، ناشرون باللغة الأمازيغية، ومترجمون، وأساتذة جامعيون، وشعراء من خلال ندوات أدبية، ومحاضرات، ومسرحيات مقتبسة من أعمال الكاتب.

وأعلن رئيس المحافظة السامية للأمازيغية (مؤسسة حكومية تابعة لرئاسة الجمهورية) سي الهاشمي عصاد بأن "هذه الأنشطة تهدف إلى نشر الثقافة واللغة الأمازيغية والتعريف أكثر بالكاتب والأديب مولود معمري من خلال ترجمة أعماله باللغتين العربية والأمازيغية وإعادة نشر بعض منها وعرض أعماله".

مجدد أمازيغي
ومولود معمري أو لمولوذ آث معمّر، كما يطلق عليه باللغة الأمازيغية، هو روائي وشاعر وباحث أمازيغي، ولد في 28 ديسمبر/كانون الأول 1917 بقرية بـ "ثاوريرث ميمون" بمدينة "آيث يني" بولاية تيزي وزو عاصمة الأمازيغ التي تبعد نحو 105 كلم عن العاصمة الجزائر، وقد أدى منع إحدى محاضراته في جامعة تيزي وزو عام 1980 إلى ما سمي بالربيع الأمازيغي.

يوصف معمري بمجدد الهوية الأمازيغية، واشتهر بمؤلفاته المكتوبة باللغة الفرنسية، وكتب العديد من الروايات، منها: "الربوة المنسية" الصادرة عام 1952 و"غفوة العادل" (1955) و"الأفيون والعصا" (1965).

الربوة المنسية
ويشير الكاتب ومدير الثقافة بولاية بومرداس جمال فوغالي إلى أن "مولود معمري هو الذي أسس لما ينبغي أن تكون عليه اللغة الأمازيغية، دفاعا عن التراث، وعن التاريخ، وعن هذه الأنثروبولوجيا" التي تعتبر -حسب حديثه- "جزءا من التراث الثقافي للجزائريين وللأفارقة عموما".

وعن مكانته في المشهد الأدبي الجزائري والعربي، يقول للجزيرة نت إن "معمري يكفيه فخرا أنه حينما أصدر روايته "الربوة المنسية" عام 1952، لاقى إشادة بالغة من عميد الأدب العربي طه حسين، الذي لم يصدق أن جزائريا قد كتب رواية في هذا المستوى من الإبداع والتحكم في اللغة الفرنسية، متجاوزا بذلك أقرانه اللذين هم أصحاب هذه اللغة ذاتها".

وهو ما يعني برأيه أن "الناقد الكبير طه حسين أكد أن لمولود معمري حضوره القوي غربا وشرقا، وهو الحضور الذي ازداد توهجا بعد إصدار روايته الأفيون والعصا ذائعة الصيت، والتي تحدث فيها بعمق أدبي رفيع المستوى عن الثورة التحريرية إبداعا خلاقا، وإنسانا جزائريا متأصلا مؤمنا بهذه الصورة".

وقد أصبحت هذه الرواية فيما بعد علامة فارقة في تاريخ السينما الجزائرية والعربية على حد سواء، حينما حوّلها المخرج الجزائري الكبير أحمد راشدي إلى فيلم ترجم لأكثر من ثماني لغات عالمية كالإسبانية والفرنسية والصينية وغيرها.

مقاومة لغوية
وعن إنتاجه الأدبي، يشير المختص في النقد الأدبي باللغة الفرنسية والأستاذ بجامعة الجزائر محمد شريف غبالو إلى أن "مولود معمري كان غزيرا في الكتابة الأدبية والمسرحية وفي التراث الشعبي".

وكشف للجزيرة نت أن "معمري سجل حضوره القوي كمناضل بالكلمة إبان ثورة التحرير، حيث أبرز من خلال أعماله قوة الشخصية الجزائرية، والتي لا تنتسب إلى الاستعمار، وعمل على تبيين وكشف التناقضات القائمة بين الشعب الجزائري والمستعمر الفرنسي".

لذلك أكد أن "كتاباته الأدبية ساهمت في مقاومة الاستعمار الفرنسي، ورغم أنه كان يكتب باللغة الفرنسية لكنه كان يستخدم هذه اللغة كوسيلة ضد الاستعمار الفرنسي".

وبعد استقلال البلاد استمر نضال معمري بكتاباته وفق رؤية لم يختزلها في الفضاء القبائلي الذي ينتمي إليه، فمعمري برأيه "لم يكن متعصبا جهويا بل كان متفتحا على كامل الجزائر، ويتجلى ذلك من خلال البحوث التي قام بها في عمق الصحراء الجزائرية التي تبعد أكثر من ثلاثة آلاف كلم عن العاصمة الجزائر، وخاصة تلك المتعلقة بالتراث غير المادي الذي يسمى بـ "إهليل قورارة".

ومع اختتام التظاهرة أعلن سي الهاشمي عصاد أن برنامج الاحفتاء بمئوية الكاتب سيستمر خلال العام 2017 من خلال تنظيم 13 تظاهرة أدبية عبر مختلف الولايات الجزائرية مع تمويل ثلاثة مشاريع كبرى أهمها دبلجة فيلمه الأفيون والعصا إلى اللغة الأمازيغية، وإنشاء بوابة إلكترونية تضم كل أعمال ومنتجات الكاتب، مع ترجمة كل أعماله الأدبية الروائية والشعرية إلى اللغة الأمازيغية.

المصدر : الجزيرة