تشييع الفيتوري.. العصفور يرتاح بالمغرب

جنازة محمد الفيتوري (6)
المشيعون يترحمون على الشاعر محمد الفيتوري (الجزيرة)

الحسن أبو يحيى-الرباط

شيّع ثلة من الأدباء والشخصيات والمسؤولين في المغرب الشاعر والدبلوماسي السوداني محمد مفتاح الفيتوري إلى مقبرة الشهداء بالرباط، بعد أن وافته المنية الجمعة الماضية في أحد المستشفيات المغربية عن سن يناهز 85 عاما.

وتقدم الموكب الجنائزي الذي انطلق بعد ظهر أمس السبت من مسجد الشهداء، سفير السودان في المغرب سليمان عبد التواب الزين، ورئيس بيت الشعر في المغرب نجيب الخداري، إلى جانب أفراد من أسرته وعدد من أفراد الجالية السودانية، وعدد من الأدباء والكتاب المغاربة وأصدقاء الفقيد.

حالة قلق عربية
وفي كلمة تأبينية أمام المشيعين، قال الكاتب الصحفي السوداني المقيم في المغرب طلحة جبريل إن الراحل محمد مفتاح الفيتوري يمثل حالة قلق عربية، فقد وُلد بالجنينة غرب السودان، وتربى وعاش في الإسكندرية بمصر، واشتغل بالقاهرة ثم الخرطوم فبيروت، وانتقل بعد ذلك إلى ليبيا، وأنهى رحلته القلقة بالمغرب.

‪نعش الشاعر الراحل‬ (الجزيرة)
‪نعش الشاعر الراحل‬ (الجزيرة)

وكشف جبريل أن الراحل أوصى قيد حياته بأن يدفن جثمانه في أرض المغرب، مضيفا أنه سبق للفيتوري أن شبه -في حديث خاص له- حياته بحياة العصفور "أحطّ على غصن، وأمكث فيه لبعض الوقت، ثم أطير لأحط على غصن آخر"، وعلق جبريل "هكذا عاش حياة قلقة قدمت لنا أعظم ما يمكن أن يكتب من أشعار تدافع عن هذه القارة، وعن الإنسانية، وعن الناس البسطاء، والقيم النبيلة التي عاش من أجلها".

إعلان

من جهته، وصف سفير السودان بالمغرب سليمان عبد التواب الزين الراحل بالرجل المعروف بصوفيته. وقال في تصريح للصحافة "فيه إيجابية وعطاء لأمته السودانية والعربية، ونحن على يقين بأن له بصمة في الشعر العربي الحديث، حيث ظل يمثل -من خلال 28 ديوانا أصدرها قيد حياته- ذلك الرجل المرابط على خط النضال والجهاد، وعلى خط القضية، استطاع أن يكون جزءا من بناء التاريخ الحضاري للأمة العربية والإسلامية وللشعر الحديث في هذا الزمن".

أفريقي وعربي
وقد حضر البعد الأفريقي والعربي في أشعار الراحل محمد مفتاح الفيتوري من خلال دواوين "أغاني أفريقيا" في 1956، و"عاشق من أفريقيا" سنة 1964، و"اذكريني يا أفريقيا" عام 1965.

‪تشييع جنازة محمد الفيتوري‬ (الجزيرة)
‪تشييع جنازة محمد الفيتوري‬ (الجزيرة)

ومن بين الدواوين الشعرية التي أبدعها الشاعر الفيتوري "البطل والثورة والمشنقة" عام 1968، و"سقوط  دبشليم" في 1969، والمسرحية الشعرية "سولارا" سنة 1970، و"معزوفة لدرويش متجول" سنة 1971، و"ثورة عمر المختار" عام 1973، و"ابتسمي حتى تمر الخيل" في 1975، و"عصفورة الدم" سنة 1983، و"شرق الشمس.. غرب القمر" في 1985، و"يأتي العاشقون إليك" سنة 1989، و"قوس الليل.. قوس النهار" عام 1994.

وقد وُلد الفيتوري في السودان في مدينة الجنينة بدارفور من أم سودانية وأب ليبي، ونشأ في مدينة الإسكندرية بمصر، وحفظ القرآن، وانتقل إلى القاهرة حيث تخرج في كلية العلوم بالأزهر الشريف.

وعمل الفيتوري محررا في صحف مصرية وسودانية، وشغل مناصب إعلامية ودبلوماسية، فتم تعيينه خبيرا إعلاميا في الجامعة العربية في الفترة ما بين 1968 و1970، ثم مستشارا ثقافيا في السفارة الليبية بإيطاليا، قبل أن يشغل منصب المستشار والسفير في السفارة الليبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، ثم مستشارا سياسيا وإعلاميا بسفارة ليبيا بالمغرب.

كما عُرف عن الشاعر محمد مفتاح الفيتوري أنه من أشد معارضي نظام جعفر النميري الذي أسقط عنه الجنسية السودانية وسحب منه جواز سفره سنة 1974، قبل أن تقرر حكومة السودان سنة  2014 أن تعيد له الجنسية وتمنحه جواز سفر دبلوماسيا.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان