أدونيس يدعو لإنشاء جبهة علمانية

بدر محمد بدر-القاهرة
أثار الشاعر السوري علي أحمد سعيد (أدونيس) جدلا واسعا بدعوته إلى تجديد تأويل الدين وإحداث قطيعة مع القراءة السائدة له، وقال بندوة في القاهرة إن الدولة الإسلامية قامت على العنف والدماء وإقصاء الآخر، كما دعا إلى إنشاء جبهة علمانية تعيد قراءة الموروث العربي.
وقال في الندوة التي أقيمت الأربعاء بعنوان "تجديد الخطاب الديني" ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب "لا يمكن التجديد والانتقال من مرحلة إلى مرحلة إلا بإحداث قطائع معرفية، ولا أعتقد أن هناك إمكانا لتجديد الدين، لأن هذا يعني أن نأتي بدين جديد، لكننا يمكن أن نغير تأويلنا للدين، وأي نص إذا مر في عقل صغير فإنه يصغر، وإذا مر في عقل كبير يكبر".
واستطرد قائلا إنه لا يجد بين مليار ونصف المليار نسمة مفكرا واحدا يمكن أن يضعه إلى جانب مفكري الغرب الكبار، وإنما هناك فقهاء ليست لديهم ابتكارات بل يقلدون القدماء، معتبرا أن هذه الظاهرة يجب أن تكون الشغل الشاغل لكل عربي مسلم.
وتساءل أدونيس عن المشروع العربي للوقوف في وجه "التطرف الديني"، وقال إن "المتطرفين" لم ينزلوا من السماء بل هم امتداد لتاريخ طويل من العنف الذي لم يتوقف على مدى 14 قرنا، وذلك منذ تأسيس الدولة الإسلامية التي زعم أنها قامت على العنف وإقصاء الآخر (الأنصار في المدينة).
مشروع فكري
وفي نهاية كلمته، طرح أدونيس مشروعا من أربع نقاط، تتلخص الأولى في الدعوة إلى قطيعة مع القراءة السائدة للدين، حيث طالب بقراءة جديدة للدين، وقال "أنا لست متدينا لكني أحترم التدين على المستوى الفردي الذي لا يلزم إلا صاحبه، أما إذا حاول مأسسة الدين فأنا لست معه".
وفي النقطة الثانية، رأى أنه لا بد من تكوين جبهة مدنية علمانية على المستوى العربي تؤسس لقراءة جديدة للموروث العربي، وتؤسس لقيم ومبادئ مجتمع جديد.
أما النقطة الثالثة فتدعو إلى تحرير الثقافة العربية من الوظيفية، بينما يرى أدونيس في النقطة الأخيرة أنه لا مفر من الديمقراطية لأنها ضرورية للحرية وللمساواة.

أين الحل؟
وعلق الأستاذ في كلية الآداب بجامعة المنوفية د. مصطفى أبو طاحون، الذي حضر الندوة، بقوله إن أدونيس يطرح مشروعا مدنيا كأنه يريد من الإسلام أن يمارس من خلال المساجد فقط، وأن يختزل فيكون علاقة خاصة بين الإنسان وربه.
وأضاف أبو طاحون في حديثه للجزيرة نت أن أدونيس ركز على أن فكرة الخلافة شر ينبغي القضاء عليه نهائيا، وإحلال قيم ومبادئ جديدة في البيئة العربية، وهو "أمر يخالف طبيعة الإحياء في العالم الغربي".
ورأى أن أدونيس لم يقدم حلا، وأن كل ما طرحه لا يمكن تطبيقه في أرض الواقع، لأن هناك سلطات سياسية واجتماعية ومؤسسات دينية لا تملك إلا رفض ما طرحه، وإلا فستصبح في مهب الريح، على حد تعبيره.
ومن ناحيته، قال الباحث والناقد د. منير جمعة إن أدونيس لم يقل شيئا جديدا، مشيرا إلى أن أطروحته في هذه الندوة تلخص مشروعه الذي يعيش من أجله، وهو القطيعة المعرفية عموما مع التراث، والذي يقصد به الدين، بحسب قوله.
ورأى جمعة أن أدونيس يريد في الحقيقة الوصول إلى قطيعة مع الدين ذاته، وليس مع مأسسة الدين، أي أن يتحول الدين إلى واقع.
وأضاف جمعة في حديثه للجزيرة نت "عدنا إلى جدلية السؤال عن الدين والدولة، وما هو سياسي وما هو دعوي، وهي أسئلة عقيمة حسمها الواقع، لكن البعض يرفض ذلك ويريد الحرية للجميع إلا للإسلام"، واختتم حديثه بالقول إن من حق كل الناس أن يعبروا عن أفكارهم في الدولة إلا الدين الإسلامي.