صالون الكتاب يواصل استقطاب الشباب والأطفال بفرنسا
تمكن صالون كتاب وصحافة الشباب الذي تحتضنه مدينة مونتراي، جنوب شرق باريس والمعروفة بمهاجريها العرب والأفارقة، أن ترفع التحدي بتحولها إلى تظاهرة ثقافية أوروبية بدأت تخترق النخبة التي تتعالى على أدب الشباب والأطفال، باعتباره إبداعا غير مكتمل المعايير والمواصفات، خلافا لما يحدث في الدول الإنجلوساكسونية.
وصادف تنظيم التظاهرة -التي يشرف عليها المجلس العام لضاحية سان دونيه الشعبية واليسارية تاريخيا- احتفال مسؤوليها بذكرى ميلادها الثلاثين، في ظل إقبال جماهيري غير مسبوق، مما أكد فوز أنصار الأدب الاجتماعي على تحديات وقضايا الشباب والأطفال الذين باتوا ضحايا لثورة الاتصالات في نظر الكثيرين وابتعدوا عن الكتاب الورقي.
لكن مديرة الصالون سيلفي فاسالو نفت ما يقال عن تراجع القراءة لدى الجيل الناشئ، حيث سبق لها أن هاجمت المثقفين والإعلاميين النخبويين الذين يحتقرون أدب الشباب والأطفال في مقال جريء في صحيفة "لوموند"، على حد تعبيرها في حديث للجزيرة نت.
أرقام ناطقة
وبعد خمسة أيام من النشاطات الثرية والمتنوعة، استقطب الصالون -الذي أسدل ستاره مساء أمس الأحد- أكثر من 162 ألف زائر، غصت بهم مختلف الأروقة المؤدية إلى 450 دار نشر فرنسية وأوروبية وإلى عشرات ورش تعلم الصحافة وفنون الرسم والكتابة.
وكان الصالون لا يستقطب عند انطلاقه في العام 1984 إلا بضعة آلاف وبمشاركة حوالي خمسين دار نشر فقط، بينما بات اليوم حقيقة مشرفة لا تحتاج إلى تعليق على حد تعبير فاسالو التي استشهدت بمشاركة أسماء فرنسيين وآخرين عالميين، من أمثال: أستريد لندنغرين وتومي أنجيرير وكلود بونتي وغريغوار سولوتاريف ووماري ديبلوشان ودنيال بيناك وجان كلود مورليفان وسوزان كولان وتيموتي دوفومبيل، فضلا عن جي كي رولنغ صاحبة سلسلة روايات هاري بوتر.
وتمثلت المشاركة العربية الخجولة في حضور كل من الجزائر والمغرب وتونس، كما كان لدار سمير اللبنانية حضور لافت بكتبها النوعية والمنشورة باللغتين الفرنسية والعربية بالتعاون مع دار أكت سود الفرنسية، وبإصدارها أيضا سلسلة "كتاب معاصرون منذ العام 2011″، فضلا عن سلسلة كتب مؤلفين معروفين عالميا مثل رولد داهل.
سمفونية اجتماعية
الجمهور الذي كان يطغى عليه عند نشأة الصالون وجود الشباب العزاب ما زال يتوسع ليصبح سمفونية اجتماعية وأدبية تعكس قمة إيقاع التواصل الإنساني والاجتماعي، وذلك في مشاهد جمعت الآباء والأمهات بالأبناء الذين اصطفوا لشراء كتب جول فيرن ولافونتان وهاري بوتر، ولانتظار توقيع الرسامين الذين صمموا طبعات جديدة من كتب قرأها الأب أو الأم قبل ولادة أبنائهم بأعوام طويلة.
ويبدو أن غلاء الأسعار التي تفرضها صناعة كتب الأطفال يبقى من أكبر التحديات التي فسرت غياب المهاجرين العرب والأفارقة والفقراء المقيمين في مدينة مونتراي، والتي تشتهر بسوقها الشعبي الرخيص، على حد تعبير أحد سكانها الذي لم يُبد اهتماما بصالون الكتب.