الناصرة.. معرض يوثّق سيرة ياسر عرفات بالصور

وديع عواودة-الناصرة
تنظم دارة الثقافة والفنون في مدينة الناصرة داخل الخط الأخضر منذ الجمعة الماضية، معرض صور "سيرة وحصار ياسر عرفات" بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل القائد الفلسطيني التي تحل غدا الثلاثاء.
المعرض الذي تم بالتعاون مع مؤسسة ياسر عرفات يحتوي على عشرات الصور التاريخية من مسيرة الراحل وحصاره داخل المقاطعة عام 2002، ترمز كل منها إلى مرحلة أو قضية أو حلقة في مسيرة القضية الفلسطينية برمتها.
الصور -وبعضها بالأبيض والأسود- تستعرض المسيرة الإنسانية والنضالية لعرفات منذ طفولته في القاهرة حتى مات مسموما عام 2004 في مستشفى فرنسي، وفق تأكيد الرواية الفلسطينية الرسمية.

شقيق وشقيقة
في واحدة من هذه الصور، يقف عرفات طفلا صغيرا وشقيقه فتحي تتوسطهما شقيقتهما خديجة وهم في القاهرة التي انتقلت إليها العائلة قبيل نكبة 1948 من القدس.
وتجمع صورة أخرى الشقيقين عرفات بعد عقود وهما في جيل الشيخوخة قبل رحيلهما بفارق أسبوعين، لكن الابتسامة لم تفارق وجهيهما، وإلى جانبها صورة أخرى للراحل وهو شاب يعتمر قبعة عسكرية.
يمثل المعرض محطات هامة في تاريخ الثورة الفلسطينية المسلحة، ومقتطفات من حياة ياسر عرفات الذي تزوج القضية وتطابقت سيرته بسيرتها منذ شارك في تأسيس وقيادة حركة التحرير الوطنية (فتح).

مع الفدائيين
ومن بين صور المعرض، تبرز صور عرفات مع الفدائيين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وهو يتفقدهم في معسكراتهم ويتقاسم معهم الرغيف، وكذلك مع أبناء وبنات الشهداء.
وتذكّر الصور الفوتغرافية بلقائه مع قيادات فلسطينية وعربية وعالمية منها الشاعر الراحل توفيق زياد، ومع رفيقي دربه صلاح خلف (أبو إياد) وخليل الوزير (أبو جهاد) والقائد الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا.
كما تجمعه صورة مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وغيره من الشخصيات التي التقاها وهو يجوب أصقاع الأرض من أجل أن تكون فلسطين حرّة.
وفي القسم الآخر من المعرض الذي زاره المئات في اليوم الأول من افتتاحه، تستحضر عشرات الصور رواية الحصار الذي فرضه رئيس حكومة إسرائيل أرييل شارون على عرفات داخل مبنى المقاطعة في رام الله.
ولتذكير الجيل الشاب بالمحطة الأخيرة للقائد الفلسطيني الراحل، يروي فيلم تلفزيوني رواية الحصار يوم حُرم عرفات ومرافقوه والمتضامنون الأجانب معه من شروط الحياة الأساسية في محاولة إسرائيلية لإخماد الانتفاضة الثانية.
وتوثق الصور القائد الفلسطيني وهو يقرأ ويكتب على ضوء الشموع بعدما قطع جيش الاحتلال التيار الكهربائي عن المقاطعة.

إحياء الذكرى
ذلك الحصار الذي أضعف جسد عرفات المعتل لم ينل من معنوياته، حيث توثق الكاميرا صلابته وهو يتمسك بشارة النصر مطلا بكوفيته الرمزية وبوجه يوحي بالإصرار على الصمود.
وتم اختيار عشرات الصور المعروضة من بين آلاف الصور في أرشيف مؤسسة ياسر عرفات، وزينت جنبات قاعات العرض بنصوص وأشعار وطنية من تأليفه.
وردا على سؤال الجزيرة نت، أشار أمين المعرض فريد أبو شقرة إلى أن مؤسسة ياسر عرفات هي التي اختارت الصور الفوتغرافية للمعرض الذي خلا من بعض محطات السيرة مثل زواجه أو توقيعه اتفاقية أوسلو عام 1993.
لكنه يوضح أن الصور المعروضة على قلتها تكفي لتروي المنعطفات المفصلية في سيرة عرفات ومحاصرته، مبديا أمله بأن يكون قد ساهم قليلا في إحياء ذكرى الراحل.
كما يشير أبو شقرة أن المعرض يهدف إلى توطيد التواصل بين الفلسطينيين على شطري الوطن، مشددا على أن عرفات رمز وطني جامع لكل الشعب الفلسطيني.
الفكرة ذاتها أكدها الدبلوماسي الدكتور ناصر القدوة ابن شقيقة الراحل الذي قال للجزيرة نت خلال زيارته للمعرض برفقة وفد مثقفين من الضفة الغربية إن الشعب الفلسطيني يصون عرفات في ذاكرته الجماعية رغم رحيله، وإن كان يفتقد رمزيته اليوم.
ومن أبرز سمات ياسر عرفات الإنسان -برأي القدوة- كونه حنونا وكريما ومحبا، وقد "ظل ملتزما بالفرائض الدينية وصلبا في قناعاته حول التعددية وقبول الآخر"، مشيرا إلى أن عرفات لو بقي على قيد الحياة لتم احتواء الانقسام الداخلي، أو ربما لم يكن لهذا الانقسام أن يحصل.
ويوضح إبراهيم مزين من مؤسسة ياسر عرفات أن هناك نحو 15 ألف صورة للراحل في أرشيف المؤسسة يتم العمل على التثبت من حقوق نشرها.
كما يكشف مزيّن للجزيرة نت عن إطلاق مؤسسة ياسر عرفات مبادرة جديدة بعنوان "شاركنا صورتك مع أبو عمار" لجمع المزيد من صور الراحل.