اتحاد كتاب المغرب في دوامة الأزمة

المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب أثناء أحد الاجتماعات
undefined

إبراهيم الحجري-الدار البيضاء

 
يتساءل الرأي العام المغربي باهتمام بالغ عن مصير أعرق منظمة تمثل المثقفين والكتّاب المغاربة، خاصة بعد تأجيل مؤتمره أكثر من مرة، لأكثر من سبب، عقب العواصف التي هزت بيت الكتّاب المغاربة من الداخل وأثرت سلبيا على صورته بوصفه منظمة مستقلة، ديمقراطية وتقدمية، إلى درجة أن كثيرين تنبؤوا بنهايته.
 
فقد أُقيل رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الحكيم عقار الذي انتخبه المؤتمر بأغلبية أعضاء المكتب المركزي، وقدم البعض استقالته. وتخلف كثير من الأعضاء عن تجديد اشتراكاتهم، في حين تولى الكاتب عبد الرحيم العلام قيادة سفينة الاتحاد في منعطف صعب.

وقد تراجع الدور الريادي الذي كان يقوم به الاتحاد في المشهد الثقافي المغربي بشكل ملحوظ، وأصبح تابعا لجهات حزبية أو حكومية، وتلاشى تدريجيا صوته الحر الناطق بحال الكتاب والمبدعين والمثقفين مركزيا وجهويا، كما يرى الكثير من الكتاب.

ومن المعروف أن اتحاد كتاب المغرب خرج من معطف اتحاد كتاب المغرب العربي في بداية ستينيات القرن الماضي، لكنه استقل عنه في أواسط السبعينيات.

 
‪‬ مصطفى لغتيري: الأحزاب المعارضة تنكرت للاتحاد عندما شاركت في الحكم(الجزيرة)
‪‬ مصطفى لغتيري: الأحزاب المعارضة تنكرت للاتحاد عندما شاركت في الحكم(الجزيرة)

أزمة عميقة
ويرجع الكاتب مصطفى لغتيري في حديثه للجزيرة نت الأزمة العميقة لاتحاد كتاب المغرب إلى الارتباط الوثيق للاتحاد بأحزاب المعارضة التاريخية، وخاصة اليسارية منها، التي استغلت الاتحاد كثيرا حينما كانت في المعارضة، وصرفت عبره الكثير من مواقفها، حتى إن البعض اعتبر الاتحاد منظمة موازية لها، وحينما وصلت هذه المعارضة إلى الحكم تنصلت من مسؤولياتها تجاه الاتحاد وتخلت عنه وتركته يتخبط في مشاكله.

أما الكاتب سعيد يقطين فيؤكد أن الجزء الأكبر من أزمة اتحاد كتاب المغرب يعود إلى الكتّاب أنفسهم الذين يصوتون لمن يضمن لهم أكبر قدر من الامتيازات، في حين يبقى الجزء الآخر من صنع الأحزاب التي لا تفكر إلا في تسجيل حضورها، وغالبا ما تطبخ قائمة المكاتب المركزية المتعاقبة في ردهات الحزب، ومن البديهي أن يصيب الاتحاد ما يصيب الأحزاب من وعكات، حسب تعبيره.

إعلان

ويرى يقطين أن الاتحاد صار يضم أجيالا من الكتاب لا يجمع بينهم سوى حمل بطاقة العضوية، التي لا تخول لهم سوى حضور المؤتمرات، في وقت يتوق بعضهم إلى اختطاف لحظات فرح تؤمنها له سفريات الاتحاد.

ويذهب الشاعر جمال الموساوي إلى أن "العاصفة التي تهز خيمة الاتحاد حاليا تنبثق أساسا عن رغبة بعض أعضاء المكتب المركزي في "الاستحواذ" على "المناصب" الأساسية.

إكرام عبدي: الاتحاد تمكن طوال عقود من مراكمة رصيد نضالي هام(الجزيرة)
إكرام عبدي: الاتحاد تمكن طوال عقود من مراكمة رصيد نضالي هام(الجزيرة)

تاريخ حافل
من جانب آخر أكد عبد الرحيم العلام (الرئيس الحالي للاتحاد) للجزيرة نت أن اتحاد كتاب المغرب "جمعية ثقافية لها رصيدها الرمزي والثقافي والنضالي، ولا تزال تساهم، بشكل فعال، في تنشيط الحقل الثقافي في المغرب وفق الإمكانات البشرية واللوجستية المتاحة، وأيضا وفق الاشتغال بمنطق التطوع، وهذا أمر أساسي في المعادلة".

ويستغرب العلام "المواقف العدمية" للبعض ما دام الاتحاد يحاول، بعد كل مؤتمر، تنفيذ برنامج ثقافي.

أما الشاعرة إكرام عبدي فتؤكد للجزيرة نت هذا الكلام، معتبرة الاتحاد كان ولا يزال "أول مؤسسة ثقافية عتيدة في البلاد، تمكنت على امتداد عقود زمنية خلت من مراكمة رصيد ثقافي ورمزي ونضالي هام".

وترى عبدي أن الاتحاد تمكن من استقطاب العديد من الأسماء الفكرية والثقافية والإبداعية المغربية الجديدة بمختلف توجهاتها وحساسياتها السياسية وتنوع أساليب تعبيرها، كما استطاعت أن تلم شملهم داخل خيمة واحدة.

‪سعيد يقطين: مستقبل الاتحاد رهين بالتفكير الجماعي لإعداد تصور ثقافي جديد‬ (الجزيرة نت)
‪سعيد يقطين: مستقبل الاتحاد رهين بالتفكير الجماعي لإعداد تصور ثقافي جديد‬ (الجزيرة نت)

ضرورة المراجعة
ويذهب الناقد فريد أمعضشو إلى أن حاضر الاتحاد يدعو إلى طرح سؤال الجدوى منه، داعيا إلى إعادة النظر في أسلوب اشتغال هذه المنظمة.

أما عبدي فتؤكد أن العودة إلى البعد المغاربي رهان قد يستند عليه الاتحاد ليكون قادرا على مواكبة التحولات العربية والدولية، ومحاربة الإجحاف والعزلة اللتين يعيشهما الكاتب المغربي.

إعلان

ويعتقد الموساوي أن المؤتمر المقبل للاتحاد يجب أن ينكبّ على الأسئلة الجوهرية انسجاما مع التطورات التي يشهدها العالم العربي. كما يجب التخلي عن ثقافة الريع الثقافي مقابل طرح أسئلة الاستثمار في الثقافة وإنتاجها، وتوسيع دائرة القراءة وترويج الكتاب، وتشجيع تسويق الكتاب المغربي خارج الحدود، والدفاع عن حرية الكتابة والإبداع والرأي.

ويرى سعيد يقطين أن أفق اتحاد كتاب المغرب رهين بالتفكير الجماعي والجاد والمسؤول لإعداد تصور ثقافي جديد، يتناسب مع حجم التحولات الكبرى التي يعرفها المغرب على المستويات كافة، والعمل من أجل ميثاق ثقافي وطني يستعيد به المثقف والكاتب دورهما في المجتمع. وما عدا ذلك، ليس -حسب رأيه- سوى ترقيع لا يحل المشاكل التي تراكمت منذ أكثر من عقد من الزمان.

المصدر : الجزيرة

إعلان