بورتريهات كالدر في متحف بواشنطن
طارق عبد الواحد-واشنطن
بين العديد من المعارض الفنية المتنوعة، الدائمة والزائرة، في "متحف سميثسونيان" بالعاصمة الأميركية واشنطن، يستقطب معرض "بورتريهات لكالدر: لغة جديدة"، للتشكيلي والنحات الأميركي الأشهر ألكسندر كالدر اهتمام الرواد من الأميركيين والسائحين الأجانب، على نحو لافت.
فالمجموعة الفنية من البورتريهات، الثلاثية الأبعاد، المنحوتة بالأسلاك، تقدم مقترحات فنية مدهشة ومبتكرة، رغم أن صاحبها قد رحل منذ 35 عاما.
والمعرض الذي وصف بـ"غير المسبوق" يضم بالإضافة إلى الأعمال الفنية (البورتريهات) مواد توثيقية وصورا وتخطيطات أولية ورسوما كارتونية، مترافقة مع معظم البورتريهات، وهو ما يوفر فرصة قد تكون ضرورية لإجراء مقارنات أولية، ويكشف في الوقت نفسه عن طبيعة التصورات التي وضعها كالدر في الاعتبار أثناء التحضير لإنجاز هذا العمل أو ذاك.
اشتهر كالدر بمزاولة فن "النحت بالأسلاك" وفن "نحت الكينيتك". ويقوم التشكيل الفني في فن "الكينيتك" على مبدأ التوازن بين أجزاء المشغولات المتمفصلة والقابلة للتحرك، إما عن طريق الريح، أو عن طريق محركات خاصة. والمعنى الذي تولده الحركة في هذا النوع من الفن ليس معنى طارئا أو زائدا، بل يقوم في صميم العمل الفني، شكلا ومضمونا.
بورتريهات معلقة
ويعرف كالدر، في هذا السياق، بأنه مخترع فن الـ"موبيل" في العام 1933، وهو أحد أنواع "نحت الكينيتك".
وبالعودة إلى البورتريهات التي يعرضها "متحف سيمثسونيان"، فهي ذات قابلية للتعليق بسقف أو جدار وذات قابلية للحركة، بحيث إن البورتريه يعكس خلال حركته هيئات وتعابير متباينة، كاشفا عن شخصية صاحبه، وهذا يعني أن كل منحوتة تختزن هيئات كامنة متعددة، تتبدى خلال حركة المشغولة أو رؤيتها من زاويا مختلفة.
والميزة الفارقة في الأعمال المعروضة تبرز في قدرتها الكبيرة، وقابليتها الفائقة على عكس ملامح الوجه، موضوع العمل الفني، بطريقة متواصلة ومتمايزة أثناء الحركة، وهو ما يمنح "الوجوه" الحياة، ويثير سؤالا مشروعا حول الفارق الدقيق بين تلك المنحوتات وفن "الرسوم المتحركة".
يذكر أن كالدر كان قد ولد لعائلة فنية في العام 1898 وتميز بنبوغه المبكر وبغزارة إنتاجه وثراء مسيرته الفنية التي امتدت حتى العام 1976. ويعد واحدا من ألمع نحاتي القرن العشرين وأكثرهم تأثيرا في عالم الفن الحديث (مودرن آرت)، وبالإضافة إلى النحت المتحرك، أنجز كالدر الكثير من الأعمال النحتية الثابتة التي ينتصب العديد منها في ساحات مدن العالم المختلفة.
وسام واحتجاج
بعد وفاته بشهرين، منحه الرئيس الأميركي الأسبق جيرالد فورد جائزة "الوسام الرئاسي للحرية"، وهو أرفع تشريف للمدنيين في الولايات المتحدة، لكن ورثته قاطعوا حفل التكريم -وقتها- تضامنا مع الحملة المطالبة بالعفو عن الأميركيين الذين رفضوا الالتحاق بالجيش الأميركي احتجاجا على حرب فيتنام.
وأنشأت عائلته في العام 1987 "مؤسسة كالدر" التي تقوم بالإشراف على كل البرامج والمعارض والاستشارات والندوات الخاصة بتراثه.
يذكر أن أحد أعمال كالدر، الذي يحمل إسم دبليو تي سي (وورلد تريد سنتر)، الذي يعرف بالاسم الآخر: بينت بروبيللر، تعرض للتدمير أثناء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على برجي التجارة العالمي في نيويورك.