"قناديل الجليل" رواية الثورة والحلم

توفيق عابد–عمان
يسلك المشروع الأدبي للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله منعطفا جديدا بصدور روايته الحديثة "قناديل ملك الجليل" التي تضاف لمشروعه "الملهاة الفلسطينية" الذي شمل ست روايات باتت تغطي 250 عاما من تاريخ فلسطين الحديث.
ويقوم نصر الله السبت بتوقيع روايته -ضمن فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب- التي تعيد ترتيب التاريخ النضالي الوطني الفلسطيني والعربي، تزامنا مع الربيع العربي الذي تعيشه شعوبنا العربية، لتبدو شخصية "ظاهر العمر" من أكثر الشخصيات تفردا، لسعيه لإقامة دولة مستقلة تنهض على قيم التسامح واحترام أطياف المجتمع ورفض التوريث.
وتعد "قناديل الجليل" –الصادرة في 555 صفحة عن الدار العربية للعلوم- رواية تأسيسية، حيث تذهب بعيدا في التاريخ الفلسطيني تحديدا بين عاميْ 1689 و1775 وهي الفترة التي شهدت نضال القائد التاريخي ظاهر العمر لإنشاء أول دولة عربية في فلسطين، وقدرته على إقامة علاقات واسعة على المستوى الدولي.
شخصيات

حيث تسجل الرواية قيام "ظاهر العمر" بإقرار الأمن وبعث الحياة اجتماعيا واقتصاديا وعمرانيا وتجاريا، وتوضح تسامحه الديني وسعة أفقه، والتجاء الكثير من الفئات المضطهدة إلى عكا وحيفا والناصرة وطبرية، أثناء فترة حكمه.
ورغم احتواء الرواية على جانب تاريخي فإنها لم تلتهم حكايات الناس اليومية وأحاسيسهم وثقافتهم الشعبية وتصوراتهم للحياة والقدر والموت وعلاقتهم بالطبيعة.
وتتحرك في الرواية شخصيات كثيرة بعضها حقيقي مثل ظاهر العمر وأبنائه، وأخرى ابتكرها الكاتب لتعزيز البناء الروائي بمواقف متنوعة تفسح المجال للتعبير عن الأحداث، والبيئة الاجتماعية، والسياسية، والإنسانية في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن ومصر وإسطنبول على مدى 86 سنة.
وتكمل الرواية السابعة مشروع نصر الله "الملهاة الفلسطينية" الذي يقدم من خلاله فلسطين القرن الثامن عشر الزاخرة بالحياة والبشر والنهوض، نافيا المقولة الصهيونية التي تحدثت عن "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
ثورة وحرية
ومن وجهة نظر أستاذ النقد الأدبي في جامعة اليرموك شمال الأردن زياد الزعبي، فإن "قناديل ملك الجليل" تعد رواية الثورة على الظلم والبحث عن الحرية والعدالة، كما تضيء بؤرة جغرافية تاريخية معتمة من تاريخ فلسطين مستندة لمرجعية وثائقية.

وأضاف -في حديث خاص للجزيرة نت- أن مقدمة الرواية تمتعت ببنية سردية جمالية تمزج بين الواقعي والمتخيل بتقنيات السرد وتوظيف الأسطورة وطرائق القص الشعبي، وظهرت بعدها جمالية الشخصيات وقدرة نصر الله على التعبير عن الرؤى والأفكار الأيديولوجية.
ويرى الزعبي أن سعي الشخصية المحورية "ظاهر العمر" لبناء دولة تقوم على القوة والعدالة والحرية في محيط يحكمه الآخر بالقسوة والظلم والاستعباد، هي صورة لما يمكن تشكله في الوضع الراهن.
كما حملت شخصية "ظاهر العمر" -والحديث للزعبي- رؤية مبكرة لدولة عربية حرة مركزها فلسطين (طبريا وعكا)، تنهض على مبادئ التخلص من الظلم والقسوة والاحتلال، وتسعى لإنشاء أول كيان سياسي في فلسطين.
ويذكر أن مشروع الملهاة الفلسطينية صدر منه "زمن الخيول البيضاء" و"طفل الممحاة" و"طيور الحذر" و"زيتون الشوارع" و"أعراس آمنة" و"تحت شمس الضحى"، إضافة إلى أعمال نصر الله الشعرية والروائية الأخرى التي نالت العديد من الجوائز وترجم عدد منها إلى لغات كثيرة.