"القرصان" في ندوة بمعرض الدوحة
سيد أحمد الخضر-الدوحة
في ندوة حول رواية "القرصان" بمعرض الدوحة الدولي للكتاب، دعا الكاتب والإعلامي القطري عبد العزيز إبراهيم آل محمود إلى الاهتمام بالرواية التاريخية وتوظيفها في استجلاء حياة الخليج قبل اكتشاف النفط.
ورأى آل محمود أن الرواية التاريخية تقدم إلى جانب الإمتاع الأدبي معلومات مهمة للقارئ، خصوصا في ظل تهميش مناهج التاريخ الجوانبَ الإنسانية لصالح النظام السياسي في العالم العربي بشكل عام.
ويضيف أن الرواية التاريخية تشهد زخما كبيرا في الغرب، في حين لم يشتغل عليها سوى قلة في العالم العربي على رأسهم أمين معلوف.
وأشار إلى أن الشخصيات الرئيسة في الرواية التاريخية ينبغي أن تكون حقيقية، في حين يمكن تخيل الشخصيات الثانوية، مما يعني أن هذا النمط من العمل الأدبي ينصهر فيه الواقع بالخيال.
بيد أن آل محمود يقر بأن ندرة المصادر تعوق الرواية التاريخية في العالم العربي، مما دعاه إلى الاعتماد في كتابة "القرصان" على ما سجله الرحالة الغربيون وضباط المستعمر عن ظروف المنطقة وحياة الناس.
جرأة وحذر
وتغوص رواية "القرصان" بجرأة مشوبة بالحذر في تعقيدات الحياة الخليجية والصراعات التي نشبت في المنطقة مع مطلع القرن العشرين.
وترى الأوساط الأدبية أن الرواية – التي يتنامى عليها الإقبال في معرض الدوحة الدولي للكتاب- تسير في حقل ملغوم، وتنزع الغطاء عن حقبة مغلفة بالحساسيات والتناقضات.
ويقف القرصان محمد بن أرحمة وراء معظم المغامرات والمؤامرات التي تحفل بها الرواية، مما يؤشر إلى أن العرب لم يتخلصوا من عقيدة السطو والإغارة حتى وقت قريب، حسب فهم البعض.
وتغيب المرأة بشكل كامل عن تعقيدات وتداعيات الأحداث التي تناولتها الرواية، لأن "صوت النساء لم يعلُ في حقبة تنتمي تاريخيا إلى عصور الانحطاط".
وفي حين ترى أوساط ثقافية أن آل محمود صور البحر على أنه مصدر الشجاعة والاستبسال، ترى قراءات أخرى أن الرواية شيطنت رجال البحر، ووصفتهم بالقراصنة تبعا لتصنيف الغربيين.
ومع أن آل محمود يرى أن الرواية التاريخية ليست عملا توثيقيا بقدر ما تعكس فهما معينا لحقبة محددة، فإن بعض المشاركين أخذ عليه عدم الرجوع إلى مصادر خليجية تقدم وجهات نظر مغايرة للأحداث التي عالجتها رواية "القرصان".
حقبة ثرية
وتقول رئيسة قسم الأدب الإنجليزي واللسانيات بجامعة قطر منيرة الغدير إن الرواية حرية بالاحتفاء، حيث استنطقت مكنونات حقبة ثرية، وأعطت وجهة نظر مغايرة لتصور الغرب للجوانب الإنسانية في مجتمعات الخليج.
وتضيف الغدير -في تصريح للجزيرة نت- أن آل محمود دشّن في روايته نمطا جديدا في الأدب الخليجي، لأن القرصنة رغم ثرائها غابت عن أقلام الكتاب والروائيين.
ومن جهته يقول أحمد الكواري -وهو أحد المشاركين في الندوة- إن الرواية أجابت على العديد من الأسئلة المعلقة، وأثارت اهتماما كبيرا بتناولها شخصيات ظلت مثار جدل في تاريخ الخليج.
ويتجاوز صدى "القرصان" الفضاء الأدبي الخليجي والعربي إلى الغرب، حيث رأت فيها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عملا متميزا يعكس نضج الساحة الثقافية والفكرية في قطر.
وطالب مشاركون في الندوة بترجمة الرواية إلى اللغة الإنجليزية، للتأكيد على حقيقة أن مجتمعات الخليج لم تخلق مع النفط كما يتصور الغربيون، "فرغم بساطة الحياة فيها فإن لها جوانب إنسانية جديرة بالتدوين".