الأغنية الوطنية والزخم الثوري بمصر

بدر محمد بدر-القاهرة
طالب مثقفون وأدباء وفنانون وموسيقيون مصريون بضرورة الاهتمام بالأغنية الوطنية والثورية، وأشاروا إلى تراجع زمن فن الأغنية الجميل لأسباب كثيرة، حيث لم تفرز المرحلة الحالية على زخمها السياسي والثوري أسماء كبيرة أو إنتاجات مهمة في هذا المجال.
وبالرغم من قيام فنانين كبار وشباب بتقديم أغان لثورة 25 يناير، إلا أنها لم تشكل نمطا واتجاها فنيا، بل ظلت تجارب فردية انفعالية بالحدث، ولم تصبح جزءا من ثقافة المستمعين بشكل عام.

مشروع شامل
وتصدر المشهد الغنائي بميادين الثورة أغاني جيل الكبار، منهم أم كلثوم وعبد الوهاب وسيد درويش وعبد الحليم حافظ والشيخ إمام. وأصوات من جيل الوسط منهم عزة بلبع وعلي الحجار ومحمد منير وهاني شاكر ومحمد ثروت. ومن جيل الشباب غادة رجب وحمادة هلال.
كما كشفت الثورة عن مواهب جديدة غنت لها، منهم محمد عباس وحمزة نمرة ورامي عصام ومصطفى سعيد.
وقد استطلعت -الجزيرة نت- آراء ملحنين ومثقفين وأدباء حول واقع ومستقبل الأغنية الوطنية والملتزمة.
فيرى الموسيقار حلمي بكر أنه من المفترض أننا نعيش لحظة ثورية كفعل يقابله رد فعل بالغناء، كمعبر عن الثورة وشبابها والحالة الثورية نفسها، لكن حين نبحث عن المضمون والكلمة واللحن والصوت وأسلوب الإعلام في التناول، نجد أننا بحاجة إلى منهجية ونمط تعامل جديد، يقوم على تبني مشروع شامل يخطط ويوجه، ويربط بين التجارب ويوحد مسارها وبوصلتها، بما يمكن من ظهور العمل الفني ووصوله إلى الجمهور بمختلف شرائحه بشكل منظم ودائم.
وأكد بكر أن أبرز أسماء زمن الفن الجميل لا زال عطاؤهم متواصلا، ولم نجد إنتاجا إبداعيا جديدا لأسماء غيرهم، "لأننا ظللنا لسنوات نغني للحمار والسطوح، وابتعدنا عن فهم واقع تجاربنا وتراثنا، ولم يعد يكتب الكثير بجدية منذ وقت طويل، وانتشر الكلام الرخيص المبتذل".
وبالرغم من ذلك أشار بكر إلى وجود نماذج جيدة ومبشرة، بزغ نجمها في ميدان التحرير، لكن لا بد أن تطرح أغاني الموهوبين على أرض الواقع لكل الشباب والناس، لتتحول من تجارب فردية إلى تيار ومشروع بملامح ونظام.

حالة تحول
ومن جهته أشار الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة إلى أن الأغنية المصرية نجحت في مراحل متعددة، لأسباب كثيرة أهمها أن المطربين والملحنين تميزوا بثقافة لغوية وفنية وشعرية، وكانوا يدققون في انتقاء كلماتهم، وكانت القصيدة العربية الفصيحة بقمة ازدهارها عند المدرسة الكلاسيكية.
وأضاف أن الثورة بعثت زمن الفن الجميل، القديم والجديد، بأصوات حية، لكن ما زال الوقت مبكرا لتلمس التغير الحقيقي للثورة، سواء في مجال الأغنية أو القصيدة الشعرية أو الحالة الثقافية، فنحن نمر بمرحلة فوران وتحول سياسي، سوف تحدث أثرا عميقا في حركة الغناء والفن المصري في المستقبل القريب.

إنتاج قليل
وبدوره أكد رئيس مركز قبة الغوري للإبداع، الفنان انتصار عبد الفتاح، أن إنتاج الأغنية الراقية قل للغاية، لأنه طالما يوجد إبداع يوجد وطن.
وأشار إلى أنه قبل الثورة لم يكن هناك اهتمام من قبل وزارة الثقافة بالمسرح الغنائي، بالرغم من أهميته في حفظ وتجديد التراث الحي لسلامة حجازي وسيد درويش، مؤكدا إقبال الجماهير المصرية على الأشكال التراثية القديمة الأصيلة.
ولفت عبد الفتاح إلى استمرار حضور الأغنية الوطنية بقوة، لأنها انعكاس للحظة الراهنة سواء قبل أو أثناء أو بعد الثورة. وبرزت خلال ثورة يناير أصوات رقيقة وبسيطة وشجية، وأفرزت مواهب جديدة يمكنها أن تصل بصدق إلى الجمهور.