النحت الأفريقي ذاكرة وتجارة بموريتانيا

9/1/2011
أمين محمد-نواكشوط
يوفر النحت الأفريقي تجارة لعدد من الأفارقة في موريتانيا حيث أصبح هؤلاء يجلبون المنحوتات من بوركينا فاسو والسنغال ومالي إلى أحد أكبر شوارع نواكشوط وأكثرها اكتظاظا بالحركة حيث توجد متاجرهم.
وتؤثث التماثيل والأقنعة ومجسمات الحيوانات ومنحوتات أخرى صنعت من الخشب والعاج والمعدن متاجر عشاق النحت في سوق نواكشوط لتشكل مظهرا من مظاهر الثقافة الأفريقية الزنجية على بعد أمتار من معرض للكتاب العربي ومهرجان للشعر العربي ومحل للصناعة التقليدية في مشهد يعكس التنوع الثقافي لسكان البلاد.
وإذا كانت أغلب معروضات السوق تمثل في المجتمع الأفريقي القديم رموزا روحية للدواخل الوجدانية، فهي الآن مجرد بضاعة يلاحظ بعض المتسوقين كيف ركزت على الأبعاد السلمية من التاريخ الأفريقي كالتماثيل والأواني، مغيبة رموز العنف ربما للإشارة إلى أن القارة لا ترغب في المزيد من الصراعات.
السنغالي جاكا كي التاجر بسوق المنحوتات يرى أن رموز المجسمات واضحة، ولا ينكر البعد المادي لمنحوتاته التي هي وسيلته لكسب المعاش، إلا أنه من جهة أخرى يرى فيها قيمة أكبر من ذلك.

تاريخ وتراث
ويشير كي للجزيرة نت إلى الجمل بين منحوتاته الذي هو سفينة الصحراء -كما يقال- لكن الجمل لم يعبر الصحراء حسيا هذه المرة قادما من مالي أو بوركينا فاسو وغيرها شأن الحيوانات الأخرى وأغلب المنحوتات الموجودة في سوق المنحوتات.
في هذه المرة عبر الجمل إلى موريتانيا في أفكار هؤلاء النحاتة حتى صوروه في بلده "نوق الشط" (يرى البعض أنها هي معنى نواكشوط) فاحتل مكانه ضمن المجسمات المعروضة.
لولا انتعاش السوق بفضل دولارات السياح الذين يزورونه أحيانا لكان الوضع منفرا رغم أن الإقبال من الموريتانيين لا تختص به مجموعة ولا فئة من السكان، وفق أحد تجار النحت، إلا أن الباعة يتحدثون عن ركوده في فترات.
وليس من المفارقة أن يكون منتجعو البوادي وزوار الأرياف الفئة الأكثر اقتناء للصناديق والأقداح الخشبية المعدة للبن المواشي ومثلها، بينما هنالك المعروضات التي قد لا تكون رائجة لدى الموريتانيين خصوصا تلك الروحية.

مظاهر الوثنية
ومع إشادة سك بإبداع الإنسان الأفريقي الذي يعكس النحت ثراء حضارته، يشرح كيف أن موريتانيا لا تضم في شوارعها أي تماثيل ولا نصب شأن دول العالم، معللا ذلك بتخوف الوجدان الموريتاني من مظاهر الوثنية التي كانت سائدة في أفريقيا.
المصدر : الجزيرة